ما حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها؟.. إليك الإجابة

حكم غسل المرأة إذا
حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها

حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها.. ورد سؤالًا إلى دار الإفتاء المصرية يقول فيه صاحبه: "هل تغسل المرأة إذا ماتت وهي في حال العذر الشرعي (الحيض) غسلًا واحدًا أو غسلين؟".

 وسيعرض لكم الموجز فيما يلي رد دار الإفتاء على استفسار حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها.

حكم الشرع في غسل الميت

وأشارت دار الإفتاء المصرية في تعليقها على سؤال حكم غسل المرأة، قائلة:"شرع الله عز وجل الغسل في حق من مات من المسلمين رجلًا كان أو امرأة؛ من أجل تكريم  إنسانيته، وتنظيفًا لجسده، وتفضيلًا له على جميع  المخلوقات، وجعله واجبًا على الكفاية في حق غيره من المسلمين الأحياء، ولا يسعهم جميعًا تركه؛ وذلك لما صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا خَرَّ من بعيره، فوُقِصَ فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

كما قال العلامة أكمل الدين البابرتي رحمه الله في "العناية شرح الهداية" (2/ 105، ط. دار الفكر): [وهو -أي: غسل الميت- واجب على الأحياء بالإجماع] اهـ، وقال أيضاً الإمام النووي رحمه الله في "المجموع" (5/ 128، ط. المنيرية): )وغسل الميت فرض كفاية بإجماع المسلمين) اهـ».

حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها

غسل المرأة إذا ماتت حين حيضها

أمَّا ما يلزم للمرأة الحائض من غسل إذا ماتت حال حيضها، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها بأنها مثل غيرها من أموات المسلمين، لا يستوجب لها إلا غسل واحد، وهو غسل الموت، أمَّا غسل الحيض فلا يلزم؛ لأنَّ الحائض بموتها قد خرجت من أحكام التكليف، ولم يتبقَ عليها عبادة لازمة؛ لأنها بموتها سقط عنها فرض الصلاة، وإذا سقط عنها فرض الصلاة، سقط عنها فرض الطهارة وهو الغسل التي تؤدي به الصلاة».

وقال العلامة الشرنبلالي في "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 213، ط. المكتبة العصرية) فيما يُفعل بالميت عند تغسيله: (وُضِّئ).. إلا أن يكون صغيرًا لا يعقل الصلاة فلا يوضأ، (بلا مضمضة واستنشاق) وذلك للتعسر، ويمسح فمه وأنفه بخرقة، وعليه عمل الناس، (إلا أن يكون جنبًا) أو حائضً أو نفساء، فيلزم غسل فمه وأنفه؛ تتميمًا لطهارته اهـ.

وقال أيضاً في "الدر المختار" (ص: 117، ط. دار الكتب العلمية): (ويوضأ) من يؤمر بالصلاة (بلا مضمضة واستنشاق) للحرج، وقيل: يفعلان بخرقة، وعليه العمل اليوم، حتى ولو كان جنبًا أو حائضًا أو نفساء فُعلا اتفاقًا تتميمًا للطهارة. اهـ.

فأوضح ذلك أن المغسِّل مكلف بمضمضة الحائض واستنشاقها، ولم يلزم ذلك في حق من ماتت حائضًا غسلًا آخر غير غسل الموت، ولو كان واجبًا لما اكتفوا بالمضمضة والاستنشاق فقط في خصوصهما.

وأوضح الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 519، ط. دار الفكر): (ولا يغسل شهيد المعترك إن كان غير جنب، بل (وإن أجنب) أي كان شهيد المعترك جنبًا أو حائضًا أو نفساء.. وذلك لانقطاع التكليف بالموت..؛ ولأن غسل الجنب عبادة متوجهة على الأحياء فق عند القيام للصلاة، وقد إرتفعت عن الميت) اهـ. ومثل الجنب في ذلك الحائض أيضاً.

وقال أيضاً الشيخ الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 46، ط. دار الكتب العلمية): (ويغسل الجنب والحائض) والنفساء (والميت بلا كراهة)؛ لأنهما طاهران كغيرهما، (وإذا ماتا غسلا غسلًا واحدًا فقط)؛ لأن الغسل الذي كان عليهما انقطع بالموت، مثل ما تقدم في الشهيد الجنب) اهـ.

وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 101-102، ط. دار الكتب العلمية): (والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل يسقط غسلهما بغسل الموت)؛ وذلك لتداخل الموجبات، مثل ما تقدم فيما إذا اجتمعت أحداث تلزم وضوءًا أو غسلًا، ونوى أحدهما ارتفع سائرها) اهـ.

وقد تحدثا الإمام ابن المنذر، والإمام ابن القطان هذا القول عن عامة أهل العلم جميعًا، واختاروه.

وقال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (5/ 340، ط. دار طيبة): (واختلفوا في الجنب والحائض يموتان كم يغسلان؟... وروينا عن عطاء أنه قال: «يصنع بهما ما يصنع بغيرهما»؛ وقال أبو بكر: وهذا قول عوام أهل العلم، وبه نقول؛ وذلك أنا لا نعلم فيما سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم من غسل الموتى تفريقًا بين من مات منهم جنبًا، أو غير جنب، أو حائضًا، وقد يجنب الرجل في غير وقت الصلاة، وإنما يستوجب عليه الاغتسال إذا دخل وقت الصلاة، فيؤدي فرض الصلاة، وإذا سقط بوفاته عنه فرض الصلاة أشبه أن يسقط عنه فرض الطهارة التي تؤدى بها الصلاة) اهـ.

وأضاف الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 183، ط. الفاروق الحديثة): الجنب والحائض إذا ماتا يصنع بهما ما يصنع بغيرهما، وهذا قول كل من أحفظ عنه من أهل العلم) اهـ.

وما ذكرناه متفق تماماً مع ما قرَّر الفقهاء من أن الغسل لا يتكرر  بتعدد موجبه؛ فلو اجتمعت على المرأة أحداث توجب الغسل؛ كالحيض مع الجنابة، أو الوطء مرات كثيرة، أو التقاء الختانين مع الإنزال -ومثله إجتماع حدث الموت مع حدث الحيض-؛ فإنه يجزئها غسل واحد تنوي به رفع الأحداث جميعها؛ لأن الموجب واحد فتداخلا.

وقال العلامة الحصكفي الحنفي رحمه الله في "الدر المختار" (1/ 169، بحاشية ابن عابدين- ط. دار الفكر): يكفي غسلٌ واحدٌ لعيدٍ وجمعةٍ اجتمعا مع جنابةٍ، كما لِفَرْضَيْ جنابةٍ وحيضٍ) اهـ.


وقال أيضاً الشيخ الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (1/ 130، ط. دار الفكر): (الأحداث إذا كان موجبها واحدًا واجتمعت تداخل حكمها وناب موجب أحدها عن الآخر) اهـ.

وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 34، ط. دار المنهاج): وإن مات الجنب أو الحائض... غُسِّلَا غسلًا واحدًا...؛ لأن موجبهما واحد، وهو الحدث، فتداخلا؛ كغسل الجنابة والحيض في حال الحياة) اهـ.

وإستكمل الإمام شمس الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "الشرح الكبير على المقنع" (6/ 70-71، ط. دار هجر): (والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل..؛ لأنهما خرجا من أحكام التكليف، ولم يبق عليهما عبادة واجبة، وإنما الغسل للميت تعبد، وليكون في حال خروجه من الدنيا على أكمل حال من النظافة، وهذا يحصل بغسلة واحدة، ولأن الغسل الواحد يجزئ من وجد في حقه شيئان، كالحيض والجنابة، كذا هذا) اهـ.

الفتوى في هذه المسألة

المختار للفتوى هو قول جمهور الفقهاء حول حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها من أن المرأة الحائض إذا ماتت حين حيضها أو بعد طهرها من الحيض ولم تغتسل فإنها مثلها مثل غيرها من أموات المسلمين، لا يلزم لها إلا غسل واحد، وهو غسل الموت، أمَّا بالنسبة للغسل من الحيض فلا يستوجب؛ لأنَّها بموتها قد خرجت من أحكام التكليف، ولم يتبقَ عليها عبادة واجبة، ولعدم ورود ما يثبت التفرقة في الغسل بين من مات حائضًا وغيره، فلما لم يدل دليل على إلزام التفرقة بقي حكمهما واحد، وهو وجوب غسل واحد.

ووفقاً لما سبقحوا حكم غسل المرأة إذا ماتت أثناء حيضها: فإذا ماتت المرأة وهي حائض فإنها كغيرها من أموات المسلمين، تغسَّل غسلًا واحدًا طبيعياً وهو غسل الموت، ويسقط غسل الحيض؛ لسقوط التكليف عنها بالموت.

دار الإفتاء المصرية 

اقرأ أيضاً: 

الاحتفال بـ عيد الحب حلال أم حرام؟ دار الإفتاء تجيب

يزين سماء مصر.. ماذا تقول عند رؤية هلال شهر جمادى الأولى؟

تم نسخ الرابط