فى ذكرى نصر أكتوبر .. نرصد قصة أشهر صائد للدبابات فى معركة العزة والكرامة
محمد عبد العاطي .. شاب مصرى مفتول العضلات، كانت له الكثير من البطولات، فى أرض المعركة، وكان بطلا جسورا استطاع فى المعركة أن يحقق الانتصارات، فأعطى العدو الصهيونى درسا فى القتال وأصاب قواته بالشتات، استطاع عبدالعاطى أن يربك حركة العدو فى المعركة حيث حطم دباباته فى وقت قياسى، بعد معركة الساعات .. "الموجز"، تنشر نبذة عن البطل المصرى الذى أذل قيادات الجيش الإسرائيلى، خلال السطور التالية.
كان عام 1950، شاهدا على مولد البطل محمد عبدالعاطى شرف، على أرض إحدى القرى بمحافظة الشرقية، وظهرت عليه معالم التفوق والإتقان لدروسه بالإضافة إلى ما كان يتمتع به من جرأة، والتحق بالجيش المصرى لأداء الواجب العسكري، وظل يتمنى أن يدخل معركة مع العدو الإسرائيلي، ليتمكن ن الثأر للمصريين، والتحق بسلاح المدفعية، وتلقى تدريبات حولته من الحياة المدنية إلى العسكرية، وتم ترشيحه ضمن مجموعة من الجنود لتدريبهم على الصواريخ المضادة للدبابات، وكان يواظب على تنفيذ خطوات وتعليمات التدريب، وتم تعيينه ضمن مجموعة الموجهين، بعدما أصاب الهدف من أول صاروخ فى اختبارات الرماية بالذخيرة الحية.
حصد "عبدالعاطي" لقب أحسن رامى فى مسابقة للجيش الثانى، حيث أجرى الرماية من على تبة رملية على ارتفاع 30 مترا، وفى أحد البيانات العملية لاستخدام الصاروخ المضاد للدبابات فى ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة، وقد حظى على تقدير رئيس الأركان وقتها.
وفى صباح السادس من أكتوبر عام 1973 صدرت أوامر بالقتال لفصيلة "عبدالعاطى" محددا بها مهمتها، وكان الجميع مستعدا لهذه اللحظة ويراقب الساعات فى انتظار ساعة العبور.
وفي الثانية بعد ظهر السادس من أكتوبر العاشر من رمضان تحول الجميع إلى خلية نحل، فكانت السماء تظهر بها الطائرات المقاتلة، بينما وجهت المدافع لتدك حصون العدو وتشل أبراج المراقبة لديه، وكانت أصوات الانفجار هى المهيمنة على الضفة الشرقية للقناة، وسط صيحات أبطال الجيش المصري ومنهم "عبدالعاطى" مكبرين بالصوت كالرعد "الله أكبر الله أكبر".
وبينما جاءت لحظة الصفر الحاسمة لعبورعبدالعاطى ورجاله كان التهليل والتكبير لسان حالهم واندفع عبدالعاطى مع فصيلته خلف القائد إلى المكان المحدد له، وكان يبعد عن القناة بمسافة ثلاثة كيلومترات وسرعان ما تم تأكيد مهمة كل فرد منهم، وفى نفس اليوم شاهدت فصيلة عبدالعاطى الفصيلة الثانية تحتل موقع على مسافة كيلومتر ونصف فقامت فصيلة عبدالعاطى بتدمير ثلاث دبابات للعدو تباعا.
وفى صباح اليوم السابع من أكتوبر شاهد عبدالعاطى ورجاله أربع طائرات مقاتلة للعدو وهى تتساقط وصدرت الأوامر بإعداد كمين فى منطقة على مسافة عشرة كيلومترات من الحد الأمامي للقوات المسلحة لتدمير قوات العدو المدرعة القائمة بالهجوم المضاد، ولدى اقتراب الفصيلة إلى منطقة الكمين، تم احتلال تبة عالية من طريق العريش وشارك الجميع فى الارتكاز بموقعه والاستعداد بإجراءات القتال وشاهد عبدالعاطى 13 دبابة تقترب منهم فى الموقع، فأطلق أول صاروخ فى اتجاه الدبابة فدمر 8 دبابات فيما استطاع زملاؤه أن يدمروا باقى الخمس دبابات الأخرى واستمرت المعركة نحو نصف ساعة، وهنا حصد "عبد العاطى" لقب صائد الدبابات، وبانتهاء المعركة انتقلت الفصيلة إلى موقع آخر، وفى صباح يوم التاسع من أكتوبر فوجئ عبدالعاطى بعربة مجنزرة للعدو الإسرائيلى، وجه إليها صاروخا مباشرا فتم تدميرها وقتل وأصيب كل من كانوا فيها، وصدرت الأوامر لفصيلة عبدالعاطى بالانتقال إلى أحد المواقع التبادلية فتم نقل ثلاثة أطقم مجهزة من ذخيرة عبدالعاطى، بغرض التأمين لحين تمام استعداد باقى الفصيلة للقتال بسبعة دبابات معادية تقترب من الوحدة المجاورة لوحدته، وبدأت تقصفه بالنيران وعلى الفور استعد عبد العاطى ولم يكن معه سوى ستة صواريخ أطلقها الواحد يلو الآخر فأصاب ست دبابات فيما لاذت الدبابة الأخيرة بالفرار.
وفى يوم الثانى عشر من أكتوبر فوجئ عبدالعاطى، بقذائف الدبابات المعادية تنهال من حوله وبمراقبة هذه النيران اكتشف دبابة تختفى خلف دبابة أخرى فأخذ يراقبها حتى انتهت من الضرب وأطلق عليها صاروخا وكان الجميع يخشى عدم إصابتها، لكن جرأته مكنته من تدمير الدبابة.
وفى مساء الرابع عشر من أكتوبر حاولت قوات العدو
وظل الموقف على ذلك الحال حتى جاء وقف إطلاق النيران وهكذا استحق عبدالعاطى عن جدارة لقب صائد الدبابات واستحق ما كرمته به مصر التى ترعى دائما أبناءها المخلصين وأهدته وسام نجمة سيناء من الطبقة الثانية.
ويقول عبد العاطى فى مذكراته :
سمعنا تحرك اللواء 190 مدرعات الإسرائيلية و بصحبته مجموعة من القوات الضاربة و الإحتياطى الإسرائيلى ، وعلى الفور قرر العميد عادل يسرى الدفع بأربع قوات من القناصة، وكنت أول صفوف هذه القوات، وبعد ذلك فوجئنا بأننا محاصرون تماماً فنزلنا إلى منخفض تحيط به المرتفعات من كل جانب، ولم يكن أمامنا سوى النصر أو الإستسلام ، ونصبنا صواريخنا على أقصى زاوية إرتفاع ، وأطلقت أول صاروخ مضاد للدبابات ، وأصابها فعلاً ، وبعد ذلك توالى زملائى فى ضرب الدبابات واحدة تلو الأخرى ، حتى دمرنا كل مدرعات اللواء 190 عدا 16 دبابة تقريباً حاولت الهرب فلم تنجح .. و أصيب الإسرائيليون بالجنون و الذهول ، وحاولت مجنزرة إسرائيلية بها قوات كوماندوز الإلتفاف و تدمير مواقع جنودنا إلا أننى تلقفتها ودمرتها بمن فيها ، وفى نهاية اليوم بلغت حصيلة ما دمرته عند العدو 27 دبابة و 3 مجنزرات إسرائيلية.
كما روى فى مذكراته قصته مع الجنرال الإسرائيلى عساف ياجورى، الذى دمر عبدالعاطى دبابته، وتم أسره وطلب مقابلة الجندى الذى حطم دبابته وأدى له القائد الإسرائيلى التحية العسكرية، وحاول تقبيل يد عبدالعاطى، لكنه عبدالعاطى رفض، وهذا دليل كبير وواضح واعتراف رسمى من العدو ببراعة وبطولة عبدالعاطى.
رحل عبدالعاطى، فى 2001 تاركا خلفه 4 من الأبناء منهم اثنين من الأبطال بالشرطة المصرية، هما العقيد وسام عبدالعاطى، والمقدم أحمد عبدالعاطى، وعصام عبدالعاطى، رئيس قصر ثقافة منيا القمح بالشرقية.