استقبلت الجنود بالزغاريد والطعام بعد النصر.. قصة الفدائية آمنة دهشان
حرب أكتوبر ملحمة ألهمت العالم، حيث كتب المصريون جميعًا فصولها بدمائهم ودعواتهم، نساء ورجال، صغارًا وكبارًا، ضحوا بكل ما يملكون من أجل الوطن، فكانت بطولاتهم ملحمة خالدة في تاريخنا
نصر اكتوبر المجيد
بطولات نساء مصر في حرب أكتوبر تستحق أن تُروى للأجيال، فبينما كان الرجال يقاتلون في الخطوط الأمامية، كانت النساء يقفن خلفهم صامدين، يدعمنهم بكل قوة، ويكتبن أسطرًا مضيئة في تاريخ الوطن، في حرب أكتوبر، اجتمع المصريون كالبنيان المرصوص، رجالًا ونساءً، شبابًا وشيوخًا. كانت قلوبهم نابضة بحب الوطن، وعزيمتهم حديدية، فكانت النتيجة نصرًا عظيمًا أسعد العالم أجمع.
يستعرض لكم موقع الموجز القصص الوطنيه للبطولات ،نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان ثورة شعبية شاملة. نساء ورجال مصر، بجميع فئاتهم وأعمارهم، ساهموا في تحقيق هذا النصر العظيم، فكتبوا ملحمة بطولية ستظل خالدة في ذاكرة التاريخ.
آمنة دهشان أول امرأة تستخرج رخصة سلاح
ولدت في 16 نوفمبر 1925، وحفظت القرآن الكريم في سن صغيرة، لم يحالفها الحظ في التعلم بسبب العادات والتقاليد السائدة في ذلك الوقت، خاصة أنها من قرية نائية على أطراف مدينة الإسماعيلية تسمى عزبة أبو دهشان في منطقة السبع آبار الشرقية، مركز أبو صوير، ورغم ذلك، تعلمت القراءة والكتابة، وعاشت طفولتها حتى تزوجت في سن مبكرة عام 1948 من ابن عمها الحاج جمعة إبراهيم دهشان، وأنجبت ابنة و7 أولاد، وكانت رمز من رموز المقاومة المصرية. كانت أول امرأة بالإسماعيلية تحمل السلاح وتشارك في المقاومة الشعبية، رغم قيود العادات والتقاليد، تجاوزت كل الحواجز لتكون قدوة للنساء المصريات، أثبتت أن المرأة قادرة على تحمل المسؤولية والوقوف في الصفوف الأولى للدفاع عن الوطن، المرأة الحديدية التي لم تعرف الاستسلام. كانت تتمتع بشجاعة نادرة وقوة شخصية استثنائية. رغم بساطة حياتها، كان قلبها مليئًا بالحب للوطن. وقد تجسد هذا الحب في بطولاتها التي سطرتها بأحرف من نور في تاريخ مصر.
بدأت امنة دهشان العمل الفدائي منذ عام 1948، حيث كان الفدائيون ينفذون عمليات في منطقة القنال، مثل تفجير معسكرات الإنجليز. كانت تأتي لهم بملابس الفلاحين، وتضع التراب على وجوههم ليبدو وكأنهم عمال، وعندما كانت قوات العدو تبحث عنهم، كانت تتظاهر بأنهم عمال يزرعون الأرض، والدي كان يساعدها في إخفائهم، وأمي كانت تعد الطعام لهم من مالها الخاص، وتجهيز غرفتين في بيتها لاستقبالهم ومبيتهم، وكانت تخدمهم حتى انتهاء مهمتهم.
استمرت آمنة في دعم الفدائيين بنفس الوتيرة حتى نكسة 1967، حيث زادت حدة العمل الفدائي في منطقة القناة. تقول ابنتها زينب: "بدأت أمي تحمل السلاح، تخبئه أحيانًا في ملابسها وأحيانًا في عربة نقل الخضار الخاصة بها، ثم توصل السلاح من قرية نفيشة إلى منطقة المحطة الجديدة وعريشية العبيد.
لم تستطع أمنة دهشان ترك أرض المعركة، حتى ولو كلفها ذلك حياتها، ورفضت التهجير مع باقي أهالي العزبة، هجّرت أبناءها مع أخواتها إلى مدينة بلبيس، لكنها بقيت مع والدي قرب أرض المعركة، كانت تأتي يوميًا إلى بلبيس لتجهز لنا الطعام وتعتني بنا، ثم تعود إلى الإسماعيلية رغم المخاطر، ولتسهيل مرورها، منحها الحاكم العسكري تصريح دخول مدن القناة بحجة أنها تمتلك أرضًا زراعية هناك. خلال تلك الفترة، كانت تساعد الجنود المصريين، تقدم لهم الطعام والدواء وكل ما يحتاجونه حتى انتصارات أكتوبر.
حيث كانت تستقبل الجنود المصريين العائدين من النصر بالزغاريد وزعف النخل وثمار البلح، كانت تفتح بيتها لهم، تُعد الطعام، وتقدم الإسعافات الأولية للجرحى حتى تُنقلهم إلى أقرب مستشفى. الحاجة آمنة كانت أول امرأة تستخرج رخصة لحمل السلاح في مصر، وأول فدائية في مدن القناة منذ عام 1948. رحم الله الفدائية البطلة آمنة دهشان، ابنة الإسماعيلية.
اقرأ أيضاً:
5 أعمال هزت نبض الأمة.. كيف وثّقت الأغاني الوطنية ملحمة نصر أكتوبر؟
في الذكرى الـ51.. 4 أفلام إسرائيلية تناولت حرب أكتوبر