الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الثلاثاء 2 يوليو 2024 09:42 مـ 26 ذو الحجة 1445 هـ
أهم الأخبار

داوود أوغلو.. حاول التصالح مع مصر فأطاح به ”أرودغان” من السلطة

داوود أغلو.. حاول التصالح مع مصر فأطاح به "أرودغان" من السلطة
داوود أغلو.. حاول التصالح مع مصر فأطاح به "أرودغان" من السلطة
إعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، امتناعه عن الترشح لرئاسة حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات المقررة فى 22 مايو المقبل، بما يعنى استغناءه عن منصبه الحالى كرئيس وزراء تركيا بحكم رئاسته للحزب، جاءت صادمة ومفاجئة، للكثيرين بل وأشبه بـ"فيلم رعب"، وعكست واقعية الرجل الذى اختار مصلحة دولته، فى مقابل جنون رجب طيب أردوغاون بالسلطة والعظمة.
قرار أوغلو جاء فى العموم نتيجة عدم توافق بين منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وحتما كانت هناك بوادر للاختلاف بين الرجلين اللذان لم يتفاهما حول اختيار الوزراء والمناصب التنفيذية، خاصة أن أردوغان بعد تقلده منصب الرئاسة ظل بشخصيته القوية "متربصاً ومهتماً بشؤون الحزب"، في الوقت الذي أراد أوغلو أن يكون رئيساً حقيقياً للوزراء - وبحسب الخبراء - جاء ذلك رغماً عن "أوغلو" صاحب الشخصية المستقلة التى لا تلبي الأوامر كيفما اتفق، ولهذا استقال حتى لا يتحول الخلاف إلى أزمة، وحتى لا يتضرر الحزب.
الخبراء يروا أن تركيا مقبلة على انتخابات جديدة، بعد خطوة إردوغان الأخيرة، التى قام بها تمهيداً لإقامة نظام رئاسي بشن انقلاب رئاسي وإزاحة حكومة داوود أوغلو، محاولاً الحفاظ على تحالفه في حزب العدالة والتنمية، ومع الجيش والقوميين الجدد، بجانب تصعيد الصراعات الموجودة داخل تركيا، حتى يستفيد وينجح فى الانتخابات المقبلة.
صاحب إعلان داوود أوغلو، المولود عام 1959، عدم ترشحه لرئاسة الحزب، بالإضافة إلى حقيقة ما وقع بينه وبين إردوغان الكثير من الفضول، عند الكثير من رجال السياسة وعلومها فى أنقرة، وهناك من اعتبره "انقلاباً رئاسياً" من طرف إردوغان، على رفيق دربه أستاذ العلوم السياسية التركية. وتعود بداية القصة بين الرجلين المختلفين فى كل شئ على نحو غريب، إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي مع حكومة الرفاه التي كان يتزعمها نجم الدين أربكان، حيث كانت قوة الحكومة في أوجها وكان وقتها أردوغان رئيساً لبلدية إسطنبول، فيما كان داود أوغلو أكاديمياً وأستاذاً في الجامعة، بعد عودته من ماليزيا بلقب بروفيسور، وكان مقرباً من الرئيس التركي السابق عبدالله جول الذي تعرّف عليه إثر مقالة كتبها داود أوغلو ونالت اهتمام جول.
استمر داود أوغلو إلى جوار جول بصفة كبيرٍ للمستشارين في حزب العدالة والتنمية واستمر في الواجهة الرئيسية لعلاقات تركيا الخارجية على الرغم من كونه مستشاراً فقط وليس وزيراً للخارجية، في ظاهرة هي الأولى من نوعها في تاريخ تركيا، حتى عام 2007 وفيما كان أردوغان يستعد لخوض الانتخابات العامة، كان داود أوغلو يستعد بدوره للعودة إلى المجال الأكاديمي والتدريس والكتابة، لكن جهود عبدالله جول ورجب طيب أردوغان في إقناعه بالعودة إلى السياسة لم تذهب سُدى، وبالفعل أصبح داود أوغلو عام 2009 وزيراً لخارجية تركيا رغم أنه لم يكن عضواً في البرلمان آنذاك، وعُرف داود أوغلو بكونه مهندس سياسة "تصفير المشاكل" مع الجوار.
في عام 2009 دخل داود أوغلو البرلمان التركي نائباً عن مدينة قونيا مسقط رأسه، وفي عام 2014 أصبح داود أوغلو زعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء التركي، وحتى هذه اللحظة كانت العلاقة بين داود أوغلو وأردوغان تقوم على التكامل، لكن الاصطدام بين الشخصيتين بدأ يظهر مع وصول داود أوغلو لكرسيّ رئاسة الوزراء ووصول أردوغان إلى رئاسة الجمهورية، ورغبة أردوغان فى التخلص من أوغلو حتى يغير نظام الحكم للرئاسي يأقصى سرعة، وهناك مؤشرات طرحها البعض تفيد بمحاولة تصعيد لصهر أردوغان، بيرات البيرق، 37 عاما، وزير الطاقة الحالي، ليكون الخليفة المحتمل لأوغلو، والمستفيد من إبعاده.
وتأتى مصر ودول الجوار العربي من بين الخلافات القوية التي حدثت بين أوغلو وأردوغان، حيث تبنى رئيس الوزراء التركى نظرية "صفر مشكلات" لإعادة صياغة العلاقات مع العواصم القوية وشرع "أوغلو" في فتح جبهات اتصال مع القاهرة بشكل خاص للعمل على ذوبان جبل الجليد بين البلدين، وصدم "أردوغان" رئيس وزرائه بتصريحات صحفية صادمة تجاه مصر وإصراره على التورط في سوريا واندفاعه العسكري في شمال العراق، ما أفسد خطة "أوغلو" لإنهاء المشكلات المحيطة بـ"أنقرة" مع دول الجوار.
كما اختلف "أوغلو" وصديقه حول تقديم 80 عضو فى حزب العدالة بتهم الفساد، ولكنه فشل فى ذلك، ولم يرض أن يكون دوره هامشياً، وفى النهاية اختار أوغلو الجلوس فى المقاعد الخلفية، كى لا يساهم فى تفتيت الدولة باستمرار الخلافات الجذرية مع رئيسه.
nawy