يتوقف عليه الصلاة والصيام.. هل أذان الفجر واحد أم اثنين؟
يعد أذان الفجر من الأمور الفقهية التي تثير جدلاً من وقت لآخر ويرد عنه أسئلة كثيرة منها هل أذان الفجر واحد أم اثنين وما هو الفرق بينهم وأيهما يبدأ بعده صلاة الفريضة؟
وقد ورد عن الشيخ عطية صقر رحمه الله إجابة في هذا الشأن وقال
يقول اللَّه سبحانه فى شأن الصيام ، {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } البقرة : 187 ، ويقول فى شأن الصلاة {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} ، الإسراء: 78 ، وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنعنكم أذان بلال عن سحوركم فإنه ينادى بليل ، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" . ورويا أيضا عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم " وكان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له : أصبحت أصبحت .
وروى الحاكم عن جابر بن عبد اللّه رضى اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال "الفجر فجران ، فأما الفجر الذى يكون كذنب السرحان - الذئب - فلا يحل الصلاة ويحل الطعام ، وأما الذى يذهب مستطيلا- أى ممتدا فى الأفق - فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام " ومن رواية البخارى أنه صلى الله عليه وسلم مد يده عن يمينه ويساره .
يؤخذ من هذا أنه كان هناك أذانان للفجر أيام النبي صلى الله عليه وسلم الأذان الأول كان للتنبيه والاستعداد للصيام ، والثانى كان للامتناع عن الطعام والشراب وبدء الصوم وحل صلاة الفجر .
كما يؤخذ أن هناك ضوأين فى آخر اليل ، أحدهما يظهر فى الأفق من أعلى إلى أسفل كالعمود، والثانى كان يظهر بعده ممتدا فى الأفق عرضا يمينا ويسارا ، والثانى هو الفجر الصادق المعول عليه فى الصيام وصلاة الفجر، وجاء فى رواية لمسلم عن المدة التى بين الأذانين ما نصه : ولم يكن بينهما -أى بلال وابن أم مكتوم -إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا .
وجاء فى رواية للبخارى ومسلم أن مهمة أذان بلال أن يرجع القائم ويوقظ النائم .
وهنا تثار عدة استفهامات :
1-هل هذان الأذانان للفجر فقط أو لكل الأوقات ؟ 2-وهل هما لرمضان فقط أو لكَل الشهور؟ .
3-وما هو مبدأ الأذان الأول ؟ 4-وهل ألفاظ الأذانين واحدة ، أو أن للأول ألفاظا خاصة؟ 5-وهل يجوز اتخاذ أكثر من مؤذن للمسجد الواحد؟ وللإجابة على ذلك نقول :
1-الجمهور على أن الأذانين هما للفجر خاصة ، ولا يجوز أن - يكون هناك أذان سابق على دخول الوقت فى غير الفجر .
2- والجمهور أيضا على أن الأذانين للفجر لا تختص مشروعيتهما بشهر رمضان . فكما يكون الأول للسحور يكون للاستعداد لصلاة الفجر، أو تنظيم قيام الليل .
3- وبدء الأذان الأول مختلف فيه . فقيل يشرع وقت السحر، ورجحه جماعة من أصحاب الشافعى، وقيل يشرع من النصف الأخير، ورجحه النووى وتأول القول الذى يخالفه ، وقيل يشرع للسبع الأخير فى الشتاء، أما فى الصيف فلنصف السبع ، وقيل وقته الليل جميعه ، وقيل بعد آخر وقت الاختيار للعشاء .
لكن قد يؤخذ تعيين مبدئه من رواية النسائي والطحاوى من حديث عائشة : أنه لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل هذا ، وكانا يؤذنان فى بيت مرتفع كما أخرجه أبو داود ، فيكون الأذان الأول قبل الفجر بقليل ، لكن جاء فى شرح النووى لصحيح مسلم :
قال العلماء : معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ،.ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم ، فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع فى الأذان مع أول طلوع الفجر.
وهذا يدل على أن الأذان الأول كان قبل الوقت بوقت طويل لا يمكن تحديده وألفاظ الأذانين واحدة عند الجمهور. وقال بعض الحنفية : إن النداء الأول لم يكن بألفاظ.