أسرار وحكايات أحمد الشرع الملقب بالجولاني.. زعيم هيئة تحرير الشام
من هو ابو محمد الجولاني، خلفية غامضة ومسيرة مثيرة للجدل،
حتى عام 2012، لم يكن اسم أبو محمد الجولاني مألوفاً في المشهد السياسي والعسكري السوري، ولكن هذا القائد الذي أطلق "جبهة النصرة" لاحقاً، بزغ كأحد أبرز الشخصيات في الحرب السورية، مستغلاً حالة الفوضى والانقسام بين الفصائل المسلحة، واليوم تُعرض مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار من قبل الولايات المتحدة للإدلاء بمعلومات عنه، بينما يقف في طليعة الأحداث كزعيم لهيئة تحرير الشام، أكبر الفصائل المعارضة المسلحة.
ويرصد الموجز في هذا التقرير نشأة وحياة ابو محمد الجولاني
محطات مؤثرة في حياة أبو محمد الجولاني
وُلد أحمد الشرع، المعروف بـ"الجولاني" في عام 1982 لعائلة ميسورة في السعودية، حيث كان والده حسين الشرع خبيراً اقتصادياً مختصاً في مجال النفط. لاحقاً، عادت العائلة إلى سوريا واستقرت في أحد الأحياء الراقية بدمشق.
وعلى الرغم من البيئة الميسورة، لم يكمل الجولاني تعليمه الجامعي، فبينما تُشير مصادر إلى أنه درس الطب البشري لعامين في جامعة دمشق، تذكر أخرى أنه التحق بكلية الإعلام، وترك الجولاني مقاعد الدراسة لينضم إلى صفوف المقاتلين في العراق عام 2003، متأثراً بخطب الداعية "أبو القعقاع" أو بدوافع شخصية نابعة من الغضب تجاه الغزو الأميركي للعراق.
اختياره اسم "الجولاني" يرتبط بمنطقة الجولان السورية المحتلة التي نزحت عائلته منها إلى دمشق بعد حرب 1967، وهو الاسم الذي استخدمه ليصبح لاحقاً رمزاً لحركته.
تأثيرات العائلة على مسيرة أبو محمد الجولاني
والده حسين الشرع، ذو الخلفية الاقتصادية والسياسية الليبرالية، يُعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة ويعيش خارج سوريا، في كتابه "قراءة في القيامة السورية"، دعا الأب إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على سيادة القانون والمواطنة، ومع ذلك، يبقى من غير الواضح إذا ما كان لهذه الأفكار أي تأثير مباشر على نهج الجولاني، خاصة أنه يُعرف الآن بمواقفه المتشددة وتصريحاته المثيرة للجدل حول التغيير السياسي في سوريا.
البداية في العراق: طريق طويل نحو التطرف
عام 2003، كان الجولاني من بين المتطوعين الأوائل الذين انضموا إلى المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية. تقارير متعددة تشير إلى دور أجهزة الأمن السورية آنذاك في تسهيل عبور المقاتلين. في العراق، انخرط الجولاني مع تنظيم القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، ثم أصبح لاحقاً أحد الشخصيات الرئيسية في "الدولة الإسلامية في العراق".
تم اعتقاله وسجنه لفترة في العراق، حيث التقى بشخصيات بارزة أثرت في تشكيل فكره المتشدد، من بينهم أبو بكر البغدادي الذي سيعينه لاحقاً مسؤولاً عن العمليات في الموصل.
عودة أبو محمد الجولاني إلى سوريا و تأسيس جبهة النصرة
بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، عاد الجولاني إلى سوريا مع مجموعة صغيرة من المقاتلين لتأسيس "جبهة النصرة"، سرعان ما توسعت هذه المجموعة وأصبحت واحدة من أقوى الفصائل المعارضة، مستغلة دعم التنظيمات الدولية والتوترات بين الفصائل المحلية.
في السنوات التالية، انفصل الجولاني عن تنظيم الدولة الإسلامية، مؤسساً هيئة تحرير الشام، ليصبح زعيماً مستقلاً يسعى للسيطرة على المناطق الشمالية من سوريا.
مقابلة مع CNN: محاولة لتحسين الصورة
في مقابلة حديثة مع شبكة CNN، حاول الجولاني تحسين صورته، مؤكداً أنه "مر بتحولات" ولم ينضم إلى القاعدة إلا بسبب الظروف، وأنه لا يتفق مع جميع ممارسات التنظيمات المتشددة. كما دعا إلى "بناء سوريا جديدة"، موجهاً رسائل تصالحية إلى الغرب والأقليات.
الجولاني يدعو إلى حماية المؤسسات العامة ويؤكد: "سوريا للجميع"
أصدر قائد هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، بياناً يوم الأحد شدد فيه على ضرورة الحفاظ على النظام في مدينة دمشق. ودعا قواته إلى الامتناع عن الاقتراب من المؤسسات العامة أو التدخل في إدارتها، مشيراً إلى أنها ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق محمد غازي الجلالي حتى يتم تسليمها رسمياً.
وقال الجولاني في البيان:
"على جميع القوات العسكرية في مدينة دمشق الامتناع تماماً عن الاقتراب من المؤسسات العامة التي ستبقى تحت إدارة رئيس الوزراء السابق إلى حين تسليمها بشكل رسمي. كما نؤكد على ضرورة تجنب إطلاق النار في الهواء أو أي ممارسات تضر بالسلم العام."
رسائل طمأنة للأقليات ودعوة للوحدة
في أول مقابلة تلفزيونية رسمية له، تحدث الجولاني عن رؤيته لمستقبل سوريا، مؤكداً أن البلاد تنتمي لجميع السوريين بمختلف أطيافهم دون استثناء. ووجه رسائل طمأنة للأقليات، مشدداً على حمايتهم وحقوقهم في سوريا المستقبلية.
وقال في المقابلة:
"نحن نخاطب جميع طوائف سوريا، سواء السنة أو العلويين أو الدروز، سوريا ملك للجميع ولن نميز بين مواطنيها كما فعل نظام الأسد، ونحن نؤمن بالعدالة والمساواة بين جميع السوريين."
كما دعا المواطنين إلى الحفاظ على المؤسسات الحكومية ومنع أي أعمال تخريب قد تضر بالبنية التحتية، مؤكداً على أهمية هذه المؤسسات في إعادة بناء الدولة السورية.
تأكيد على الانضباط والتنظيم
من خلال هذه التصريحات، يسعى الجولاني إلى إبراز هيئة تحرير الشام كقوة منظمة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وسط محاولات لتحسين صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
إقرأ أيضاً:
تحركات دولية وإقليمية.. تعرف على آخر تطورات الحرب في سوريا
حـ.ـرب سوريا..إطلاق نـ.ـار في العاصمة السورية وانسحاب القوات الحكومية من مطار دمشق