مستشار الغنوشي المستقيل يكشف أسباب فشل الإسلام السياسي في تونس
قال لطفي زيتون المستشار السياسي السابق لراشد الغنوشي، إن الحركة فشلت في حكم تونس، مؤكدا أن الإسلام السياسي تسبب في انقسام المجتمع.
وأشار زيتون القيادي السابق بحركة النهضة الإخوانية التونسية، في مقابلة مع "وكالة الأنباء الألمانية"، إلى أنه كان يتعين على الحركة عدم المجازفة بدخول الحكم في أولى سنوات الانتقال الديمقراطي.
وكشف عن كواليس ما حدث داخل الحركة عقب سقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وقال إنه كانت هناك ورقة داخلية بالحركة تطالب بضرورة إجراء مراجعات مع حالة الانفتاح السياسي التي تشهدها البلاد.
ويرى زيتون، أن هذه الدعوة، جاءت للتذكير بأن "حركة النهضة في الأساس حركة احتجاجية، وعصر الاحتجاج انتهى مع بدء عصر البناء والمشاركة السياسية والديمقراطية"، مشيرا إلى أن "الأغلبية رأت المضي قدما بنفس آليات العمل السياسي القديمة".
وكانت النهضة الإخوانية حققت اكتساحا في أول مشاركة بالانتخابات بعد أحداث 2011، ولم تغادر الحكم منذ تلك الفترة، بخلاف حكومة التكنوقراط التي جرى التوافق بشأنها في عام 2014 للإشراف على الانتخابات في نفس العام، والحكومة المستقلة الحالية التي استلمت مهامها في سبتمبر الماضي عقب أزمة سياسية.
وشدد زيتون على أن حركة النهضة فشلت في إدارة الحكم خلال الفترة الأولى بعد 2011، بسبب الاستمرار بنفس الخط السياسي، إضافة إلى عجزها عن الاستجابة إلى الضغوطات المطالبة بتحولها إلى حزب وطني.
وجاءت استقالة زيتون لتكشف عن أحدث أزمة داخل حركة النهضة التي تشهد خلافات داخلية لم تعد خافية وازدادت اتساعا مع تسريب رسالة لـ100 قيادي تطالب بإصلاحات ديمقراطية وعدم التمديد لولاية جديدة لزعيم الحركة راشد الغنوشي، الذي يقود الحركة منذ تأسيسها قبل نحو خمسين عاما.
وكان قادة الحزب أعلنوا في المؤتمر العاشر عام 2016 فصل الجناح الدعوي عن الحزب حتى يتسنى له التفرغ للعمل السياسي، وهي خطوة كان يقصد بها التصاق الحزب أكثر بقيم الجمهورية والدولة المدنية.
ويوضح زيتون بشأن هذا التحول أنه "تضمن المؤتمر إصلاحات سياسية وفكرية واستفاد من تجربة الحكم، لكن ظل حبرا على ورق بسبب شدة المقاومة التي ترى أن الإسلام السياسي مثلما كان صالحا أثناء الاحتجاج، فهو صالح في فترة البناء".
وتابع: "في رأيي، وبحسب خلاصاتي الشخصية، فإن الإسلام السياسي في السنوات الأخيرة قبل الربيع العربي تحول إلى عامل تفرقة وانقسام في المجتمعات وفي بعض المناطق الساخنة التي كادت تتحول إلى حروب أهلية".
ومضى زيتون، في تعليقه على الصعوبات التي يواجهها الإسلام السياسي، قائلا: "لقد تبين أن الإيديولوجيا ليست صالحة للبناء، هذا كان (مضمون) حوار داخلي يجري داخل النهضة، بعد سنة من الانتخابات (2019) وزعنا فيها وعودا بسخاء على الناس والآن نحن ننسحب ونعترف أننا غير قادرين على الحكم".
وبدلا من الاستمرار بعباءة الإسلام السياسي، يرى المستشار السابق للغنوشي أن حركة النهضة مطالبة بأن تتحول إلى حزب وطني ذي هوية تونسية خالصة، أو أن يكون حزبا محافظا، يمثل انعكاسا للمجتمع التونسي، أسوة بالأحزاب المحافظة في جنوب أوروبا.
وعاش لطفي زيتون في المنفى ببريطانيا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتقلد مناصب قيادية في الحركة كعضو في المكتب السياسي ومجلس الشورى، الهيئة الأعلى في الحركة، كما كان مستشارا للغنوشي، وشغل أيضا منصب وزير دولة مكلف بالشئون المحلية في حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة، قبل الحكومة الحالية.