حرب وفقر وبطالة.. سكان قطاع غزة يتمنون العودة إلى مرحلة ماقبل حكم حماس

الموجز

لم تتوقف الحرب في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي سوى 7 أيام هي مدة الهدنة التى تم الاتفاق عليها بين الطرفين برعاية مصرية قطرية.

وبحسب البيانات التي أعلن عنها المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة قبل أيام فإن القطاع تدمر بشكل كبير لدرجة أنه من الصعب الحديث عن إعادة إعماره حيث أن 50% من المساكن تضررت جراء القصف و40 ألف وحدة سكنية تم هدمها بالكامل بعد إلقاء 32 ألف طن من المتفجرات وأكثر من 13 ألف قنبلة على القطاع.

كما أن 95 مقراً حكومياً تم تدميره علاوة على 255 مدرسة (63 منها خرجت بالكامل عن الخدمة و76 مسجداً مدمراً بشكل كامل و165 مسجداً تضرر بشكل جزئي علاوة على ثلاث كنائس تم استهدافهم و25 مستشفى خرج من الخدمة إلى جانب 52 مركزاً صحياً وتم استهداف 55 سيارة إسعاف.

ويعاني سكان قطاع غزة من مآسي عديدة منذ سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007 حيث بدأت الحركة تؤسس لوجودها السياسي في القطاع بمنع تواجد أي فرد من السلطة الفلسطينية في المؤسسات الحاكمة بالإضافة إلى بناء الانفاق لاختباء مقاتلي الجناح العسكري لها كتائب القسام والتى أنفقت عليها مليارات الدولارات دون النظر إلى البنية التحتية للقطاع وما يحتاج إليه من تنمية ومنشآت تعليمية وفرص عمل .

وركزت حكومة إسماعيل هنية منذ سيطرتها على غزة على الأجهزة الأمنية والقضاء بدلاً من القضايا المدنية والاقتصاد وقامت حكومة هنية بجملة من التعيينات دون الحصول على مصادقة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فكان تعيين مدير الشرطة أول قرار اتخذته حكومة غزة تلاه تعيين أعضاء حماس وجهازها العسكري كمدراء في المؤسسات الحكومية والأمنية .

وتسببت سياسة حماس في التأثير السلبي على القطاع الاقتصادي والصحي والتعليمي والزراعي والذي يعد الشاغل الأكبر للمواطن في غزة كما كان هناك تأثير كبير لاغلاق وحرمان القطاع من المواد الخام وكان وقعه شديداً حيث فقد الآلاف فرص عمل كانت متاحة في القطاع لترتفع نسبة البطالة.

وطوال مدة حكم حماس للقطاع سادت حالات الاحتجاجات الشعبية نتيجة القبضة الأمنية ونظام الجباية والضرائب والجمارك المتصاعدة على المواطنين إضافة إلى استمرار حماس بجمع فاتورة الكهرباء رغم قيام السلطة الفلسطينية بتحمل واجباتها تجاه المواطنين فيما يسود قطاع غزة ارتفاع نسبة البطالة وتمكين ما يقارب من 20 الف عامل فلسطيني من الحصول على تصريح العمل لدى الاحتلال الإسرائيلي وحاول العديد من الشباب البحث عن وسائل الهجرة من قطاع غزة.

واستمرت معاناة المواطنين في قطاع غزة في حين أن قيادات حماس قد غادروا قطاع غزة هم وعائلاتهم إلى تركيا وقطر ولبنان ودول آسيا حيث تمتلك هذه القيادات ليس فقط إمكانية مغادرة قطاع غزة والسفر بل تمتلك إمكانية شراء الشقق والفيلات ويستطيعون الحصول على الجنسية كما حدث في تركيا.

وتسبب صعود الحركة لحكم القطاع في التضييق الاسرائيلي عليه نظرا لانها العدو الأول لإسرائيل حيث أعلن بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين تذرّعاً بنجاح حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006 أن كل سكان غزة ينتمون إلى البنية التحتية الإرهابية لحماس وأنهم متواطئون في البشاعات التي ارتكبتها الحركة ومن ثم فهم أعدائهم وأهدافاً مشروعة للانتقام من حماس.

وقبل أيام من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي أجرت شبكة "الباروميتر العربي" البحثية استطلاع رأي في غزة والضفة الغربية عن أوضاعهم المعيشية ورأيهم في سلطتهم ولا سيما الحركة التي تحكم القطاع

وأجريت الدراسة الاستقصائية بالشراكة مع المركز الفلسطيني للأبحاث السياسية والمسحية ومجلة "فورين أفيرز" الأميركية وبدعم من الصندوق الوطني الأميركي للديمقراطية

وقالت "فورين أفيرز" إن الاستطلاع يقدم لمحة سريعة عن آراء المواطنين الفلسطينيين العاديين عشية اندلاع الصراع الأخير وذلك من خلال إجراء مقابلات وجها لوجه في أماكن إقامة المشاركين.

وتوصلت نتائج البحث إلى أن الغالبية العظمى من سكان غزة تعاني صعوبات اقتصادية شديدة وتشعر بالإحباط بسبب "الحكم غير الفعال" لحماس و44% من المشاركين لا يثقون على الإطلاق في حماس و23% "لا يثقون كثيرا" في الحركة مقابل 29% الذين عبروا عن ثقتهم "بقدر كبير" في حكومتهم

وقال 72% إن هناك قدرا كبيرا (34%) أو متوسطا (38%) من الفساد في المؤسسات الحكومية كما أن أغلب سكان غزة لا يؤيدون أيديولوجية حماس حيث فضل غالبية المشاركين في الاستطلاع (54%) حل الدولتين مع وجود فلسطين وإسرائيل جنبا إلى جنب ويفضل 73% من سكان غزة التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني .

وخلصت "فورين أفيرز" بالقول: "بشكل عام تشير نتائج الاستطلاع إلى أن سكان غزة فقدوا الثقة في حماس ويرغبون في التغيير السياسي".

وتكشف نتائج الاستطلاع أن سكان غزة لم تكن لديهم ثقة كبيرة في حكومتهم التي تقودها حماس.. وعندما طُلب منهم تحديد مدى الثقة التي لديهم في سلطات حماس قال عدد كبير من المبحوثين (44%) إنهم لا يثقون في حماس على الإطلاق وكانت عبارة “ليس هناك الكثير من الثقة” ثاني أكثر الإجابات شيوعًا بنسبة 23%.

ويصف متحدثون فلسطينيون الاعتقالات التعسفية والابتزاز والعنف من قبل سلطات حماس في غزة ونقل البعض شوقهم إلى الفترة التي سبقت استيلاء حماس على السلطة في حرب أهلية ضد السلطة الفلسطينية في عام 2007 عندما كانوا أكثر حرية في التعبير عن أنفسهم واتباع طريق الحياة الذي اختاروه

وروت إحدى السيدات من القطاع وهي من سكان المنطقة منذ ولادتها قصة نشأتها وهي تغني وترقص على الدبكة حتى استولت حماس على السلطة في عام 2007. وقتها حذرها الحكام الجدد وأمروها بالتوقف عن الأداء أو سيتم الزج بها في السجن وعندما رفضت قاموا بالتهديد بسجن أشقائها وشرحت قائلة: "أريد تحرير غزة من حكومة حماس.. عندها ستتطور غزة سيكون لدينا سياح ومسرح يمكنني حتى أن أعود أو إذا كنت كبيرة في السن بحلول ذلك الوقت، يمكنني تعليم الجيل القادم ".

وقال البنك المركزي الفلسطيني عام 2018 إن مستوى دخل الفرد في قطاع غزة انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وسط استمرار تباطؤ نمو الاقتصاد الفلسطيني وذلك في ظل حكم حماس للقطاع.

وذكرالبنك المركزي الفلسطيني في تقريره السنوي عن عام 2018 أن دخل الفرد في الأراضي الفلسطينية انخفض بنحو 7.‏1%عن مستواه في عام 2017 ليبلغ 021.‏3 دولار.

و أوضح البنك المركزي الفلسطيني أن دخل الفرد في الضفة الغربية سجل نمواً بنسبة 8.‏0% (بلغ نحو 188.‏4 دولار) في حين انكمش الدخل مجدداً في قطاع غزة بنحو 5.‏9 % لينخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق (431.‏1 دولار) مشكلاً نحو ثلث مثيله في الضفة.

وحذر محللون من أن التصعيد الأخير في غزة بعد معركة طوفان الأقصى قد يدفع اقتصاد القطاع المتردي بالفعل لحافة الانهيار فغزة لديها واحد من أعلى معدلات البطالة في العالم إذ تجاوز معدل البطالة بها 45 في المئة، بينما يزداد المعدل بشكل أكبر بين الشباب ليصل إلى 70% بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وفي تقرير حديث له لفت صندوق النقد الدولي إلى أن قطاع غزة تخلف بشكلٍ كبير عن النمو الاقتصادي في الضفة الغربية على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية نتيجة العزلة المفروضة على القطاع والصراعات المتكررة منذ صعود حماس إلى السلطة في عام 2007 مشيراً إلى أن 77% من الأسر في غزة تعتمد على المعونات الغذائية والنقدية.

كما أن حركة حماس نفسها تواجه سخطاً متزايداً من قِبل سكان القطاع بشأن سياساتها الاقتصادية التي قفزت بمعدل البطالة لمستويات قياسية قاربت الـ50%.

تم نسخ الرابط