ماذا تعرف عن «دكتور الخير»؟.. قصة صيدلي كرّس نفسه لخدمة مصابي كورونا مجانًا
منذ أن بدأت جائحة فيروس كورونا.. ويتسارع الجيشالأبيض «الأطقم الطبية» واحد تلو الأخر لمساعدة المصابين، وقد تعددت قصصهم ومواقفهم الجريئة داخل مستشفيات العزل وحارجها، وننشر لكم اليوم قصة صيدلي كرّس نفسه لخدمة مصابي كورونا مجانًا.
فقبل خمسة أشهر، لم تكن فكرة أخذ قسط من الراحة مطروحة بالنسبة لـ«الصيدلي أحمد فتوح» الذي لم يلتقط أنفاسه منذ أن أخذت المكالمات الهاتفية تنهال عليه من قِبل مرضاه ومعارفه بالتزامن مع انتشار (كوفيد-19)، لاستشارته حول بعض الأعراض غير المألوفة التي باتوا يعانون منها، أو لسؤاله عن كيفية توافر بعض الأدوية وأسطوانات الأكسجين، ليبدأ مهمة شاقة ممتعة في آنٍ -بالنسبة له- قد تستغرق أيام، وذلك بمساعدة بعض شباب منطقته "دار السلام"، الذين كرّسوا أنفسهم لتوفير ما يحتاجونه مصابي الفيروس المُستجد.
22 عامًا كانت فترة كافية ليكتسب الصيدلي المُحبوب ثقة واحترام أهل "دار السلام" خلال تواجده بصيدلته هناك؛ فكان استشارته وسؤاله عما يتعرض له المرضى دون غيره أمرًا اعتيادًا، لذلك انبري من أجل مَدَهم بالمعلومة الصحيحة حول حالتهم الصحية، وما يجب أن يفعلوه، الأمر الذي جعله يخصص صيدلته كمركزٍ صحيٍ مجانًا، أمام المصابين والمشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.
"لحد شهر 5 كنت بتعامل بشكل فردي مع المصابين وأعمل اللي أقدر عليه"، حتى تطوع مجموعة من الشباب في المنطقة، لتوفير أسطوانات الأكسجين، عقب زيادة أعداد المصابين بالتزامن مع قلة أجهزة التنفس واسطوانات الأكسجين في المستشفيات الحكومية "بدأوا بأسطوانة واحدة، لحد ما عدد المساهمين زادوا فبقى فيه 10 أسطوانات"، مثّل بينهم وبين المصابين حلقة الوصل، فظل يتلقى أكثر من 60 اتصالًا على مدار اليوم "الوقت كان عصيب وما ينفعش ماردش".
نهاية شهر مارس الماضي أعلنت الحكومة المصرية تطبيق حظر التجوال الجزئي في البلاد، اتقاءً لانتشار الفيروس، فكان على فتوح التحرك بنفسه صوب أيّ مصاب يطلب منه فحصه، لاسيما وإن كانت حالته تستدعى ذلك "كنت باخد الاحتياطات العادية، وبروح لحد البيت أفحص الحالات"، فإذا ما تبين له تمام الأعراض، سُرعان ما يستدعي فريق الشباب الذين كبروا أمام عينيه "كان هدفنا نعمل اكتفاء ذاتي لمنطقتنا، لأن كنا عارفين إن الضغط على المستشفيات أكبر".
استطاع الصيدلي صاحب الـ48 ربيعًا السيطرة على مخاوفه التي قلما خالجته أثناء ممارسته لعمله اليومي وتعامله مع المصابين والمشتبه بهم، غير أنه لم يقوِ على كبح جماح قلق عائلته الصغيرة خاصة ابنته الطبيبة "دايمًا في قلق في البيت، سواء عليا أو حتى عليهم من العدوى"، فضلًا عن اشفاقهم عليه للمجهود الكبير الذي كان يبذله يوميًا، حتى وصل به الأمر لعدم مبارحة صيدلته "من كتر التليفونات والناس اللي محتاجة المساعدة"، والذين تخطوا نطاق "دار السلام" "ناس من الجيزة وحلوان كانوا بيكلمونا نوفر ليهم أسطوانات أكسجين وعملنا ده بالفعل".
لم تسترح أسرة الصيدلي ولا هو استراح حتى مطلع شهر يوليو الجاري، حين تقلص عدد المكالمات التي غدا يتلقاها يوميًا، والتي تُمثل (20 مكالمة) فقط، معظمها للاستفسار عن أعراضٍ ما، فيمعن النظر بها، لينصحهم بما يتوجب عليهم التصرف حيالها "وساعات السوشيال ميديا بتوهم الناس بحاجات مش موجودة فبضطر أطمن الناس"، لإدراكه مدى حجم المسؤولية التي وضعت على كاهله في الوقت الراهن كباقي الطواقم الطبية في جميع أنحاء العالم دون أن ينتظر في المقابل، مما جعله يعزم أمره على "المبادرة بتاعتنا موجودة لحد ما الكورونا تختفي تمامًا من مصر".