المدير العام للإيسيسكو يدعو المسلميـن إلى الحفاظ على التوازن بيـن التشبث بدينهم وثقافتهم وبين الانفتاح على مجتمعاتهم

 التويجري
التويجري
وجّه الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المديرالعام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- إيسيسكو- ، كلمة إلى الاجتماع السادس عشر للمجلس الأعلى للتربية والثقافة للمسلمين خارج العالم الإسلامي الذي تعقده الإيسيسكو يوم 29 أكتوبر الجاري في مدينة سانتياغو في جمهورية الشيلي ، بالتعاون مع المنظمة العالمية للتنمية، والمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والكاريبي
وأعلن المدير العام للإيسيسكو في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه السيد نجيب الغياتي ، مدير الثقافة في الإيسيسكو في الجلسة الافتتاحية، أن الاجتماع يكتسي أهميةً بالغةً يعكسها جدول الأعمال الذي سنعكف على دراسته واعتماد بنودها، لأن موضوع (تطوير العمل التربوي والثقافي لفائدة المسلمين خارج العالم الإسلامي وآلياته في ضوء التحدّيات الجديدة)، الذي يدور الاجتماع حوله، يعبر عن عمق الإحساس بالمسؤولية التي ننهض بها جميعاً، سواء في نطاق اختصاصات المجلس الأعلى، أو في إطار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي ينتمي إليها.
وأوضح أنّ (البرنامج التنفيذي العشري للمؤسسات التـربوية والثقافية الإسلامية خارج العالم الإسلامي للأعـوام : (2019-2027)، يُعـدُّ خريطةَ طريق للعاملين في هذا المجال الحيوي، تضع أمامهم الخطوط العريضة للمهامّ التي يضطلعون بها، وتحدّد الوظائف التي يتعيّن على كل طرف إنجازَها، وَفـقـاً لطبيعة المهمة المكلف بها. فهذا البرنامج الغنيّ بالمضامين البنّـاءة يصبُّ في تطوير العمل التربوي والثقافي للمسلمين خارج العالم الإسلامي متكاملاً مع الموضوع الرئيس لهذا الاجتماع.
وأشار إلى أن مشروع (مذكرة إطار بشأن آليات التعاون والتنسيق بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمراكز الثقافية والمؤسسات التربوية والجمعيات الإسلامية للمسلمين خارج العالم الإسلامي)، يُعـدّ من المشروعات ذات الأهمية البالغة في سياق المرحلة المقبلة، نظراً إلى أنه يحدّد بدقةٍ وموضوعية، العلاقة بين الطرفين، ويوضّح التـزاماتهما، ويضع الإطار العام المَرِن والمتوازن، للتعاون والتنسيق على جميع المستويات، انطلاقاً من اختصاصات الإيسيسكو من جهة، ومن المهامّ التي تضطلع بها هذه المراكز والمؤسسات والجمعيات، من جهة أخرى.
وذكر أنّ تطوير العمل الذي تقوم به المراكز الثقافية والمؤسسات التربوية والجمعيات الإسلامية في المجتمعات المسلمة خارج الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، تقتضيه طبيعة التحدّيات التي تواجه المسلمين عموماً، خصوصاً في هذه المجتمعات، إنْ على مستوى التربية والتعليم والثقافة، أو على مستوى الاندماج في المحيط العام الذي تعيش فيه، والتكيّف مع المتغيّرات التي تشمل مجالات الحياة كافة، وما يترتّب على ذلك من مضاعفاتٍ تهدّد الهوية والقيم الدينية والخصوصيات الثقافية والمقوّمات الحضارية.
وقال المدير العام للإيسيسكو في كلمته إن هذا الأمر يتطلّب كثيراً من الحكمة والدراية وحسن التدبير، في التعامل مع الواقع المعيش، وبقدر كبير من المرونة وفهمٍ عميقٍ لفقه الأولويات، حتى يتجنّـب العاملون في هذا المجال، الاصطدام مع بعض المعوّقات التي تعترض غالباً طريق العمل التربوي والثقافي والدعوة الإسلامية المستنيرة، والدخول في نزاعات ثقافية معها لا نفع فيها.
ثم أضاف : « بهذا المنهج الحكيم نوفر المناخ المناسب للاضطلاع بالمهام المنوطة بنا، ونقيم جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين مختلف الأطراف وفي جميع الأوساط، ونزرع الثقة فيما بيننا وبين المجتمعات التي نعيش فيها، ونحافظ على هويتنا وخصوصياتنا، ونربّي أجيالنا الناشئة التربيةَ القويمةَ والبانيةَ والقائمة على قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والعيش المشترك مع جميع فئات المجتمع، على اختلاف أصولها العرقية ومعتقداتها الدينية».
وبيَّـن أن المحتوى الفكري والمضمون التوجيهي للبرنامج التنفيذي العشري للمؤسسات التربوية والثقافية الإسلامية خارج العالم الإسلامي للأعوام (2019-2027)، الذي قال إنه وثيقة تأصيلية تأسيسية في غاية الأهمية، ينبغي أن تُـدرس بعناية وتركيز، وأن تكون دليلاً يحمله معهم القائمون على أمور هذه المؤسسات التي تتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
ولـفـت إلى أن المهمة الرئيسة للمجلس الأعلى للتربية والعلوم والثقافة للمسلمين خارج العالم الإسلامي، تُـختصر في أمرين أساسَيْن اثنين؛ هما تربية النشء المسلم على تعاليم الدين الحنيف والثقافة الإسلامية واللغة العربية، وتقوية انتمائه الثقافي والحضاري بالعالم الإسلامي وارتباطه بالمجتمع الذي يعيش فيه وخدمته والتعايش مع مكوناته، وثانيهما نشر الحقائق عن الإسلام والمسلمين، وإظهار قيم الحضارة الإسلامية، وتقديمها في المحافل والمنتديات كافة، والردّ على الشبهات والمغالطات والأراجيف التي يروجها قطاع من الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلمين، مع ما يتطلب ذلك من كفاءات مقتدرة، وإمكانات ووسائل وطرق تربوية مبتكرة، ومناهج ثقافية متطورة، لأن المهمة كبيرة، والمرحلة التي نمر بها دقيقة، كما قال.
وجاء في كلمة الدكتور عبد العزيز التويجري إن عالمنا اليوم في اضطراب وإرباك وقلق يعـمّ الأسرة الإنسانية على المصير الذي ينتظر البشر، وأن العالم الإسلامي يقف خلال هذه المرحلة العصيبة، أمام تحديات لا تزال يَـتَـعَاظَـمُ خطرُها على هوية الشعوب الإسلامية وخصوصياتها الثقافية والحضارية، وعلى المصالح الحيوية لدول العالم الإسلامي كافة، موضحاً أن هذا الأمر يستدعي أن يكون المسلمون، في كل أصقاع الأرض، في المستوى الراقي الذي يَـتَـنَـاسَبُ وعظمةَ دينهم الحنيف، وحضارتهم الإنسانية الزاخرة بالأمجاد، التي غمرت العالم كلَّـه، وأن يكونوا أيضاً في مقدمة العاملين من أجل ازدهار الإنسانية وتطورها وتقدمها، ونشر قيم العدل والسلام والتسامح والتعايش.
وأكدت كلمة المدير العام للإيسيسكو أن المسلمين خارج العالم الإسلامي يتحمّلون مسؤولية ثقيلة، لأنهم يعيشون وسط مجتمعات لها ثقافاتها وأديانها وعاداتها وتقاليدها، مما يحتّم عليهم أن يحافظوا على التوازن بين التشبث بدينهم وثقافتهم واللغة العربية، وبين الانفتاح على مجتمعاتهم، والاندماج فيها، وإثبات حضورهم في جميع الميادين.
تم نسخ الرابط