تفاصيل مثيرةفى حياة ”ملك الفاكهة“ بطل فيلم ”الفتوة“ الحقيقى وعلاقته بالكبار وقصة إغتياله بالرصاص

محمد زيدان
محمد زيدان

جاء من بلدته لا يمتلك سوى جلبابه، ودخل سوق الخضار بمنطقة روض الفرج الممتلئ بالصراعات والحروب، وكانت الأقدار تحمل له الكثير من المفاجآت، فأدرك فنون اللعب مع الكبار فى وقت قصير، وأصبح من كبار التجار وصاحب كلمة ونفوذ، ولكن سرعان ما تنتهى أسطورة تاجر روض الفرج الكبير، بسبب طغيانه وجبروته وسطوته. محمد زيدان بطل القصة الحقيقة لفيلم "الفتوة" الذى يعتبر من العلامات الفنية الفارقة في صناعة السينما المصرية، وقد استلهم مخرج الروائع صلاح أبو سيف، وقائع الفيلم من قصة حقيقية ، بطلها الاصلى المعلم محمد زيدان، تاجر الفاكهة المشهور والذي لقب في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات ، "بملك الفاكهة "، وكانت تجعه علاقة وطيدة بين كبار رجال الدولة ووصل بعلاقاته إلى الملك ورجال السرايا ، وكان زيدان يتحكم فى كل كبيرة وصغيرة داخل سوق الخضار في مصر كلها .

وقد عاش زيدان حياة صاخبة، ومات أيضاً بطريقة صاخبة جداً، إذ تشير صحف ومجلات 1952 إلى حادثة قتل الحاج زيدان، كونها حدثاً كبيراً يهز سوق الخضار في مصر كلها آنذاك.

فى صباح أحد أيام عام 1952 ، خرج "زيدان" كالعادة من منزله متوجها إلى سوق روض الفرج، وصل ملك الفاكهة إلى سوق الخضار ، التي ما يسمع فيها صوت "كلاكس" سيارة الحاج زيدان، حتى يقف جميع الباعة والتجار ترحيباً بمروره اليومي في الذهاب والعودة، وعندما ينتهى من عمله بالسوق يعود إلى مزرعته بمنطقة الجبل الأصفر، وهو فى طريق العودة إلى منزله مع سائقه الخاص، وأثناء مروره بكوبري عزبة حافظ رمضان باشا، في محافظة القليوبية استوقف السيارة ثلاث رجال، بحجة وجود حفرة كبيرة في الطريق ، بعدها فوجئ "زيدان" وسائقه بإخراج الرجال الثلاثة أسلحةً وانهالوا على السيارة بالرصاص ،ثم انضمت إليهم مجموعة أخرى كانت مختبئة خلف الأشجار، لإتمام مهمتهم ، ليسقط ملك الفاكهة قتيلا فى الحال إثر إصابته بائعة رصاصات.

تواصلت أخبار جريمة القتل الكبيرة ، فحين وصلت جثة ملك الفاكهة، كان في استقباله قرابة ألفين من رجاله ، الذين ظلوا واقفين طوال الليل وحتى الثالثة ظهراً، لتشييع جنازته، في حين رفض إخوته الـ 12 استقبال أي عزاء إلا بعد الثأر لعميد العائلة.

وحامت الشبهات حول السائق الذى نجا من وابل الرصاص، وتم إلقاء القبض عليه ووجهت له تهمة تسهيل جريمة النيل من زيدان، لكنه نفى الاتهام تماما عن نفسه مبديًا تعجبه من عدم تحرك حرس "ملك الفاكهة" معه في تلك الرحلة كما كان يحدث فى كل ليلة.

امتلئت صفحات الجرائد وقتها بأخبار زيدان ونشرت العديد من التقارير التى تفيد بأن "زيدان" ترك 100 فدان، و100 ألف جنيه في البنوك، وحصصًا في 26 منزلًا بشبرا وبولاق، بجانب منزله في حي السكاكيني ، كما كشفت الصحف آنذاك عن قيامه ببنائه مسجد بمنطقة روض الفرج، وأنه كان يوزع على الفقراء يوميا 1000 رغيف خبز.

وبعد قيام ثورة يوليو 1952 ، ترددت الأقاويل التى تؤكد أن رجال السرايا شاركوا فى إغتياله للقضاء على نفوذه الذى توحش وقتها وتخكمه فى سوق الخضار بأكمله .

تدور أحداث فيلم الفتوة التى تروى قصة ملك الفاكهة، حول خروج هريدي "فريد شوقي" من قريته للعمل بسوق الخضار، وبعد العديد من المحاولات، يجد عملا لدى المعلم أبو زيد "زكي رستم"، الذي يعد أكثر التجار سطوة في السوق بأكمله، وبعد فترة ينفصل هريدي ويتزوج من المعلمة حسنية "تحية كاريوكا"، ويشكل معها ومع منافسي المعلم أبو زيد تحالفًا مضادًا لأبو زيد، و يحصل هريدي على البكوية وتقوى شوكته في السوق بمساعدة زوجته وشركائه و يتبدل حاله إلى الأسوأ.

وعندما تم عرض الفيلم في إبريل 1957، لاقي نجاحا جماهيريا كبيرا منذ اليوم الأول ، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن ، حيث فوجئ منتج الفيلم فريد شوقي بسحب الفيلم من دور العرض، بعد أن رفع ورثة المعلم محمد زيدان الشهير بـ"ملك الفاكهة" دعوى قضائية مستعجلة يطالبون فيها بوقف الفيلم وذلك بتهمة التشهير وقد توجه أنصار المعلم محمد زيدان إلى سينما "الكورسال" الذي يعرض الفيلم وتم سحب الفتوة من السوق ، وهنا يصرخ فريد شوقي في مذكراته ويقول إن الفيلم الذي توقعت له نجاحاً كبيراً وصرفت عليه 27 ألف جنيه، سيتحول إلى خسارة كبيرة لي، خاصة وأن محامي زيدان صرح في الصحف أن الفيلم يعد تشويهاً لرجل توفي ولأولاده الذين يدرسون في الجامعة.

وقام فريد شوقى بالدفاع بنفسه أمام القاضى داخل المحكمة بعدما أذن له القاضى وقال فريد شوقى، إن فيلم الفتوة مستوحى من الخيال وأنه لم يذكر سيرة محمد زيدان، في الفيلم وان تشابه الاحداث ما هي إلا واقع من المصادفة ، وطالب المحكمة أنه إذا تم وقف عرض الفيلم فإنه يطالب أيضاً المحكمة بأن تنظر إلى كيفية تكوين ثروة "محمد زيدان" ، وعائلته خاصة أنه كان ملك سوق الفاكهة، وأنه كان يتاجر في السوق السوداء، فقام القاضي برفض دعوى عائلة محمد زيدان وإعادة عرض الفيلم مرة أخرى على شاشات السينما .

تم نسخ الرابط