خفايا علاقة رئيس طائفة البهرة برؤساء مصر

الموجز

عن عمر يناهز 102 عام توفي الأسبوع الماضي محمد برهان الدين الزعيم الروحي لطائفة البهرة الداودية، التي تعد من الطوائف الشيعية الإسماعيلية في الهند، وهو الخبر الذي استقبله أعضاء طائفة البهرة بمصر ببالغ الأسي والحزن، حيث يحتل الشيخ برهان الدين أو كما يطلقون عليه سيدي برهان منزلة خاصة في قلوب أعضاء الطائفة، ليس هذا فحسب بل إن الرجل كانت له علاقات وأسرار برؤساء مصر من الزعيم عبدالناصر وحتي حسني مبارك، هذا إلي جانب علاقته بعد من علماء الأزهر والوزراء والشيخ محمود خليل الحصري.
وقد مثلت مصر للبهرة قبلة ذات طابع خاص حيث ارتبط زعيمهم الشيخ برهان الدين بعلاقة حب من نوع خاص لأصوات المقرئين المصريين، فبرهان الدين عاش حياته في رحاب القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث إنه ختم القرآن الكريم ترتيلا في الخامسة من عمره، واستمر في تلقي التعاليم الإسلامية والآداب العربية حتي أتقن اللغة العربية الفصحي في حداثة سنه تكلما وكتابة، وكان دائم الاستماع لصوت الشيخ خليل الحصري والشيخ محمد صديق المنشاوي، وفضلا عن قيام أعضاء الطائفة بالاحتفال بمولده كل عام وإقامة طقوسهم بالمساجد وتوجيه شكر لله والصلاة والدعوات للشيخ برهان الدين فقد زار الشيخ برهان الدين مصر مرات عديدة.
علاقة زعيم البهرة بمصر مرت عبر تاريخها بالعديد من العقبات، فما أن أستطاع برهان الدين ترتيب لقاء بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر والتنسيق معه لرعاية أبناء الطائفة وعدم التضييق عليهم في ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية حتي جاءت محاولة جماعة الإخوان المسلمين لاغتيال عبدالناصر والمتمثلة في حادث المنشية الشهير وهنا بدأت إجراءات أمنية مشددة تهدف إلي منع الاجتماعات فانزوت الجماعة ومارست طقوسها في هدوء.
ولكن الطائفة وجدت طريقها إلي مصر مر أخري عبر ترميم المساجد وهو الإجراء الذي كانت تتتبعه في كل دول العالم فعبر تاريخ الطائفة علي مستوي العالم ساهمت بعض جهود سلطان البهرة الدكتور محمد برهان الدين في إحياء الآثار الفنية الإسلامية والفاطمية وترميمها حيث قام بترميم الجامع الأقمر وترميم الجامع الجيوشي وترميم وإعادة بناء مسجد اللؤلؤة وبناء ضريح السيدة زينب ومقصورة السيدة رقية .
وبالفعل نجحت هذه الخطة لإعادة تواجد البهرة بشكل قوي في كل أنحاء العالم وبمصر بصفة خاصة، حيث أحرزت جهود سلطان البهرة الدكتور محمد برهان الدين وإنجازاته في كافة المجالات تقديرا عالميا ملحوظا، كل ذلك من قبل عدد من رؤساء الدول العربية والأجنبية وعدد من الجامعات العربية والإسلامية، حيث قامت جامعة الأزهر تحت مشيخة الدكتور أحمد حسن الباقوري وبتوجيه من رئيس الجمهورية المصرية آنذاك جمال عبدالناصر بمنحه درجة العالمية الفخرية في العلوم الإسلامية Honoris Causa بتاريخ 31 مارس 1966 تقديرا لجهوده الخيرة في العمل علي توثيق الروابط الكريمة بين المسلمين.
وفي عهد السادات قام برهان الدين بترميم الجامع الأنور بالقاهرة، وهو من أعظم المساجد الأثرية الإسلامية الفاطمية وأضخمها، وقد كان قبل الترميم في حالة يرثي لها، تراجعت لها عن ترميمه كثير من المنظمات الأثرية بمن فيها منظمة اليونيسكو، رممه سلطان البهرة مع أبناء طائفته في 28 شهرا، وافتتحه سنة 1981 مع رئيس جمهورية مصر العربية آنذاك محمد أنور السادات وعدد كبير من الوزراء والمسئولين، كما تم تكريمه بـوشاح النيل علي يد الرئيس أنور السادات عام 1971، ولكن بعد اغتيال السادات عام 1981، ولم يكن ذلك استهدافا خاصا بهم وإنما ضمن المطاردات الأمنية لكل الجماعات الدينية، ونال البهرة نصيبا من هذه المضايقات، فعادت الطائفة إلي إخفاء طقوسها الدينية.
وفي عام 2005 التقي محمد برهان الدين الرئيس الأسبق حسني مبارك بمدينة شرم الشيخ وكانت بمثابة لقاء تمهيدي يعيد فيه برهان الدين المياه إلي مجراها، حيث قام بعد ذلك في مايو 2007 بزيارة خاصة لمصر زار خلالها مزارات آل البيت وتفقد أحوال الطائفة ومشروعاتها في مصر واختتم الزيارة بلقاء الرئيس الأسبق مبارك، حيث أعرب عن تقديره وشكره للرئيس الأسبق لرعاية مصر للسياحة الدينية التي تقوم بها طائفة البهرة ورعايته لمساجد آل البيت وأما الحديث الذي دار بينهما فقد كان حول استثمارات الطائفة في مصر خاصة بمدينة السادس من أكتوبر حيث تقيم مصانع للرخام والبلاط والزجاج والسيراميك كما تحدث عن توجهات الطائفة لتوجيه هذه الاستثمارات الي باقي قطاعات صناعة البناء، كما تم تكريم برهان الدين بـوشاح النيل مرة ثانية علي يد حسني مبارك.
وعدد أتباع الطائفة يزيد علي مليون ونصف المليون، أما أصولهم فهي تمتد لعصر الدولة الفاطمية في مصر، وزعيمهم المتوفي الأسبوع الماضي الدكتور محمد برهان الدين كان الزعيم الثاني والخمسين للفرقة وحمل لقب «الداعي»، وكان من أغنياء العالم ويحمل إقامة دائمة في مصر، وله قصر كبير في المهندسين، أما أتباعه فيتواجدون في عدة دول منها الهند وباكستان واليمن والبحرين وسوريا وعدة دول أخري.
كما أن للبهرة في مصر أماكن أخري يرتبطون بها منها ضريح «مالك الأشتر» الموجود في منطقة المرج الذي يعتقدون أن الإمام الاشتر مدفون هناك يأتون كل عام إليه ويحتفلون بمولده، وأما مسجد الحاكم بأمر الله فهو لا يخضع لنفوذ وإشراف البهرة، فهو مسجد تابع لوزارة الأوقاف المصرية، لكن الوزارة تغض الطرف عنهم، باعتبار أنهم لا يمثلون خطرا سياسيا وأمنيا علي الدولة، شأنهم شأن الطرق الصوفية والجماعات الشيعية التي تمارس شعائرها في منطقة القاهرة المكتظة بالأضرحة ومساجد آل البيت النبوي، مثل مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرها.
والبهرة يعتقدون أن للإسلام سبع دعائم لا يكون الإنسان مسلما إلا بها، وهي الولاية والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد، ولهم أيضا مفاهيم تتعلق بالمبدأ والمعاد وعذاب القبر ونعيمه والجنة والنار وغيرها من الأمور الغيبية.
تم نسخ الرابط