هل يدق ”تجنيد الحريديم” المسمار الأخير في نعش حكومة نتنياهو؟
أشعل تجنيد الحريديم جدلًا جديدًا في الشارع الإسرائيلي، وتوقع الكثيرون بأنه سيكون بمثابة الضربة القاضية لحكومة بنيامين نتنياهو، خاصة أن الأحزاب المتشددة ومعها الأحزاب المنتمية إلى اليمين المتطرف ساعدت في الفوز بأغلبية برلمانية طفيفة.
تجنيد الحريديم
وكما هو معروف فإن التجنيد مفروض على الإسرائيليين اليهود عند بلوغهم 18 عاماً، بحيث يخدم الرجال لعامين و8 أشهر والنساء لعامين.
وأبطلت المحكمة العليا في عام 2018 قانوناً يعفي الرجال المتشددين من الخدمة في الجيش الإسرائيلي، إعمالاً لمبدأ المساواة، ولم تفلح مساعي البرلمان في التوصل إلى قواعد جديدة، وينتهي سريان أمر أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي للمتشددين الشهر المقبل.
ويشكل يهود الحريديم 13 في المائة من سكان إسرائيل، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 19 في المائة بحلول عام 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم.
ومنذ عام 2017، فشلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في التوصل إلى صيغة قانون توافقي يقضي بتجنيد الحريديم، بعد أن ألغت المحكمة العليا القانون الذي شُرّع عام 2015 والقاضي بإعفائهم من الخدمة العسكرية، وسوغت ذلك بأن الإعفاء يمس بـ"مبدأ المساواة".
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد الإعفاء للحريديم من الخدمة العسكرية، وسينتهي في مارس سريان أمر أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي للمتشددين.
نتنياهو يتعهد بإنهاء إعفاء الحريديم من التجنيد
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإنهاء إعفاء اليهود المتشددين المعروفين بطائفة "الحريديم" من التجنيد في الجيش.
وقال نتنياهو: "سنُحدد أهدافًا لتجنيد اليهود المتشددين في جيش الدفاع الإسرائيلي وفي الخدمات المدنية الوطنية، وسنُحدد أيضًا وسائل لتنفيذ هذه الأهداف".
وأضاف نتنياهو أن حكومته ستجد سبيلًا لإنهاء إعفاء اليهود المتشددين من أداء الخدمة العسكرية في مواجهة ضغوط سياسية تُهدد مستقبل ائتلافه الحاكم.
زعيم شاس: قانون تجنيد الحريديم صعب تمريره
ومن جانبه، هاجم زعيم حزب "شاس" عضو الكنيست أريه درعي، قانون تجنيد "الحريديم" المطروح في الوقت الحالي، قائلًا إن القانون من شأنه أن يتسبب في تغير سياسي، وفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت التابعة لإسرائيل.
وأكد درعي، أن الوضع صعب، فيما يخص القانون، سواء من الناحية السياسية أو العامة، سيكون من الصعب جدًا تمرير قانون تجنيد الحريديم الآن، بالإضافة إلى ذلك من الناحية الحكومية، الوضع ليس بسيطًا.
أما حزب «يهودية التوراة» فيؤكد أن الأحزاب الحريدية مستعدة للتجمع حول اقتراح قانون تجنيد الحريديم بشرط الحفاظ على مبدأ واحد هو «أن أي شخص يرغب في دراسة التورة يمكنه فعل ذلك، ونحن مستعدون للتفاوض بشأن العقوبات وأهداف التجنيد، ولكن ليس على مبدأ دراسة التورة».
موقف غالانت وغانتس من تجنيد الحريديم
وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت باستخدام حق النقض (الفيتو) لإلغاء قانون سيسمح بمواصلة الإعفاء، ما لم تتوصل الحكومة إلى اتفاق يمهد الطريق أمام تجنيد الحريديم.
وأضاف: "نُقدر وندعم من يكرسون حياتهم لدراسة الكتاب اليهودي المقدس، ومع ذلك، لا وجود روحانيًا من دون وجود مادي".
وتابع غالانت أنه لن يسمح بتقديم "قانون التجنيد" الهادف إلى إلزامهم بالخدمة العسكرية بالجيش، دون الحصول على موافقة جميع الأحزاب المشاركة بالائتلاف الحكومي.
أما الوزيرين من تحالف "المعسكر الوطني" بيني غانتس وغادي آيزنكوت، فاشترطا دعمهما لمساعي الحكومة لتمديد فترة الخدمة العسكرية والاحتياط، بالموافقة على زيادة عدد الإسرائيليين الذين يتم تجنيدهم تدريجيًا في العقد المقبل.
مظاهرات يهود الحريديم
وفي 26 فبراير الماضي، تظاهر مئات من يهود «الحريديم» رافعين العلم الإسرائيلي أمام المحكمة العليا في القدس، تزامناً مع انطلاق جلسات استماع في المحكمة بشأن المبررات الملزمة لليهود المتشددين بأن يخدموا في الجيش الإسرائيلي.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد للشرطة الإسرائيلية، وهي تفرق بالقوة احتجاجات يهود «الحريديم»، الذين توافدوا من مختلف الفئات العمرية.
ومن جانبها، قالت حركة «من أجل جودة الحكم في إسرائيل»، وهي إحدى الجماعات التي تقدمت بطعن في المحكمة العليا ضد الإعفاءات: «الحرب الطويلة في غزة تلفت انتباهنا إلى الحاجة الماسة لتوسيع نطاق التجنيد ليشمل جميع أطياف المجتمع الإسرائيلي».
وأضافت: «المساواة في العبء ليست شعاراً، بل هي ضرورة استراتيجية وأمنية، وهذا المطلب بالمساواة الحقيقية في التجنيد، يجب أن يتقاسمه كل من يحمل هذا البلد العزيز في قلبه».
من هم يهود "الحريديم"؟
"يهود الحريديم" أو اليهود الأرثوذكس المتشددون هم تيار ديني متشدد جداً، وتعني كلمة «الحريدي» التقيّ، ويتكون يهود "الحريديم" من كثير من المجتمعات المختلفة، تتمحور كل منها حول حاخام، ويتشاركون في عاداتهم الخاصة في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية واللباس والحياة اليومية.
ويعد اليهود المتشددين دراسة التوراة هي الضمان للحفاظ على بقاء إسرائيل، و«سلاح روحاني لحماية شعب إسرائيل».
. ويرسل رجال الحيرديم ذقونهم حتى تصل إلى صدورهم، وكذلك يرسلون شعورهم وتتدلى من خلف آذانهم خصلات شعر مجدولة، وترتدي نساء الحيريديم لباسًا يكاد يًطابق البرقع الذي ترتديه النساء المسلمات المتشددات.
ويتنكر يهود «الحريديم» للصهيونية، وتعيش غالبيتهم في فلسطين والولايات المتحدة، كما يعيش البعض منهم في الدول الأوروبية ويتنقلون بينها. وينتمون في معتقداتهم إلى التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة.
ويعيش يهود الحريديم حياة مكرسة للإيمان، فهم يجتمعون في المعابد 3 مرات في اليوم للصلاة، ويتعلمون في المعاهد الدينية الكبرى، ويعقدون حفلات زفاف بانتظام، وتجمعات احتفالية.
ويرفض يهود الحريديوم التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال السنوات الثلاث.
كما يُعارض يهود "الحريديم" بشدة اعتماد النظام الديمقراطي أساساً للحياة السياسية والاجتماعية، لأنه يأخذ مكان الشريعة اليهودية مصدراً وحيداً للتشريع وإدارة الحياة العامة للشعب اليهودي بنظرهم.
وهم يتحفظون بقوة وقلما يستخدمون التكنولوجيا وتطبيقاتها مثل التلفزيون، الحاسوب، الهاتف النقال إلخ.
اقرأ أيضًا
نبأ مؤسف عن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بنيامين نتنياهو
يعمل على مد خدمة جنوده النظاميين والاحتياط.. الجيش الإسرائيلي يخطط لاستمرار الحرب على غزة