حكاية ”أم السينما المصرية” التي توفى أولادها ولم تعترف بـ ابنتها الوحيدة..ماتت بالسرطان ولم تشاهد أول فيلم ملون لها
لُقبت بـ"أم السينما المصرية"، وإشتهرت بتقديم شخصية الأم الطيبة الحنونة، لكثير من النجوم والنجمات، الفنانة فردوس محمد، والتي حين نسمع صوتها أو نراها على الشاشة تتجسد أمامنا مشاعر الأم وحنانها، لا يتخيل أحد أنها لم تشعر يوما بحنان الأم أو أنها لم تنجب، فكانت أشهر وأصدق من جسد أدوار الأم.
ورغم شهرتها قد لا يعرف الكثيرون ماعانته الفنانة الكبيرة فردوس محمد فى حياتها سواء فى طفولتها أو فى مراحل عمرها المختلفة، فقد توفي والداها في الطفولة.
ولدت فردوس محمد عام 1906 وعانت اليتم في سن 3 سنوات حيث فقدت والديها وتولت أسرة من أقاربها رعايتها، وألتحقت بالمدرسة حتى سن 12 عاما وأجادت القراءة والكتابة ولكن توفيرا للنفقات لم تكمل الطفلة اليتيمة تعليمها وظلت فى بيت الأسرة التى ترعاها تخرج معها كل أسبوع إلى أحد المسارح حتى عشقت الفن، وكانت تقلد ما تراه من تمثيل.
زوجتها الأسرة التي ترعاها من شاب تقدم لها، ولكنها عانت من هذه الزيجة ولم تنجب اطفالاً، وكان يسيء معاملتها بشدة وهذا ما جعلها تنفصل عنه وهي في عمر التاسعة عشرة، بعد مرور خمس سنوات، وكانت فردوس محمد دائماً تستشهد بسوء معاملته لها فتقول عن أي موقف سيئ يواجهها "شبه الأيام السودا اللي شوفتها مع جوزي الأولاني"، وقد عادت لتعيش مجدداً مع الأسرة التي ربتها، لكنها كانت تبحث عن عمل تنفق به على نفسها، فعرضت عليها زوجة جارها العمل مع فرقة عكاشة في إحدى المسرحيات، وبدأت العمل مقابل ثلاثة جنيهات.
بداية فردوس محمد كانت من خلال الفرق المسرحية، فلقد بدأت في عام 1927 من خلال مسرحية "إحسان بك" مع فرقة أولاد عكاشة المسرحية، لتنضم بعدها إلى الفرقة، وظلت الفنانة فردوس محمد تتنقل بين الفرق المسرحية فعملت مع فرقة إسماعيل ياسين وعبد العزيز خليل وفرقة رمسيس وفرقة فاطمة رشدي، لتنتقل إلى عالم السينما.
وفى السينما اختارها المخرج محمد كريم لتقوم بدور الأم فى فيلم يوم سعيد بطولة محمد عبدالوهاب عام 1940 وكانت أما لفاتن حمامة الطفلة وقتها، ومن يومها كانت دائما الاختيار الأول لكل مخرج يبحث عن فنانة تجيد دور الأم.
تزوجت فردوس للمرة الثانية، وكانت قصة زواجها من المونولوجست محمد إدريس، من أغرب قصص الارتباط، وحدث الزواج بينهما بسبب تلقي فرقة فوزي منيب الفكاهية، التي كانت تعمل بها، دعوة لتقديم عروضها في فلسطين، لكن القوانين في مصر وقتها، لم تكن تسمح بسفر الفنانات غير المتزوجات ووقعت الفرقة في ورطة لأن الفنانة الراحلة كانت تقوم بدور رئيسي في المسرحية، ولا يمكن استبدالها بأخرى متزوجة، واقترح فوزي منيب صاحب الفرقة، الحل بأن تزوج فردوس محمد، من أحد أعضاء الفرقة زواجًا صوريًا ووافقت فرودس محمد على الاقتراح فتم اختيار المونولوجست محمد إدريس لهذه المهمة وسافر الاثنان ضمن الفرقة إلى فلسطين، وقدمت الفرقة عروضها لأيام عديدة، وفي إحدى الليالي، وبعد انتهاء العرض المسرحي فاجأ محمد إدريس فردوس محمد بأنه يحبها ويطلبها للزواج فعلاَ فوافقت واحتفلت الفرقة بزفافهما في الفندق الذي تقيم فيه وتحول الزواج الصوري إلى زواج حقيقي واستمر لمدة خمسة عشر عامًا انتهى بوفاة محمد إدريس.
لم تكن محظوظة مع الإنجاب في الواقع رغم كونها «الأم»، حيث توفى 3 أبناء لها بعد ولادتهم، حتى نصحتها إحدى صديقاتها بأنه حال إنجابها طفلًا آخر يجب أن تخفي نبأ الولادة منعًا للحسد، وتقول إن المولود توفي كالعادة، ثم تعلن تبنيها طفلًا من أحد الملاجئ.
وفي عام 1941، أنجبت «فردوس» ابنتها «سميرة»، ونفذت ما نصحتها به صديقتها، لتعلن تبنيها لها بعد 3 أسابيع من إخفاء أمر ولادتها، ويصير الأمر هكذا طيلة 17 عامًا، وحين زفاف الابنة من مدير التصوير السينمائي، محسن نصر، انهمرت دموعها بشدة، واعترفت بحقيقة ابنتها، معلنة أن العروس ابنتها، وهو ما لم يصدقه الحضور وقتها، معتبرين ما أفضت به لرفع الروح المعنوية لـ«سميرة».
واستمرارا للدراما فى حياتها توفيت فى 22 سبتمبر1961، عن عمر ناهز 55 عاما، بعد معاناة من مرض السرطان بعد أن أنهت تصوير فيلمها "عنترة بن شداد" مع الفنان فريد شوقى، والذى عرض يوم 4 ديسمبر 1961 أى أنها لم تشاهد الفيلم، وهو الفيلم الوحيد الملون فى مشوارها السينمائى.