صالح عطية.. قصة أصغر جاسوس مصري على إسرائيل.. استغل ”البيض” لمعرفة أسرار الصهاينة.. وعبدالناصر والسادات كرماه

الموجز

بينما كانت النكسة تلقي بظلالها على الجميع في مصر والعالم العربي، كانت إسرائيل تعيش في زهو بأنها ألحقت الهزيمة بالجيش المصري، واحتلت شبه جزيرة سيناء، وأقامت الحصون والمواقع المنيعة بطول القناة وداخل الأراضي المصرية التي سيطرت عليها.

وسط هذا المشهد السوادوي القاتم كانت هناك بطولات على الجانب الآخر أسفرت عن نتائج باهرة كانت في طي الكتمان إلى وقت قريب حتى تم الكشف عنها ومنها قصة الطفل المصري «صالح»، الذي يعد أصغر جاسوس في العالم، والذي لعب دوراً كبيراً في إمداد المصريين بمعلومات مهمة عن الجيش الإسرائيلي.

كان ذلك في العام 1968، عندما كان مكتب المخابرات المصرية في شغل لا ينقطع لجمع المزيد من المعلومات عن العدو، وعدد قواته، ونوعية الأسلحة التي يمتلكها وطبيعة معيشة جنوده، والحراسات الليلية، وطبيعة حصونهم، بينما كان «صالح» يعمل في جو الصحراء المحرقة على رعي الأغنام وتربية الدجاج محاولا الاحتماء بظل الكوخ الصغير الذي يقطنه والده.

الضابط «كيلاني»

تبدأ القصة في عام 1968 وذلك عندما جاء لسيناء أحد ضباط المخابرات المصرية يدعى «كيلاني»، متنكرا في زي أعرابي يتاجر في المخدرات، واختلق وقتها حيلة العطش والإرهاق بجوار بئر مياه ملاصق لدار «الشيخ عطية» والذي كان يدخل المعسكر الإسرائيلي لإعطائهم بعض المؤن بعد أن أجبرته إسرائيل على ذلك، فاستضافه الشيخ وأكرمه، وكان هدف الضابط «تجنيد الشيخ» ليكون مرسالا لهم بالمعلومات عن تحركات جنود الاحتلال وغيرها من الأمور.

إلا أن الشيخ عطية كان حذراً جداً في التكلم عن أمور خاصة للأغراب عنه، ولاحظ كيلاني ذلك ، فلمح بجوار الشيخ عطية ابنه «صالح» فخطر ببال «كيلاني» فكرة مجنونة وهي أن يستهدف الطفل، فلن يشك به أًحد، وبالفعل لقنه دروسا بسيطة في التخابر وكيفية الحصول على المعلومات.

بعد ذلك اتفق كيلاني سرا مع الطفل صالح أن يلتقيا عند إحدى الصخور الكبيرة بالصحراء قرب الشاطئ، جاء الضابط ولم يأت الطفل، ثم جاء حاملاً «فرخة» وبعض الأغنام تسير من خلفه، ولما سأله الضابط عن سبب تأخيره، أجاب «صالح»: «استنيت الوقت المناسب عشان محدش يشوفني و يكشفني»، وهنا فكر الضابط في «حيلة» تسمح للصبي بحرية أكبر في التحرك دون أن يكشفه أحد.

تجارة البيض

كانت مهمة «صالح» هي تربية دجاج والدته «الست مبروكة» ورعي أغنام والده الشيخ عطية، وفكر الضابط «كيلاني» أن تجارة البيض داخل معسكر جنود الجيش الإسرائيلي ستمكن الطفل من الدخول والخروج وجلب المعلومات.

وبالفعل استطاع «صالح» من خلال تجارة البيض تكوين بعض الصداقات مع جنود الاحتلال، وتحدثوا معه ولم يشكوا في براءته، أو أنه يعي جيدا ما يقولون، لكن الطفل كان «جهاز تسجيل» يحفظ ويسجل كل ما يسمعه أو تراه عيناه داخل المعسكر، وكان أقرب الجنود صداقة منه، جندي ذا أصل يمني يدعى «جعفر».

استطاع «صالح» الحصول على معلومات من خلال الرؤية عن أماكن المدافع الثقيلة وأماكن حقول الألغام ومخازن الذخائر والأسلحة، وتردد رجال المخابرات في استخدامه لزرع أجهزة تصنت داخل إحدى مكاتب المعسكر، وكانت ترى أنها مجازفة خطيرة بحياة الصبي، لكن «صالح» قبل المجازفة دون تردد، ونجح في لصق أجهزة التصنت في أرجل السراير والمكاتب، إلا أن دوره انتهى عند هذا الحد.

ناصر والسادات

وبسبب هذا الدور الكبير الذي قام به «صالح» قابله الرئيس عبد الناصر وحياه، ثم قامت المخابرات بتهجيره هو وأسرته في سبتمبر 1973 قبل 20 يوم من اندلاع الحرب.

وقد استقرت أسرة الشيخ عطية مؤقتًا في ميت أبو الكوم قرية الرئيس السادات”، واندلعت الحرب، لتنتقل الأسرة بعدها للقاهرة، ويعلم «صالح» وأسرته خطورة وأهمية دوره في التمهيد للعمليات العسكرية في موقع عمله، واستدعته المخابرات فذهب إليها هو ووالده، وعندما دخلها، ليكتشف أن الأعرابي كيلاني هو ضابطً بالمخابرات، بعدها كرمه السادات ضمن من ساهموا في نصر أكتوبر.

تم نسخ الرابط