الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
السبت 6 يوليو 2024 05:29 صـ 30 ذو الحجة 1445 هـ
أهم الأخبار

شيخ الأزهر: الإنسان القوي هو الذي يقف عند حدود الله ويتحكم في مشاعره

قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: يسعدني أن أتقدم في هذا اليوم المبارك يوم عيد الفطر بخالص التهنئة إلى مصر العزيزة رئيسًا وحكومة وشعبًا، وإلي عالمنا العربي والإسلامي شعوبا وملوكًا وأمراءَ ورؤساءَ، سائلا المولى -سبحانه- أن يعيد علينا هذه الأيام بمزيد من الأمن والأمان والاستقرار والتنمية والرخاء، كما نسأله –تعالى- أن يعيد للعرب ولمصر وللمصريين وللمسلمين أمجادهم وعزتهم وقوتهم، وأن يكفيهم شر ما يدبر لهم وشر ما يخطط لهم.
وتابع في حديثه الذي يذاع اليوم على الفضائية المصرية بعد صلاة الجمعة: إن الإسلام يشدد في القرآن الكريم والسنة النبوية يشدد عل صلة الرحم ويحذر من قطعها قال تعالى: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"، وأوصى النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالرحم ونهى عن التعامل معها في إطار تجاري في قوله:{ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا} رواه البخاري- فالمسلم إذا زاره قريبه فرد له زيارته، أو وإذا أعانه في أمر، أو قضى له حاجة فردّ له ذلك بمثله لم يكن واصلاً بل هو مكافئ؛ لأنه يـكافئ الزيارة بمثـلها، أما الواصل فهو الذي يصل من يقطعه، ويحسن إلى من أساء إليه منهم، ويعفو عمن أخطأ في حقه، ويؤدي ما عليه نحو أبيه وأمه والأرحام دون انتظار لأي رد فعل ولا يبني موقفه علي مواقفهم.
وأضاف الإمام الأكبر: إن المسلم مطالب بأن يقهر رغبات نفسه لصالح الأوامر الإلهية والنبوية؛ إذ الإنسان القوي هو الذي يقف عند حدود الله ويقهر نفسه ويتحكم في مشاعره ورغباته، روى مسلم في صحيحه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: {حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ}؛ فمن ينتصر دائمًا لشهواته ويفعل ما تشتهيه النفس من المحرمات والمعاصي؛ فهو قريب جدا من النار، لكن الذي يقهر شهواته ويفعل ما تكرهه نفسه من الطاعات وتحمل مشاق العبادات؛ فهو قريب جدا من الجنة؛ إذ تحمل الصعاب من أجل الله هو طريق مُعَبَّد إلى الجنة، وعيد الفطر المبارك فرصة مباركة ليتغلب قاطع الرحم علي هواه ويقهر نفسه ويبادر إلى صلة رحمه ويزيل هذا الخصام، لافتًا إلى أن الاتصال التليفوني صلة رحم ويكفي إذا لم يكن لدى الشخص وقت يسمح بزيارتهم ، وهو أقل ما يجب أن يكون؛ وإلا سيقطعه الله عن رحمته؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {إِنَّ الرَّحِمَ شجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ اللَّهُ : "مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ}.
وأوضح أن صلة الأرحام تكون بأمور عديدة؛ منها: زيارتهم، والسؤال عنهم، وتفقد أحوالهم, والإهداء إليهم, إذ الهدية سنة نبوية، تحدث أثرًا طيبا في النفوس، وتبذر المحبة في القلوب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم:{ تَهَادَوا تَحَابُّوا} رواه البخاري في الأدب المفرد، حتى لو كانت هذه الهدية بسيطة ومتواضعة فيكفي أن يشعر المُهْدَى إليه أن المُهْدِي فكر فيه واقتطع من وقته وقتا ليشتري له هدية ما، ولكن لا تجب المغالاة في الهدية؛ لأن هذا ليس من أدب الإسلام، وهو من باب تكليف المرء نفسه ما لا يطيق، مشيرا إلى أن الأوربيين ( ونعتقد أنهم قد تأثروا في هذا الباب بالحضارة الإسلامية في الأندلس) في مسألة تقديم الهدية يعكسون الصورة التي أمر بها الإسلام، والتي من الممكن أن يختصروها في وردة واحدة بلا تعقيد ولها ردود فعل قوية، وهناك طالبة بجامعة الأزهر أصيبت في حادث سيارة، فقمنا بالواجب نحوها واستقدمنا أهلها حتى وقفت على قدميها وعاد إليها وعيها، فلما شفيت جاءت بأهلها ومعهم هدية مغلفة من يراها من الخارج يقول إن فيها شيئا ما ولكنها عبارة عن سلطانية بلاستيك وفيها برتقالتان وتفاحة، وكان لهذه الهدية وقع عندي كبير لمجرد تفكيرهم في الأمر، ونحن نريد أن نتهادى في هذا الإطار دون أي إرهاق مادي وفي حدود طاقة الإنسان.