أهالي الإخلاص بالعمرانية: حياتنا أشبه بحياة الأموات

تشهد منطقة الإخلاص بحي العمرانية التابع لمحافظة الجيزة جريمة إنسانية ممنهجة لقتل مئات الأهالي والأطفال بالموت البطيء بعد ان تركتهم الأجهزة التنفيذية والحكومة فريسة بين براثن الأمراض المزمنة وحياة العشوائيات أحد البيئات الخصبة لانتشار جرائم البلطجة والخطف والاغتصاب.
وعلي الرغم من استغاثات الأهالي المتكررة للجهات المعنية من أجل إنقاذهم وحماية أطفالهم من مياه الشرب التي اختلطت بمياه الصرف الصحي وأصبحت كريهة اللون والرائحة إلا ان القيادات التنفيذية تصر علي غض البصر وصم الأذن عن أنين وصرخات أهالي الإخلاص .
يقول عبدالحكيم نور "مزارع" عندي 5 أبناء وعمري 39سنه ومع ذلك أعاني أمراض جلدية متعددة عجز الاطباء عن علاجها وأصبح الدواء بدون فائدة وهذا حال كثير من السكان بسبب "ترعة الإخلاص" التي تنشر البعوض والحيوانات الضارة داخل المنطقة نتيجة لإلقاء البعض للحيوانات النافقة بداخلها .
وتابع : توجهنا للمسئولين في المحافظة أكثر من مرة وطالبنا منهم "ردم الترعة" وانقاذ الاهالي من الأمراض ولكن لا حياة لمن تنادي وكانت النتيجة هو قيام البعض بـ"ردم الترعة" بالاعتماد علي الجهود الذاتية وترتب علي ذلك خروج الفئران والثعابين التي تنتشر في الترعة علي الأهالي في بيوتهم .
ووجه نور رسالة إلي الحكومة قائلا"ارحمونا..المعيشة صعبة ونعاني الأمرين لتوفير الأكل لأطفالنا فمابالكم بتوفير العلاج"
وقال خضر الساري 25سنه إن منطقة الإخلاص تغرق في بحر من المشاكل أهمها عدم وجود مياه صالحة للشرب وكذلك عدم وجود صرف صحي وبالتالي نعيش في هذه المنطقة حياه غير أدمية ،هذا فضلاً عن انتشار البلطجة والحرمية وتجار المخدرات الذين يرهبون الأهالي في غياب واضح للشرطة داخل هذه المنطقة الأمر الذي وصل لدرجة قيام بعض البلطجية بتقييد شاب وقطع يده للخلاف علي شريط من الأقراص المخدرة.
وتابع: الأيام تمر علينا داخل هذه المنطقة ثقيلة ومحزنة فكل يوم نستيقظ علي مأساة مثل قتل سائقي التوكتوك بعد سرقتهم ووقوع جرائم اغتصاب ،وهناك شعور دائم بالخوف وعدم الأمان .
وأوضح خالد حسن أحد سكان المنطقة أن الأهالي في الإخلاص أصابهم حالة من اليأس والإحباط بعد أن فشلت كل المحاولات والجهود الذاتية لإنقاذهم من المأساة التي يعيشون بها بعد اصرار المسئولين لتجاهل شكواهم.
وقال مع الأسف هذا التجاهل يثبت صحة كثير من التكهنات حول وجود صفقات مشبوهة تتم في الخفاء لصالح حيتان الأراضي بهدف الاستحواذ علي أكبر مساحة من الأراضي هناك بأسعار مخفضة وبعدها تصدر الأوامر لإخراج قرارات تعمير وتطوير هذه المنطقة من الأدراج لتنفيذها لصالح رجال الاعمال ولا عزاء للضحايا من السكان - علي حد قوله.
وأضاف هناك عملية ممنهجة لإخلاء الأهالي من هذه المنطقة من خلال حصارهم بالأمراض المزمنة وانتشار جرائم الخطف والسرقة والإغتصاب هناك مما يجبرهم علي الفرار وبيع منازلهم وأراضيهم بأقل الأسعار.
واستنكر حسن تجاهل القيادات التنفيذية بمحافظة الجيزة لاستغاثات المواطنين ،قائلاً" علي الرغم من تحديد ميزانية لتطوير منطقة الاخلاص منذ بضعة أشهر إلا أن هناك بطء شديد في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحياء هذه المنطقة".
وبسؤاله عن موقف نواب البرلمان من شكاوي المواطنين في دائرة الطالبية ,قال"هناك مصالح مشتركة تجمع بعض نواب الدائرة مع رجال الأعمال المستفيدين من الجحيم الذي يعيشه الأهالي هناك والدليل علي ذلك عدم تقدم أي نائب بطلب إحاطة أو شكوي ضد مشكلة الإخلاص حتي هذه اللحظة داخل البرلمان.
من جانبه استنكر مدحت عبد التواب مؤسس مبادرة الرحمة حلوة بالجيزة المعاناة التي يعيشها الأهالي في منطقة الإخلاص قائلاً"سكان الإخلاص لا يحلمون برصف الطرق أو خفض الاسعار وإنما تقتصر كل أحلامهم وغايتهم في الحصول علي كوب ماء نظيف وحياة أدمية أمنة تنقذهم من الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي والسرطان والأمراض الجلدية التي تحاصرهم وتهدد حياة أطفالهم".
وتابع:علي الرغم أن مأساة الإخلاص علي مرأي ومسمع من جميع القيادات التنفيذية ونواب البرلمان إلا أن هناك تجاهل غير مبرر من جانب المسئولين ،مما يثير العديد من علامات الاستفهام حولهم وخاصة أن هناك بالفعل ميزانية تخصيصها والإعلان عنها لإنشاء بنية تحتية لهذه المنطقة.
وطالب عبد التواب نواب البرلمان عن دائرة الطالبية بوضع مشكلة الإخلاص علي قائمة اولوياتهم والعمل علي حلها في أقرب وقت باعتبارهم يمثلون السلطة التشريعية والرقابية علي الحكومة وأجهزتها التنفيذية .
وقال يجب أن يقدم النواب لأهالي دائرتهم حلول لمشاكلهم ويسعون لمحاسبة المقصرين ومواجهة المسئولين بما يتعرض له المواطنين في منطقة الإخلاص
من جانبه قال الدكتور محمد علي عبد الحميد عضو مجلس النواب عن دائرة الطالبية "منطقه الإخلاص من المناطق العشوائية التي تعاني الكثير من المشاكل مثل انقطاع المياه وعدم وجود صرف صحي ناهيك عن الشوارع غير مؤهله للسير حتي بالاقدام .
وتابع: في اطار سعينا للتطوير ومطالبة الاجهزة المعنية بالمرافق والخدمات والبنية التحتية تقدمنا بطلب لردم مصرف الاخلاص وعدة طلبات اخري منها علي سبيل المثال استكمال البنية التحتية لشبكات الصرف ومياه الشرب وتم اعتماد مبلغ 50 مليون جنيه لتطوير شبكه مياه الشرب والان تم الإنتهاء من 90 % من الاعمال الخاصه بتركيب المواسير الرئيسية وهي المرحله الاولي من المشروع والمتوقع ان يتم الانتهاء من المشروع تماما في منتصف 2018
وأضاف هذا بخلاف مشروعات الصرف الصحي فقد تم الانتهاء من 8 شوارع ويجري حالياً العمل في 5 شوارع رئيسية أخري.
وأشار النائب إلي أنه يحمل في دائرته تركة ثقيلة نتيجة للاهمال الجسيم من العهود السابقه ،مؤكداً أن العشوائية والاهمال في كثير من المناطق بالجيزة يصل إلي عنان السماء .
وقال إن حل هذه المشكلات يعد مسئولية مشتركة بين الاجهزة التنفيذية والمواطنين .
جدير بالذكر أن المحافظة قامت في شهر يونيو الماضي بتوقيع بروتوكول تعاون ادارة الاشغال العسكرية بالهيئه الهندسية للقوات المسلحة على تنفيذ مشروع لتطوير البنية التحتية وتحسين شبكات مياه الشرب والصرف الصحى ببولاق الدكرور والعمرانية بتكلفة إجمالية 85 مليون جنيه. وأوضحت المحافظة أنها تعمل على النهوض بالبنية التحتية للمناطق الأكثر إحتياجاً للتطوير بجميع الاحياء والمراكز والمدن بهدف تحسين البيئة المحيطة بالسكان والمستوى المعيشى لما له من أثر على الصحة العامه ،مشيرة إلي أنه تم تخصيص مبلغ 50 مليون جنيه لمد شبكات جديدة للمياه والصرف الصحي لمنطقة ترعة الاخلاص وارض البحر بالطالبية بحى العمرانية لافتا الى ان المده التنفيذية للمشروع تصل الى 5 شهور من بدء الاعمال.