الفتوي الشرعية في شرب الخمر.. حلال أم حرام
كرَّم الله الإنسان وفضَّله على سائر المخلوقات وأنعم عليه بنعمة العقل وجعله مناطًا للتكليف، ويمكن الإدراك والتمييز بين النافع والضار والحسن والقبيح والخير والشر، وحفظ العقل من مقاصد الشريعة الإسلامية التي أطلق عليها الفقهاء الضرورات الخمس؛ وهي: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال.
حكم شرب الخمر
وإذا كان حفظ العقل وسلامته من بين هذه الضرورات فقد حرَّم الإسلام الموبقات والمفسدات وكل ما يُذْهِبُ العقل أو يفسده من مطعوم أو مشروب، وفي مقدمة الموبقات المفسدات المهلكات أم الخبائث الخمر، وقد ثبت تحريمها بالقرآن الكريم والسنة، ويستعرض الموجز حكم شرب الخمر في الإسلام
شرب الخمر ذنب كبير
فشربُ الخمر من أكبر الذنوب وأعظم الكبائر، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 1108، وأما كون شارب الخمر يبقى نجس العين أربعين يوما فليس بصحيح، فالخمرُ وإن كانت نجسة العين وهي تنجسُ فمَ شاربها، ويجبُ عليه تقيؤها وغسلُ فمه من أثرها، لكنه طاهرُ العين لا ينجس بمعاقرتها، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن لا ينجس. متفقٌ عليه .
فهو من الكبائر، وقد جاء في الأحاديث النبوية لعن الله من يشربها ومن يبيعها ويسقيها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لعنَ اللهُ الخمرَ، و شاربَها، و ساقيَها، و بائعَها، و مبتاعَها، و عاصرَها، و مُعْتصرَها، و حاملَها، و المحمولةَ إليهِ، و آكلَ ثمنِها).
ولم يكن شرب الخمر في بداية الإسلام محرماً، بل تم تحريمه على مراحل؛ إذ كان من العادات التي تَلَبّس الناس بها في الجاهلية، وكان تحريمه على النحو الآتي: بيان كثرة ضرره مقارنة بمنفعته، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا).
النهي عن شرب الخمر عند الصلاة
يقول -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)، فالنهي في الآية عن النتيجة وهي السكر، والسكر يتأتّي من شرب الخمر غالباً.
فالخمر سبب للعداوة والبغضاء بين المسلمين، ويلهي عن ذكر الله وعن الصلاة، يقول -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
تحريم شرب الخمر
يقول -الله تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،فلفظ فاجتنبوه لفظ صريح، وهو نهيٌ عن شرب الخمر، وقد نزلت هذه الآية في السنة الثالثة للهجرة بعد غزوة أحد.
هل شارب الخمر نجس ؟
قال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي، وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن شرب الخمر حرام بإجماع المسلمين، وفي تحريم الخمر أدلة كثير في الكتاب والسنة وآثار الصحابة وإجماع المسلمين، مستشهدًا بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، وفي السنّة ورد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد «لعن في الخمر كلّ من شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه».
الحكمة من تحريم الخمر
الحكمة من تحريم الخمر إن للخمر مفاسد وأضرار كبيرة كما ذكر القرآن الكريم، نذكر منها ما يأتي: إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، المصالح لا تتمّ إلا بالعقل، والخمر يُذهب العقل، والذي يشرب الخمر يُعطّل مصالحه بإذهاب عقله، وحماية المجتمع من الأضرار والجرائم التي قد يرتكبها شارب الخمر؛ كالقتل، والسرقة، والاعتداء على الناس. العقل تشريف للإنسان وتمييز له عن الحيوان، وهو سبب لتكريم بني الإنسان على الخلق، واصطفاء الأنبياء والرسل منهم، والخمر يضرب بتلك الفضائل التي لا تعد ولا تحصى للعقل الإنساني عرض الحائط، ويجعل حياته عبثا دون فائدة. الخمر قذر، ورائحته كريهه، وشربه مناف للفطرة البشرية، وانحراف عن الطباع السليمة.
اقرأ أيضا : الإفتاء توضح حكم الجمع بين الظهر والعصر دون عذر
هل الحب حرام بين الشاب والفتاة قبل الزواج؟.. الإفتاء توضح حكم الشرع