بوتين يكتب مذكراته في مجلة أمريكية.. تفاصيل مثيرة

بوتين
بوتين

اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقال مطول نشره بمجلة "ذا ناشيونال أنترست" الأمريكية، الغرب بتحريف تاريخ الحرب العالمية الثانية، وإنكار تضحيات الاتحاد السوفيتي خلال الحرب.

وبدأ بوتين المقال بملاحظة شخصية بأن حياة عائلته تأثرت بشكل مباشر مثل ملايين مواطني الاتحاد السوفيتي السابق، قائلا: "بالنسبة لوالدي ، كانت الحرب تعني المحن الفظيعة لحصار لينينجراد حيث توفي أخي فيتيا البالغ من العمر عامين، وتمكنت والدته من النجاة بأعجوبة.

ويروي بوتين أن والده تطوع للدفاع عن مسقط رأسه على الرغم من إعفائه من الخدمة العسكرية، وهو القرار الذى اتخذه أيضا الملايين من مواطنى الاتحاد السوفيتى، إذ قاتل في جسر نيفسكي بياتاتشوك وأصيب بجروح خطيرة.

وأضاف بوتين اعتقد أنه من المهم أن يفهم أطفالنا وأحفادنا وأحفاد أحفادنا العذاب والمعاناة التي كان على أسلافهم تحملها، معربا عن ثقته في أن إحدى السمات المميزة للشعب الروسي هي الوفاء بالواجب دون الشعور بالأسف على نفسه، عندما تتطلب الظروف ذلك.

وتابع: "من الضروري أن ننقل إلى الأجيال القادمة حقيقة أن النازيين هزموا أولا وقبل كل شيء من قبل الشعب السوفيتي"، مشيرا إلي أن من المستحيل إنكار ذلك في ظل وجود الوثائق الأصلية التي يمكن العثور عليها ليس فقط في الأرشيفات الروسية، ولكن أيضًا في الأرشيفات الأجنبية.

ورأي بوتين أن الأسباب الجذرية للحرب العالمية الثانية تنبع بشكل أساسي من القرارات التي اتخذت بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تحولت "معاهدة فرساي" إلي رمزا للظلم الشديد لألمانيا، موضحا أن الإذلال الوطني شكل أرضا خصبة لمشاعر الانتقام الراديكالية في ألمانيا، والتى استغلها النازيون بمهارة للعب على عواطف الجماهير وبنوا دعايتهم بتخليص ألمانيا من "إرث فرساي" وإعادة البلاد إلى قوتها السابقة.

ولفت الرئيس الروسي أيضا إلي أن عصبة الأمم خضعت لهيمنة القوى المنتصرة خلال الحرب العالمية الأولى، وانشغلت بمناقشات لا طائل من ورائها، متهما المنظمة والقارة الأوروبية بشكل عام بعدم الالتفات للنداءات المتكررة من الاتحاد السوفيتي لإنشاء نظام أمن جماعي عادل، والتوقيع على ميثاق أوروبا الشرقية واتفاقية المحيط الهادئ لمنع العدوان.

واتهم بوتين الأوروبيين وعلى رأسهم البولنديون، بالرغبة في تحميل الاتحاد السوفيتي وزر الحرب بنفس القدر مع ألمانيا النازية، إذ وقعت ألمانيا والاتحاد السوفيتي اتفاقية سرية لتقاسم أوروبا الشرقية ولاسيما بولندا.

وأكد بوتين أن الاتحاد السوفيتي لم يكن لديه خيار آخر لأن البريطانيين والفرنسيين كانوا قد خضعوا للنازيين خلال اتفاقيات ميونيخ عام 1938، وأن القيادة البولندية كانت قد نسفت فرص قيام تحالف بين باريس ولندن وموسكو، وألقت شعبها تحت مقصلة آلة تدمير الزعيم النازى أدولف هتلر.

واعتبر بوتين أن التشكيك في دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية يساهم في تقويض أسس النظام الدولي المولود عام 1945، حيث تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة.

وأكد الرئيس الروسي أن الحرب العالمية الثانية لم تحدث بين عشية وضحاها، ولم تبدأ بشكل غير مفاجئ، قائلا "كانت العوامل الرئيسية وراء أكبر مأساة في تاريخ البشرية هي الأنانية والجبن واسترضاء المعتدي الذي كان يكتسب القوة، وعدم استعداد النخب السياسية للبحث عن حل وسط.

وتطرق بوتين إلي ما وصفه بـ"تدنيس وإهانة الذاكرة" المتعمد، ضاربا مثلا بالإعلانات التي تحيي الذكرى السنوية الـ75 لنهاية الحرب العالمية الثانية التى تشير إلى جميع المشاركين في التحالف المناهض لهتلر باستثناء الاتحاد السوفيتي.

وأشار بوتين إلي أن حوالي 27 مليون سوفيتي قتلوا على الجبهات والمعتقلات الألمانية، أو ماتوا من الجوع والقصف وفي أفران المعسكرات النازية، لافتا إلي أن الاتحاد السوفيتي خسر 1 من كل 7 من مواطنيه، أما بريطانيا فقد خسرت 1 من كل 127، والولايات المتحدة خسرت 1 من كل 320.

وأكد بوتين "سنتمسك بالحقيقة على أساس الحقائق التاريخية الموثقة ونواصل الحديث بصدق ونزاهة بشأن أحداث الحرب العالمية الثانية"، كاشفا عن مشروع واسع النطاق لإنشاء أكبر مجموعة من السجلات الأرشيفية ومواد الأفلام والصور الفوتوغرافية الروسية حول تاريخ الحرب العالمية الثانية وفترة ما قبل الحرب.

وقال بوتين إن التحريف في التاريخ ، الذي نلاحظه الآن في الغرب ، وخاصة فيما يتعلق بموضوع الحرب العالمية الثانية ونتائجها، أمر خطير لأنها تشوه بشكل فاضح مبادئ التنمية السلمية التي حددها مؤتمرى يالطا وسان فرانسيسكو عام 1945.

وأوضح بوتين أن الإنجاز التاريخي الرئيسي لمؤتمر يالطا كان الاتفاق على إنشاء آلية تسمح للقوى الرائدة بحل خلافاتها في إطار الدبلوماسية، واعتبر أن حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي هو البديل المعقول الوحيد للصراع المباشر بين الدول الكبرى، واصفا الدعوات حاليا لالغاء الفيتو بأنها "غير مسؤولة".

وأشار إلي أن حقيقة أن الحرب الباردة لم تتطور إلى حرب عالمية ثالثة تؤكد أن قواعد السلوك المتفق عليها أثناء إنشاء الأمم المتحدة اسهمت في زيادة تقليل المخاطر وإبقاء المواجهة تحت السيطر، مؤكدا أن مبادئ مجلس الأمن مثلت آلية فريدة لمنع نشوب حرب كبرى أو صراع عالمي.

وفي ختام المقال، رأي بوتين أن جدول أعمال قمة الخمس (تضم الاعضاء الخمس الدائمين بمجلس الامن) التي اقترحها روسيا مهمة للغاية لها وللعالم أجمع، عبر إيجاد إجابات مشتركة للتحديات والتهديدات الحديثة.

وتابع بوتين أنه "بناء على ذاكرة تاريخية مشتركة، يمكننا ويجب علينا أن نثق ببعضنا البعض، مؤكدا "سيكون أساس متين للمفاوضات الناجحة والإجراءات المتضافرة من أجل تعزيز الاستقرار والأمن في العالم".

تم نسخ الرابط