حسين صدقي.. من أصول تركية ولقب بواعظ السينما وله معركة شهيرة بسبب الخمور

حسين صدقي، أحد أعلام السينما المصرية، لم يكن مجرد فنان عابر في تاريخ الفن، بل كان رجلًا له رسالة ومبدأ التزم بهما طوال مسيرته الفنية، اختار أن يكون للسينما دور هادف ومؤثر في المجتمع، مستخدمًا الشاشة الكبيرة كمنبر لنشر القيم والأخلاق، ورغم نجاحه الباهر، إلا أن نهايته كانت مثيرة للجدل بعد وصيته بحرق معظم أفلامه، مما أثار تساؤلات كثيرة عن دوافعه ومبادئه.
في هذا التقرير، يستعرض الموجز مسيرته الفنية والشخصية، ونتعمق في حياته المثيرة للجدل.
نشأة حسين صدقي في حي الحلمية الجديدة
وُلد الفنان حسين صدقي في 9 يوليو 1917 بحي الحلمية الجديدة في القاهرة، في أسرة متدينة تجمع بين الأصول المصرية والتركية، فقد والده في سن الخامسة، مما جعله يتربى على يد والدته التي حرصت على تنشئته تنشئة دينية صارمة.
هذه التربية الدينية الصارمة شكلت شخصية حسين صدقي وأثرت بعمق في مسيرته الفنية، حيث اختار أن تكون أعماله تعبيرًا عن القيم الأخلاقية والدينية.

بداية حسين صدقي الفنية
بدأ حسين صدقي مسيرته الفنية عام 1937 بفيلم "تيتاوونج"، فقد أراد أن تكون السينما أداة للإصلاح الاجتماعي، وليس مجرد وسيلة للترفيه.
وفي عام 1942، أسس شركة "أفلام مصر الحديثة" بهدف تقديم سينما هادفة تناقش قضايا المجتمع والدين، من خلال هذه الشركة، استطاع أن يخرج بأفلام لا تكتفي بتسلية الجمهور، بل تدفعهم للتفكير في مشكلات حياتهم اليومية.
أبرز أعمال حسين صدقي السينمائية
قدم حسين صدقي مجموعة من الأفلام التي لا تزال تُعد من روائع السينما المصرية، منها "العزيمة"، "الشيخ حسن"، "خالد بن الوليد"، و"الأبرياء".

كانت أفلامه بمثابة مرآة تعكس قضايا المجتمع، مثل الفقر والظلم الاجتماعي، ولكن بأسلوب يدعو إلى الأخلاق والإصلاح لم تكن رسالته مجرد شعارات، بل كانت واضحة ومؤثرة، ما جعله يُلقب بـ"واعظ السينما".
تدين حسين صدقي وعلاقات مميزة مع علماء الأزهر
لم يكن تدين حسين صدقي مجرد قناع يرتديه في أفلامه، بل كان جزءًا أصيلًا من شخصيته، ارتبط بعلاقات وطيدة مع علماء الأزهر، مثل الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد الحليم محمود.
هذه العلاقات أثرت في رؤيته الفنية ودفعته لتقديم أفلام تخدم الدين والمجتمع، مما جعله يحظى بتقدير كبير من جمهور متدين كان يبحث عن محتوى هادف.
اعتزال حسين صدقي والعمل السياسي
في الستينيات، قرر حسين صدقي اعتزال الفن بعد أن شعر بأن السينما لم تعد تحقق هدفه في الإصلاح الأخلاقي لكنه لم يتوقف عن رسالته المجتمعية، فاتجه للعمل السياسي وترشح لعضوية البرلمان، ركز خلال فترة ترشحه على قضايا اجتماعية مهمة، أبرزها دعوته لمنع الخمور في مصر، لكن محاولاته قوبلت بتجاهل من المسؤولين.

وصية حسين صدقي المثيرة للجدل
قبل وفاته في 16 فبراير 1976، ترك حسين صدقي وصية أثارت الكثير من التساؤلات، حيث طلب فيها حرق جميع أفلامه باستثناء فيلم "خالد بن الوليد".
كان يرى أن السينما يجب أن تكون وسيلة لخدمة الدين والمجتمع، وأنه لم يُرد أن تُستخدم أفلامه في غير ذلك.
هذه الوصية كشفت عن صدق التزامه بمبادئه حتى اللحظات الأخيرة من حياته.

وفاة حسين صدقي
توفي حسين صدقي عن عمر يناهز 58 عامًا، بعد مسيرة فنية مليئة بالعطاء والتحديات، رغم قلة عدد أفلامه مقارنة بغيره من نجوم السينما، إلا أن تأثيره كان كبيرًا، إذ نجح في أن يكون صوتًا للفضيلة والأخلاق في زمن كانت فيه السينما تتجه نحو الترفيه السطحي.
إقرأ أيضا
حسين صدقي في رمضان.. حوّل بيته لساحة صوفية ورفض تقبيل مديحة يسري إلا بفتوى
حاول سن قانون يحرم شرب الخمر.. وفاة والده غيرت حياته.. الشعراوي أوقف حرق أفلامه.. حكايات حسين صدقي