كواليس الزيارات السرية لقادة حماس إلى القاهرة

اسماعيل هنية
اسماعيل هنية

شهدت العلاقة بين الحكومة المصرية وحركة حماس حالة جفاء صاحبها حالة من توتر العلاقات زادت حدتها مع الإطاحة بالرئيس الإخوانى محمد مرسى من منصبه وهو ما كان سببا فى دعم الحركة ذات المرجعية الإخوانية للجهاديين فى سيناء فضلا عن إيواء عدد كبير من المطلوبين من قبل الجهات الأمنية المصرية.. لكن مع مرور الوقت تكشفت الحقائق وبدأت تأخذ العلاقة بين الطرفين منحنى جديدا وضح فى الزيارات المتكررة التى يقوم بها قيادات الحركة إلى القاهرة فى محاولة لعودة العلاقات مجددا إلى سابق عهدها فى ظل تنامى تنظيم داعش الإرهابى خصوصا فى سيناء.
مؤخرا قالت حماس في بيان لها، إن وفدا يرأسه نائب رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، اختتم زيارة إلى مصر، استغرقت عدة أيام، عقد خلالها سلسلة من اللقاءات المثمرة مع المسئولين المصريين.
وأوضحت أنه جرى الاتفاق على استمرار اللقاءات والتشاور المشترك بين الطرفين بشأن التطورات الجارية على صعيد القضية الفلسطينية
ولم تشر حماس إلى موعد وصول وفدها إلى القاهرة، وقالت إن الوفد ضم إلى جانب هنية عضوي المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وروحي مشتهى.
وأكدت الحركة أنه تم عقد سلسلة من اللقاءات، التي وصفتها بالمثمرة، مع المسئولين المصريين، وعلى رأسهم وزير المخابرات العامة المصرية، اللواء خالد فوزي، تم خلالها بحث عدد من الملفات المهمة على الصعيد السياسي.
وتابعت الحركة في بيانها أنه تم بحث ملف المصالحة الفلسطينية، وأوضاع قطاع غزة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وما خلّفه من معاناة شديدة.
وأكدت أنه تم تناول كافة القضايا في ظل ما تمر به المنطقة من أحداث وتفاعلات.
وحسب البيان تم التطرق إلى الوضع الأمني على الحدود بين القطاع ومصر، حيث أكد الوفد على سياسات الحركة الثابتة في علاقاتها مع الدول، وعلى رأسها عدم التدخل في الشئون الداخلية, وجددت الحركة حرصها على الأمن القومي المصري والعربي، والتأكيد على أن دماء المصريين عزيزة على الشعب الفلسطيني.
وقالت حماس إن وفدها استمع إلى رؤية مصر التي شرحها وزير المخابرات تجاه الملفات كافة التي تم تناولها خلال هذه الزيارة, وعبرت حماس عن أملها في أن يكون لهذه الرؤية التي لم تكشف تفاصيلها انعكاساتها الإيجابية على الشعبين المصري والفلسطيني، وعلى القضية الفلسطينية، وسكان قطاع غزة.
ووفقا للمعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام وصل هنية، ووفد مرافق له، قادما من الدوحة، مساء الأحد الموافق 22 يناير، إلى القاهرة، للقاء مسئولين مصريين، بحسب مصدر مقرب من حماس فضل عدم ذكر اسمه, ووفقا للمصدر عاد هنية إلى قطاع غزة عقب انتهاء زيارته إلى القاهرة.
وكانت هناك بوادر لهذا التقارب بين الحركة والقاهرة حيث سمحت السلطات المصرية أن يغادر هنية قطاع غزة في 5 سبتمبر الماضي، عبر معبر رفح البري، الواصل مع مصر، متوجها إلى السعودية لأداء فريضة الحج، قبل أن يتوجه عقب ذلك إلى قطر. وكانت العلاقة بين حماس ومصر شهدت توتراملحوظا منذ الإطاحة بمحمد مرسي،عام 2013.
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها وفد من حماس مصر منذ توتر العلاقات بين الجانبين ،حيث سبق أن زار وفد من الحركة القاهرة في مارس الماضي، للقاء مسئولين مصريين لبحث العلاقة الثنائية بين الطرفين ونتيجة لهذه اللقاءات ترى حماس أن العلاقة مع مصر في الوقت الحالي تشهد تحسنا إيجابيا.
ويرى محللون أن نتائج هذه اللقاءات ستكون سريعة وواضحة،حيث من المؤكد أن تشهد الفترة المقبلة تعاونا أمنيا بين القاهرة وغزة ،في شبه جزيرة سيناء،حيث كان القطاع هو الرئة التي يتنفس بها الإرهابيون ،فهم يحصلون على غالبية المؤن والسلاح من هذه الجهة . ويبدو أن المخابرات المصرية قد طلبت تسليم عدد من الإرهابيين الفارين ،وفي المقابل طلبت حماس التخفيف من معاناة أهل القطاع من خلال فتح معبر رفح لفترات أطول, كما أن حماس تسعى لتوسط مصر من أجل المصالحة الفلسطينية ومن ثم محاولة إعادة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي.
وبالطبع هذا التقارب بين حماس والقاهرة سبب إزعاج لإسرائيل التي كانت ترغب في استمرار التوتر ،حتى تزيد عزلة حركة المقاومة ، لذلك حاول الباحث آفي يسخاروف في مقال له بموقع واللا تسليط الضوء على هذا الأمر ،وكيف تعامل النظام المصري الحالي مع حماس على مدى نحو ثلاثة أعوام ونصف العام.
وأضاف أن الجيش المصري أغلق مئات الأنفاق بين غزة وسيناء، وشن حربا شاملة على عمليات التهريب من مصر إلى قطاع غزة. لكن في الشرق الأوسط الجديد كل شيء ممكن، ويبدو أن مصر عدوة الإخوان المسلمين وهو التنظيم الأم لحماس ،قررت تغيير موقفها وسلوكها تجاه حماس.
وأكد أن هذا الاتجاه الجديد في علاقة مصر وحماس ليس ناجما على ما يبدو عن حب مفاجئ تجاه التنظيم وربما أكثر لأسباب تتعلق بكراهية داعش، بحسب تحليل يسخاروف الذى أوضح أن داعش هي كلمة السر الأولى في هذا التحول.
واشار إلى أن ثمة مقدمات قادت إلى توتر العلاقات بين حماس وداعش في سيناء ،حيث إن إطلاق الجماعات السلفية صواريخ تجاه إسرائيل خلق صداعا كبيرا لدى حماس، خاصة في ظل تصعيد الرد الإسرائيلي في الشهور الأخيرة. لكن التهديد الأهم شهدته الساحة الداخلية بالتأكيد حيث انضم 40 عنصرا على الأقل من حماس في السنوات الأخيرة إلى الجماعات السلفية المختلفة، بعضهم عبر الحدود حيث انضموا لولاية سيناء.
أما أورئيل ليفي، الصحفي في موقع دافار ريشون،فقد قال في مقال له بتاريخ 28 ديسمبر الماضى، إن القاهرة نجحت نتيجة المشاكل الاقتصادية التي تعانيها حماس بفعل الحصار في إثارة المشاكل بين الحركة وتنظيم "ولاية سيناء"، الذي خرج أخيرا ووصف قادة ونشطاء حماس، للمرة الأولى، بـ"الكفرة".
وتبنى الرأي نفسه يوني بن مناحيم، محلل الشئون العربية، في مقاله المنشور على موقع "نيوز1" بتاريخ الأول من يناير الجارى ،حيث قال إنه يبدو أن تغير الاتجاه المصري فيما يتعلق بالموقف من قطاع غزه ناجم عن التغير الذي طرأ على المفهوم الأمني حيال الحرب على الإرهاب في مصر، ومحاولة المنظومة الأمنية المصرية تحسين العلاقات مع حماس سعياً منها إلى إشعال الأزمات بين الحركة وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبين تنظيم داعش بشمال سيناء.
واعتبر بن مناحيم أن حماس رأت ضرورة تغيير سياستها تجاه "ولاية سيناء"، بعد أن أدركت أن مصلحتها العليا تقتضي تحسين علاقاتها مع مصر، لا سيما في ظل توتر العلاقات بين القاهرة والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه تخفيف الحصار على القطاع وتعزيز حكمها. ولفت إلى أن حماس بدأت بحملة اعتقالات واسعة في قطاع غزة ضد المئات من عناصر تنظيمات "السلفية الجهادية" من المناصرين لولاية سيناء.
تم نسخ الرابط