بديع خيري..أعماله غيّرت مسار المسرح المصري ومأساة أنهت حياته

بديع خيري
بديع خيري

بديع خيري هو أحد أعمدة المسرح المصري وأبرز صناع الكلمة الذين أضافوا للفن لمسات مميزة، حيث أنه لم يكن مجرد كاتب مسرحي، بل كان متعدد المواهب، فقد جمع بين الإخراج والتأليف، وترك بصماته على المونولوج والرواية المسرحية، بدأ رحلته الفنية من خلال تقديمه مسرحية"على كيفك" مع نجيب الريحاني، وسرعان ما عُرف بلقب "زجال المسرح" بسبب أعماله المميزة التي لامست وجدان الجمهور المصري، ومن أبرز كلماته الوطنية الخالدة"قوم يا مصري، صبح الصباح فتاح يا عليم"التي لحنها سيد درويش، والتي أصبحت رمزًا للنهضة الوطنية، وصف بديع خيري ضحكات الجمهور في المسرح بأنها الفيتامين الذي يستمد منه الحياة، وظل يبث الأمل والفكاهة في قلوب الناس حتى رحيله يوم 1 فبراير عام 1966.  

النشأة والبداية الفنية

 

ويرصد موقع الموجز، أبرز المعلومات والمحطات في حياته، وُلِد بديع خيري يوم 17 أغسطس عام 1893، وتوفي يوم 1 فبراير عام 1893 في حي المغربلين في القاهرة، وكان والده من أصول تركية ووالدته مصرية، كان والده يعمل في دائرة حسابات الخديوي عباس الثاني، ونشأ بديع في بيئة ثقافية غنية حيث حفظ القرآن الكريم كاملًا في صغره، وعقب حصوله على دبلوم المعلمين بدأ مشواره العملي كمدرس للجغرافيا، ثم موظفًا بمصلحة التليفونات، لكنه لم يكن يومًا راضيًا عن هذه الوظائف، كما كانت موهبته الأدبية تتفتح منذ الصغر.  

بديع خيري 

وكان للمقاهي الشعبية والموالد تأثير كبير في تكوينه الفني، فقد اعتاد التجول بين مقاهي الجمالية والإمام الشافعي مستمعًا للأشعار والسير الشعبية، ووصف هذه الأماكن بأنها "مدرسته الأولى في التأليف المسرحي". 

 

بديع خيري والوحدة الوطنية  

 

لطالما دعا بديع خيري كثيراً للوحدة الوطنية، فقد كان يؤمن بأن الأوطان تجمع الناس تحت رايتها دون النظر للدين، وفي إحدى ندواته قال عبارته الشهيرة:"إن كنت تخدم مصر أم الدنيا علشان تتقدم لا تقول لي نصراني ولا مسلم، يا شيخ اعلم اللي أوطانهم تجمعهم عمر ما الأديان تفرقهم".  

بدايته في الشعر الوطني والسياسة

منذ صغره، عشق بديع خيري السياسة، لذا انضم للحزب الوطني الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل، وبدأ في نشر قصائده بجريدة الحزب "اللواء" تحت توقيع "ابن النيل"، وكانت أولى قصائده الوطنية بعنوان"الحرب" عام 1914، وفيها هاجم الاحتلال البريطاني، وكان وفته في الخامسة عشرة من عمره.  

كما كتب أيضاً في جريدة "المؤيد" الشعر الفصيح، حيث كان والده صديقًا للشيخ علي يوسف صاحب الجريدة، وبعد ذلك اتجه لكتابة الزجل والمونولوجات، التي لاقت رواجًا كبيرًا في المسرح، خاصة خلال فواصل مسرحيات نجيب الريحاني، فاطمة رشدي، وعلي الكسار.

أعمال بديع خيري الموسيقية

 

لم يقتصر إبداع بديع خيري على المسرح فقط، فقد امتد للأغنية الشعبية والوطنية، وفي عام 1917 كتب أول مونولوج له، كان من غناء الفنانة فاطمة قدري، وكان مطلعه:  "ليلة العيد كنت مخدر.. في ميدان عابدين ماشي أتمختر"، وحصل عنه على أول أجر له، وكان 50 قرشًا فقط، بعدما كان يكتب المونولوجات مجانًا.  

تعاون مع كبار الملحنين، من بينهم سيد درويش، فكتب له أغنيات خالدة مثل:"الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية"،  "هز الهلال يا سيد بركاتك لجل نعيد"،"قوم يا مصري مصر دايمًا بتناديك"،"يا واش يا واش يا مرجيحة".

كما كتب بديع خيري كلمات العديد من أوبريتات سيد درويش، مثل"العشرة الطيبة"، التي ما زالت تُعد من روائع الفن المصري.  

علاقة بديع خيري مع نجيب الريحاني

 

في عام 1912، تقابل بديع خيري مع الموسيقار سيد درويش، وعملا معا في تقديم أعمال مسرحية مميزة، مثل"العشرة الطيبة، الطاحونة الحمراء، الفلوس، أيام العز، الجنيه المصري، الليالي الملاح، الشاطر حسن".  

وكانت نقطة التحول الكبرى في حياته عندما التقى بالفنان نجيب الريحاني، الذي شاهد إحدى مسرحياته وأُعجب بها، فكان ذلك بداية شراكة فنية طويلة امتدت لعقود، كما أسس بديع خيري مع الريحاني فرقة مسرحية، وكتب له مسرحيات لا تُنسى، منها:"أما حتة ورطة"، "على كيفك".  

وفي عام 1941، وقع بديع خيري عقد احتكار لكي يكون المؤلف الرسمي لفرقة الريحاني، ليقدما معا أعمالًا غيّرت مسار المسرح المصري.  

بديع خيري 

لم يتوقف إبداعه عند المسرح، فقد امتد للسينما، فقد كتب حوارات وأغاني الكثير من الأفلام الناجحة، مثل "انتصار الشباب"، "لعبة الست"، "ورد الغرام"، "العزيمة"، كما كتب أغاني حققت نجاحًا كبيرًا، مثل:  "لي عشم وياك يا جميل" التي لحنها وغناها محمد فوزي، "يا خارجة من باب الحمام"ألحان محمود الشريف.  

بجانب المسرح والسينما، عشق بديع خيري الصحافة الساخرة، فكتب الكثير من الصحف، كما واجه صعوبات عديدة بسبب آرائه الناقدة للحكومة والمجتمع، أصدر مجموعة مجلات، منها:"ألف صنف"،"الغول"،"انهاردة"،"المسامير"،"الراديو"،"الفاس"،"الكشكول".

كما تعرض لملاحقات ومصادرات مستمرة نتيجة جرأته السياسية، كما  أنه كتب ساخرًا"الحال في مصر أصبح بزرميط".

المأساة التي أنهت حياته


على الرغم من كونه صانع الضحكات، لكن حياته لم تكن خالية من الأحزان فقد عاش تجربة مأساوية عندما فقد ابنه الفنان عادل خيري الذي كان في أوج تألقه الفني.  

كما زاد المرض من معاناته، فقد اضطر إلى بتر أصابع قدميه بسبب مضاعفات مرض السكر، ولم يتحمل الألم النفسي والجسدي، فتوفي بعد ثلاث سنوات من وفاة ابنه.

اقرأ أيضاً:

بديع خيري بين صداقة نجيب الريحاني وذكريات سيد درويش ووفاة نجله .. إرث فني يتحدى الأحزان
عادل خيري الكوميديان الحزين.. ورث والده أنهي حياته ومحمد عوض خطف الأضواء منه وحكايته مع نجيب الريحاني
 

 

تم نسخ الرابط