”عشت حياتي معذبًا ولم أقدم ضحايا جديدة للحياة” هكذا وصف ”شرفنطح” رغبته في عدم الإنجاب..حكاية محمد كمال المصري الذي مات في غرفة مظلمة

الموجز

تحل اليوم ذكرى ميلاد فنان الكوميديا محمد كمال المصري، والملقب بـ "شرفنطح"، وذلك بعد أن لعب دورا يحمل نفس الاسم في إحدى المسرحيات، وتميز الفنان الراحل بخفة ظله وكوميديا الموقف التي ساعدته في تقديمها ملامحه النحيفة، كما قدم العديد من الأعمال الفنية التى تركت علامة بارزة فى تاريخ السينما على الرغم من ظهوره فى الأعمال بأدوار ثانوية.

ولد شرفنطح عام 1886 في حارة ألماظ، وهي إحدى الحارات المتفرعة من شارع محمد علي، لأب يشغل منصبا في الأزهر، وكان يرغب في أن يكون ابنه طبيبا، وبالتالي اهتم بتعليمه حتى ألحقه بمدرسة الحلمية، ليسطع نجمه في فريق التمثيل بالمدرسة، حيث جسد دور "ماسح الأحذية"، وانتزع بهذا الدور ضحكات وتصفيق الحاضرين، ما شجعه في أن يهجر الدراسة ويتفرغ لعالم التمثيل.

قدم "شرفنطح"، العديد من الأعمال الفنية التى تركت علامة بارزة فى تاريخ السينما على الرغم من ظهوره فى الأعمال بأدوار ثانوية، إلا أنه استطاع ترك بصمة في ذهن المشاهد، متميزا بملامحه الضئيلة وأنفه الكبير وعيونه المتسعة وشواربه المهذبه مرتديا الطربوش.

بداية حياته الفنية كانت بفرقة الشيخ سلامة حجازي، وكان دوما يحب أن يقلده سواء في الغناء أو التمثيل ثم انتقل إلى فرقة سيد درويش، وقابل الفنان نجيب الريحاني بعد عمله فترة في المسرح وطلب أن يعمل معه إلا أن الريحاني رفض فقرر "شرفنطح" منافسته.

كون فرقة مسرحية لمنافسة فرقة الريحاني واستأجر مسرحا بالقرب من المسرح الذي يعرض عليه الريحاني أعماله، ومن هنا استغل شخصية "شرفنطح"، لينافس بها شخصية "كشكش بيه" التي اشتهر بها الريحاني، وبالفعل نجحت شخصية "شرفنطح" وحققت نجاحا لدى الجماهير.

وبعد أن ذهب لمشاهدته الريحاني، نشأت علاقة صداقة بينهما لينضم بعد ذلك "شرفنطح" إلى فرقة "الريحاني المسرحية"، ومنها إلى السينما، قدم "شرفنطح" أدوارا مهمة ومميزة للغاية مع العديد من نجوم الكوميديا في السينما واشتهر بأداء شخصية الرجل الماكر والبخيل، وقدم على مدار مشواره الفني العديد من الأفلام السينمائية التي وصلت إلى 40 فيلما.

من أشهر أدواره في السينما دوره بفيلم "حسن ومرقص وكوهين"، الذي كتبه بديع خيري ونجيب الريحاني وعرض الفيلم في عام 1954، وكان يقوم بأداء شخصية مرقص، وتعاون "شرفنطح" مع الريحاني في 3 أفلام سينمائية منذ عام 1937 حتى عام 1947 وهم "سلامة في خير، سي عمر، أبو حلموس".

تغيرت الكوميديا في مصر مع سطوع نجم إسماعيل ياسين، ومع ذلك استطاع "شرفنطح" أن يثبت قدمه ويتعاون مع الفنانين الجدد بهذا الوقت فتعاون مع إسماعيل ياسين في فيلم "عفريتة إسماعيل يس" عام 1954 وقدم شخصية شملول أفندي، وشارك مع محمد فوزي وصباح فيلم "الأنسة ماما" عام 1950، وتعاون مع كوكب الشرق أم كلثوم في فيلم "فاطمة" عام 1947 بأداء دور الأستاذ فصيح، والكثير من الأعمال السينمائية التي أبرزت تفوقه في أداء الكوميديا بشكل مميز.

وكان "شرفنطح" يوافق سريعًا على أي دور يُعرض عليه حتى لو كان صغيرًا، وتزوج محمد كمال المصري، ولكنه لم ينجب وقال في حوار نادر له عن ذلك: "لقد عشت حياتي معذبًا مثقلا بالهموم والمتاعب، فلم أجد معنى لأن أقدم بيدي ضحايا جديدة للحياة.. لم أشأ أن أقذف بنفوس جديدة في بحر الحياة تعاني مثلي الهموم والأحزان، هذا جناه أبي علي.. وما جنيت على أحد".

وفي عام 1955 أصيب بمرض الربو الذي أثر على أدائه ووقوفه أمام الكاميرا، ما جعل الأطباء ينصحونه بعدم العمل، وبالتالي اعتزل الفن، وأنفق كل ما يملك للعلاج، وبدأ يعيش على صدقات جيرانه، حتى قامت نقابة الممثلين بتخصيص معاش له قدره 10 جنيهات، وبعد ذلك حاصرته الأزمات ليقيم في حجرة مظلمة في إحدى حواري باب الخلق.

رحل عن الحياة عن عمر 80 سنة في 25 أكتوبر عام 1966، بعد أن قدم مشوارا كبيرا في مجالي المسرح والسينما وأسس قواعد مدرسة كوميدية مختلفة صار عليها الكثير من الفنانين من بعده، ورغم حرصه الشديد على المال إلا أنه مات مفلسًا.

تم نسخ الرابط