اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. حكم زواج ذوي الهمم من أصحاب القصور الذهني

دار الإفتاء
دار الإفتاء

بالتزامن مع اليوم العالمي لـ ذوي الإعاقة، الذي يُحتفل به اليوم الثلاثاء 3 ديسمبر، تزايدت الأسئلة الشرعية حول حقوق ذوي الإعاقة في الشريعة الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بحكم زواج ذوي الهمم من أصحاب القصور الذهني وإنجابهم، وفيما يلي سنعرض لكم من خلال الموجز رد الإفتاء على سؤال  ما حكم زواج ذوي الهمم من أصحاب القصور الذهني؟

رد دار الإفتاء على السؤال ؟

وقد أجابت دار الإفتاء على هذه الأسئلة عبر موقعها الرسمي موضحة أن الزواج حق من حقوق المعاق ذهنيًا، باعتباره إنسانًا مُركبًا فيه الشهوة والعاطفة، ويحتاج إلى سكن ورعاية وعناية، شأنه شأن باقي البشر.

الإفتاء : يجوز للمجنون الزواج

وأوضحت الإفتاء أن الشريعة الإسلامية أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، وبالتالي يمكن للمصابين بإعاقة ذهنية يسيرة الزواج، بشرط أن يتم ذلك تحت رعاية وعناية مناسبة، فيما يخص مباشرة المعاق عقد الزواج بنفسه، أكدت دار الإفتاء أن هذا غير جائز، حيث إن الزواج يعتبر عقدًا يتطلب العقل والقصد السليم، وهو ما يفتقده المعاق ذهنيًا. لذا يجب أن يتولى ولي أمر المعاق هذه المسألة.

المركز الإعلامى - دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

وفيما يتعلق بموضوع الإنجاب، أكدت دار الإفتاء أن هذا الأمر يعود إلى أهل الاختصاص، مثل الأطباء والمختصين، لتحديد مدى مصلحة الإنجاب أو مخاطر انتقال الإعاقة إلى الأبناء، وأوضحت أنه يجب الأخذ في الاعتبار الحالة الصحية والنفسية للمعاق قبل اتخاذ قرار الإنجاب.

بناءً على ذلك، أكدت دار الإفتاء أن تصرفات الولي تكون دائمًا في مصلحة المعاق، وأنه لا يجوز له منع الزواج إذا كانت هناك مصلحة واضحة لذلك، على أن تتم هذه القرارات وفقًا لما يتماشى مع المصلحة العامة.


حق ذوي الهمم في الزواج


الزواج حق من حُقوقِ المعاق ذهنيًّا، ثابت له بمقتضى الجِبِلَّة والبشريَّة والطَّبع؛ لأنه إنسان مُرَكَّبٌ فيه الشهوةُ والعاطفةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، شأنه شأن بقية بني جنسه، مع زيادته عليهم باحتياجه لرعاية زائدة فيما يرجع إلى حالته الخاصة.

وكما أن ذلك الحق ثابت له طبعًا، فهو ثابت له شرعًا،  فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان في مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة-، يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج في ذلك، ما دام المعاق مَحُوطًا بالعنايةِ وَالرعايةِ اللازمتين.

هل يجوز للمعاق إعاقة ذهنية أن يباشر عقد الزواج بنفسه؟

الزواج عقدٌ من العقود، متى توفرت فيه أركانه وشرائطه صَحَّ وترتبت عليه آثارُه.
ومن شروط صِحَّة العقود: أهليةُ المتعاقدَين، فإذا اختَلَّت هذه الأهلية بعارِضِ الجنون أو العَتَه: لم يَصِح للمجنون -ونحوه- أن يُباشِر الزواجَ بنفسه، ولو فَعَله لم يَنعَقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تَصَرّفٌ مُتَوقِّف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العَقل.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 232، ط. دار الكتب العلمية): [لا يَنعقد نكاح المجنون والصبي الذي لا يَعقل؛ لأن العقل من شرائط أهلية التصرف] اهـ.

وبسبب هذا الاختلال في الأهلية، فإن الشَّرعَ قد أثبت سلطة ولاية أمر المجنون للغير؛ لأجل تحقيق الحفظ والصيانة له، وبموجب هذه السُّلطة يقوم الوليُّ برعاية شؤون المُولى عليه المتعلقة بشخصه.

ومن التصرفات التي يجوز للولي إيقاعها: تزويج المجنون الذي تحت ولايته؛ لمصلحة إعفافه أو إيوائه وحفظه وصيانته.

قال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (7/ 94، ط. المكتب الإسلامي): [إن كان المجنون كبيرًا لم يُزَوَّج لغير حاجة، ويُزَوَّج للحاجة، وذلك بأن تظهر رغبته فيهن؛ بدورانه حولهن، وتعلقه بهن، ونحو ذلك، أو بأن يحتاج إلى مَن يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارِمه من يُحَصِّل هذا.. أو بأن يتوقع شفاؤه بالنكاح، وإذا جاز تزويجه تولاه الأب، ثم الجد، ثم السلطان، دون سائر العصبات، كولاية المال، وإن كان المجنون صغيرًا لم يصح تزويجه على الصحيح] اهـ.


وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 635، ط. عالم الكتب): [أمَّا المجنونة: فلجميع الأولياء تزويجها إذا ظهر منها الميل للرجال؛ لأن لها حاجة إلى النكاح لدفع ضرر الشهوة عنها، وصيانتها من الفجور، وتحصيل المهر والنفقة والعفاف، وصيانة العرض، ولا سبيل إلى إذنها، فأبيح تزويجها، ويُعْرَفُ ميلُها إلى الرجال مِن كلامها، وتتبع الرجال، وميلها إليهم ونحوه من قرائن الأحوال، وكذا إن قال ثقة من أهل الطب -إن تعذر غيره، وإلَّا فاثنان-: إنَّ علتها تزول بتزويجها، فلكل وليٍّ تزويجها؛ لأن ذلك من أعظم مصالحها؛ كالمداواة، ولو لم يكن للمجنونةِ ذات الشهوة ونحوها وليٌّ إلا الحاكم زَوَّجَها] اهـ. بتصرف.

 

تصرفات الولي تكون مقيدة بمصلحة المولى عليه

غنيٌّ عن البيانِ أن المقصودَ من هيمنة الأولياء والأوصياء والكُفلاء هو محض المصلحة للمُولَى عليه والمُـوصَى عليه والمكفول، لا أن يتحوَّلَ الأمرُ إلى تجارةٍ للرقيقِ الأبيض في صُورةِ استخدام هؤلاء المعاقين استخدامًا غير آدمي وغير أخلاقي.

والأصل أن القَيِّم والوالدَين أو أحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، دائرة معها؛ فإن كان في مصلحته من الناحية النفسيَّة أو الصحيَّة أو حتى الماديَّة الزواج فلا يجوز له الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات الموثوقة والروابط التي تنتظم أمثالَ هؤلاء المعاقين ذهنيًّا، ويكون تأخير القائمين على هؤلاء في جلب مصلحة لهم -حيث توفرت مقدماتها- فيه تقصيرٌ وإثمٌ بقدر تحقُّقِ تخلُّفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب على الظن حصوله للمعاقين.

اقرأ أيضا:

هل يجوز قول آمين أثناء الصلاة عند المرور بآية دعاء؟.. الإفتاء يوضح

دار الإفتاء.. الثلاثاء 3 ديسمبر أول أيام شهر جمادى الآخرة 1446 هجريًا

تم نسخ الرابط