لماذا أصر «محمد على» على هدم الأهرامات ؟
شرع محمد علي باشا، عام 1847م في تشييد القناطر الخيرية ، لتسهيل عملية نقل مياه النيل للمحافظات لزيادة الرقعة الزراعية للبلاد، وخصص أموالاً طائلة لبناء هذا المشروع الكبير ، كما قرر هدم الهرم الأكبر و استخدام أحجاره الضخمة لبناء القناطر و أصدر أوامره للمهندس الفرنسي "لينان" بهدم هرم خوفو ، لكن المهندس الفرنسي عمل على إثناء محمد علي عن قراره حيث ان كميات أحجار الهرم الأكبر ستزيد أربعة أمثال المطلوب لبناء القناطر الجديدة و أن أحجار الهرم الأصغر منقرع لا تكفي للتشييد، و طلب المهندس لينان من القنصل الفرنسي في مصر ان يساعده ، و بالفعل انحاز القنصل بشدة لجهود حماية الهرم علي اساس انه تراث حضاري .
لكن ما دفع محمد علي إلي التخلي عن إصراره لم يكن إلا فكرة وجود بديل آخر ، يمكن أن يوفر 20 مليما ، فقد أقنع لينان الوالي أن تكلفة نقل المتر المكعب الواحد من أحجار الهرم الي منطقة القناطر سيكلف 10 قروش ، أي 100 مليم ، أما تكلفة نقلها من محاجر قريبة من موقع التشييد تبلغ 8 قروش فقط ، أي 80 مليما ، مما سيوفر 20 مليما و هنا فقط تراجع والي مصر عن قرار هدم الهرم الأكبر ، وخصص مبلغاً لشراء الأحجار من طرة ، كما أنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل .
و يروي الباحث في التاريخ شعيب عبدالفتاح، أنه في عام 1848 توفي محمد علي باشا أي بعد عام واحد فقط من وضع حجر الأساس للمشروع ، فخلفه نجله عباس حلمي باشا الأول و الذي كان مؤيدا لفكرة هدم الأهرمات للاستفادة من صخورها في إتمام بناء القناطر ، قائلا :" لا أدري ما الفائدة من وجود تلك الجبال من الصخور المرصوصة فوق بعضها، فاذهب واهدمها واستخدم حجارتها في إتمام عمل القناطر" ، و استعان الوالي عباس باشا الاول بمهندس فرنسي يدعى "موجيل" ، لتأدية ذلك الغرض ، لكن المهندس الفرنسي لم يوافق معللا ذلك بأنه يرتعد رعبا عندما يفكر في ذلك الامر و حذر الوالي عباس من ان يقوم بذلك حتى لا تنعته الاجيال القادمة بهادم الاهرامات، فاقتنع الوالي و صرف نظره عن تلك الفكرة و قرر استكمال بناء المشروع من ميزانية الدولة.