الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
السبت 6 يوليو 2024 02:04 صـ 29 ذو الحجة 1445 هـ
أهم الأخبار

نهاية دولة السفاحين .. الشاطر وبديع وأبوإسماعيل.. أشعلوا النار فى الشارع المصرى لحماية الرئيس الضعيف

سالت الدماء المصرية بصورة أعادت إلي الأذهان فترات التوتر التي سبقت انتخابات الرئاسة وما صاحبها من أحداث في شارع محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو، وبكل أسف سالت الدماء هذه المرة علي بعد خطوات من قصر الرئاسة وتحت سمع وبصر رئيس الجمهورية الذي كان من الواضح أنه يبارك سقوط الضحايا والشهداء.
وبدأ الدم في النزيف في صباح الأربعاء الماضي بعد أن داهمت ميليشيات الإخوان خيام المعتصمين عند قصر الاتحادية ومارست كافة أشكال التنكيل والسحل والضرب لكافة الموجودين عند قصر الاتحادية، وبكل أسف كانت جماعة الإخوان المسلمين وراء تحريك وحشد هؤلاء المؤيدين للرئيس وكانت الأوامر واضحة إليهم لكي يسحلوا كل معارض للرئيس ولقراراته، وكما شاهدنا وسمعنا استمرت عمليات القتل والسحل والضرب للمعارضين حتي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي حيث تحول محيط قصر الاتحادية إلي ساحة حرب شوارع يديرها قادة الجماعة من الخلف وسط تخوفات من امتداد عمليات الكر والفر إلي الشوارع في المحافظات، وارتكب الإخوان جرائم متعددة تجاوزت حدود الضرب حتي وصلت إلي احتجاز وتعذيب عدد كبير من المعارضين للرئيس وقراراته وكانت الأوامر واضحة بتأديب كل معارض دون تفريق بين سفير أو طالب جامعي أو بين سيدات وفتيات وانهالوا ضربا وسحلا حتي سقط شهداء من هنا وهناك ليضيف الرئيس المنتخب عددا جديدا إلي عدد الشهداء تجاوز الثمانية شهداء علي رأسهم الزميل الحسيني أبوضيف المحرر الصحفي بصحيفة «الفجر» الذي تلقي رصاصة خرطوش استقرت في رأسه وهو في حالة موت سريري حتي ساعات مضت.
وانتظر الشارع المصري أن يخرج الرئيس ليوقف نزيف الدم لكنه تأخر كثيرا ولم يخرج للحديث للرأي العام إلا في ساعة متأخرة من مساء الخميس ليلقي كلمة كانت مثل الزيت علي النار.. تحدث الرئيس عن مؤامرة تحاك ضد الرئاسة وضد القصر ووجه اتهامات واضحة لمعارضيه متهما إياهم بتدبير مؤامرات هدفها إسقاط الشرعية، وتجاهل الرئيس الحديث عن الحشود التي تم إرسالها للاعتداء علي المعتصمين والتي كانت هي الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية بين الطرفين وأدت إلي سقوط الضحايا والشهداء من الجانبين، وكان الرئيس غير محايد علي الإطلاق بل إنه كاد يوجه دعوة جديدة لأنصاره ومؤيديه لكي يشعلوا الحرب ضد المعارضة وحملت كلماته اتهامات للقوي السياسية المعارضة واشارات إلي جهات تقوم بتمويلهم!!.. وكان من نتيجة ذلك التحريض وقوع ضحايا جدد للتعذيب والسحل من بينهم النائب السابق محمد أبوحامد الذي تعرض لضرب مبرح، كما بدأت تحركات جديدة يقودها الشيخ حازم أبوإسماعيل لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي وتهديد عدد من الفضائيات والإعلاميين بالتصفية الجسدية، ودعا أبوإسماعيل مؤيدي الرئيس للاعتصام أمام المدينة وتأديب أي معارض للرئيس وقراراته!!.. ومازال أبوإسماعيل يحاصر المدينة وسط المئات حتي كتابة هذه السطور ووصل الأمر لدرجة تصريح المرشح السابق للرئاسة بتهديد المتواجدين عند قصر الاتحادية ومطالبتهم بإنهاء اعتصامهم قبل أن يتوجه إليهم ليفض اعتصامهم بالقوة!!
وظلت تداعيات كلمة الرئيس مرسي تتوالي علي مدار يومي الجمعة والسبت الماضيين لتؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تمارس الديكتاتورية وأنها قررت الدفاع عن الرئيس ظالماً أو مظلوما وارتفعت نبرة التهديد والتصعيد علي لسان كبار قادة الجماعة وممثليها وقاد صفوت حجازي أول تلك التحركات التي خرجت من الجامع الأزهر بعد تشييع جثامين شهداء معركة الأربعاء الدامي حيث قام حجازي بتوجيه اتهامات واضحة للبرادعي وحمدين صباحي وهتف ضدهما في عملية تحريض علنية علي قتلهما واستباحة دماهما وأصبح كل معارض للرئيس مشاركاً في مؤامرة ضد الوطن ويتم تمويله من الداخل والخارج!!
كان باستطاعة مرسي أن يوقف نزيف الدم المصري الذي سال لو أنه خرج للشعب واعتذر عن إعلانه الدستوري الذي رفضته كل القوي الوطنية، كما كان بإمكانه أيضاً أن يمنع مؤيديه من النزول لو كان حريصا بالفعل علي فتح حوار مع معارضيه، لكنه كشف عن حقيقة غير متوقعة وترك مؤيديه ينزلون الشوارع تحت شعار "الشريعة والشرعية" وهو شعار يربط بين تأييد الرئيس وشرع الله وهذا كارثة حقيقية لا يعلم أحد إلي أين ستذهب بنا، إن الشريعة التي يتحدث عنها الرئيس ومؤيدوه كانت تقتضي منع الفتنة ووقف هذا الصراع بين معارضيه ومؤيديه، لكن مرسي اختار أن تظل الفجوة بين أبناء مصر واسعة وحسبنا الله ونعم الوكيل فلو كان هناك مخطط خارجي لتقسيم أبناء مصر لفشل في تحقيق هذا التقسيم الذي حدث بموافقة الرئيس ومستشاريه ومؤيديه بكل أسف.
وفي صباح أمس السبت ظهر مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع من خلال مؤتمر صحفي ليؤكد ما سبق وقاله الرئيس مرسي.. مشيرا إلي أن هناك مؤامرة كبري يتم تدبيرها من قبل المغرضين ضد الرئيس وضد مصر!!.. وقاد عملية تحريض جديدة ضد المعارضين مشيرا إلي أن إحراق مقار الإخوان المسلمين جزء من تلك المؤامرة ومؤكدا أن الداخلية وأجهزة الشرطة لم تتحمل مسئولياتها في حماية تلك المقرات وأن الجماعة كان بإمكانها حماية مقراتها بشكل أفضل!!.. وبعد ساعات قليلة من الظهور الأول للمرشد ظهر "خيرت الشاطر" النائب الأول له لأول مرة أيضا ليؤكد نفس المعني الذي سبق وأكده الرئيس مرسي من أن هناك مؤامرة داخلية وإقليمية كبري لإفشال الإسلاميين وإرباك الرئاسة وأن المؤامرة يقودها من يزعمون المعارضة علي حد قوله، وقوبلت كل هذه التصريحات برفض في الشارع المصري الذي بدأ يستشعر الخطر من تلك اللغة في تخوين المعارضين وتشويه صورتهم.
وكان ظهور المرشد ونائبه لأول مرة في تلك الظروف الصعبة هو آخر أوراق الرئيس الذي عقد حواراً في ظهيرة السبت مع عدد من الإسلاميين وممثلي الأحزاب الهشة والضعيفة بعد امتناع القوي السياسية الفاعلة عن تلبية دعوته للحوار في قصر الرئاسة خاصة أنه لم يقدم أي تنازلات سوي إعلان إمكانية التنازل عن المادة السادسة من الإعلان الدستوري والتي لا تقدم ولا تؤخر وأعلن أن الاستفتاء علي الدستور في موعده الذي تحدد في 15 من الشهر الجاري، ووجدت القوي السياسية أن الحوار سيكون دون فائدة في ظل تمسك الرئيس بالإعلان الدستوري وبتحصين القرارات بل وبتأكيد التمسك بموعد الاستفتاء علي الدستور المرفوض أصلا من تلك القوي.
ووسط كل هذه الأحداث جاء بيان المؤسسة العسكرية المفاجئ والذي نص علي دور المؤسسة في حماية الشعب وعدم ترك البلاد فريسة للفوضي والصراعات السياسية، واهتزت أركان قصر الرئاسة واستشعرت الجماعة الخوف من هذا البيان خاصة أنها كانت تقوم علي مدار اليومين السابقين بالتحريض والحشد لضرب وسحل المعارضين مما يهدد البلاد بحمامات دم يتقاتل فيها المصريون وتسيل دماؤهم، وقالت المؤسسة العسكرية في بيانها شديد اللهجة إن الصراعات السياسية يجب أن تكون بعيدة عن إراقة الدماء، ولكن جاءت تصريحات خيرت الشاطر وكأنها تفتح الطريق من جديد لإراقة تلك الدماء والتحريض ضد المعارضين وهو المعني الذي سبق وأكده مرشد الجماعة والرئيس مرسي نفسه، وحتي الساعات الأولي من صباح اليوم الأحد انتظر الرأي العام المصري ما سوف يسفر عنه اجتماع بعض الموافقين علي الحوار مع الرئاسة بعد امتناع جبهة الإنقاذ الوطني عن الحضور ولكن جاءت النتائج علي غير ما توقع الشارع فألغي الرئيس الإعلان الدستوري لكنه أصر علي إجراء الاستفتاء في موعده وهي النقطة الجوهرية التي اعترض عليها الجميع ممن رفضوا الدستور والجمعية التأسيسية التي وضعته منعزلة عن باقي القوي السياسية التي أعلنت انسحابها.
إن الأمور تسير بالرئيس وجماعته من سيئ إلي أسوأ، اتضح للجميع أن الرئيس لا يحكم بمفرده وأن جماعة الإخوان المسلمين ليست مجرد شريك بل إنها تتحمل مسئولية الدفاع عنه والتصدي لأي معارضة لقراراته، وهذا هو الخطر الذي يحذر منه الجميع لأن هذا الانحياز من الجماعة والتأييد المطلق لقرارات الرئيس وحشد الحشود لتأييدها ساعد في تفريق المصريين وتقسيمهم إلي فريقين متناحرين!!
وإنني اليوم وفي تلك اللحظة الحرجة من مصير هذا الوطن لا أجد ما يمكن أن أصف به ما حدث ولن أستطيع أن أجد كلاما أصف به رئيس دولة يسعي لتقسيم الشعب وترويج روح الكراهية بين أبنائه.
كلمة أخيرة أقولها للسيد الرئيس: دم المصريين الذي سال وسوف يسيل في رقبتك وفي رقبة مؤيديك ولن يغفر لكم التاريخ ما يحدث منذ إعلانك الدستوري.
ولا يسعنا إلا أن نرفع الأكف إلي الله سبحانه وتعالي لكي ينجو ببلادنا من هذا الصراع السياسي وأن يكتب لأبناء هذا الوطن الأمن والاستقرار وأن يجد الفقراء ما يسدون به جوع أبنائهم ويستر أجسادهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
nawy