”ثمانية”.. تفاصيل أزمة تهدد مستقبل واحدة من روّاد منصات البودكاست في السعودية

أزمة ثمانية
أزمة ثمانية

تواجه منصة ”ثمانية”، السعودية، تحديات كبيرة مع الجمهور السعودي، تتطلب معالجة حكيمة لتجاوزها بأقل قدر من الآثار السلبية، حيث يعتمد مستقبل المنصة في السوق السعودية بشكل حاسم على القرارات التي سيتم اتخاذها لمواجهة تلك التحديات، مع مراعاة تجنب إثارة غضب الجمهور أو تصاعده.

ما هي منصة ثمانية السعودية

منصة ثمانية، التي تأسست في عام 2016، تعد واحدة من أبرز منصات البودكاست في المملكة العربية السعودية، حيث تحظى بنسبة كبيرة من المتابعين، خاصةً بين الشباب السعودي. تُعَدُّ هذه المنصة تجربة إعلامية فعّالة ومؤثرة، نظراً لتقديمها محتوى عالي الجودة الذي يستهدف تحفيز التفكير والنقاش، مما يعزز السعة العقلية للشباب.

تقدم المنصة تجارب وآراء متنوعة، وتعرض وجهات نظر تختلف عن الوجهات الإعلامية السائدة في المشهد الإعلامي السعودي.

أزمة منصة ثمانية السعودية

أعلنت منصة ثمانية السعودية في 13 يناير 2024، عن تحولها إلى قوة إعلامية كبرى، وصاحب التغريدة عدد من التغريدات حول المزايا الجديدة في المنصة.

في إحدى التغريدات، رد أحد المغردين على إعلان المنصة، متضمنًا قصاصات لتغريدات قديمة لأحد أشهر المذيعين في المنصة، وهو حاتم النجار مذيع بودكاسات فنجان. تحمل هذه التغريدات إشارات ضمنية حول المملكة، مما أثار غضبًا واسعًا لدى الجمهور السعودي.

سرعان ما انتشر هاشتاق "حاتم النجار" على منصة تويتر، وبدأ المغردون في نشر تغريدات قديمة لمذيع ثمانية تحمل إساءات للمملكة وقيادتها وشعبها.

في اليوم التالي، ظهرت أيضا قصاصات لتغريدات مسيئة لأسيل باعبدالله مديرة الإنتاج في شركة ثمانية. لكن سرعان ما قامت أسيل بإغلاق حسابها في منصة تويتر.

أسباب الهجوم على منصة ثمانية

تحوي منصة ثمانية عدد كبير من العوامل التي قد تجعلها محل تشكك وانتقاد في مجتمع محافظ بدرجة كبيرة، وتدفع إزاء تزايد الحملات الهجومية ضدها، فهناك عدة عوامل محتملة جعلت منصة ثمانية هدفاً سهلاً للمنافسين:

  • المحتوى المتميز الذي تقدمه المنصة خاصة التفكير وإثارة النقاش: قد يدفع للتشكيك في نوايا المنصة، أو تكون ذريعة للمنافسين لمهاجمة المنصة باعتبارها تتلاعب بالعقول.
  • الكادر الإعلامي غير السعودي الذي يتولى تقديم برامج المنصة وإدارتها: قد يكون نقطة ضعف للمنافسين، ويستغلها للترويج لفكرة أن المنصة لا تعكس ثقافة المجتمع السعودي، وأنها تهدف إلى نشر أفكار خارجية دخيلة.
  • المتابعات الضخمة للمنصة: تجعلها هدفًا جذابًا للمنافسين، يمكنهم من خلالها جذب الانتباه إليها ومحاولة تقويض شعبيتها.
  • توفير المنصة فرصاً إعلامية لأصوات مُعارضة أو على الأقل غير مرحب بها: يمكن للمنافسين استغلال هذا الأمر لتشويه سمعة المنصة وتصويرها على أنها منصة معارضة أو منحازة لأطراف معينة.

أسباب استفحال أزمة منصة ثمانية

ترتبط الأزمة بعدد من العوامل التي توضح أسباب الزخم والكثافة التي دفعت باتجاه تعاظمها واستفحالها واستمرارها، أهمها الاستقطاب السياسي الحاد ضد المملكة والأنظمة العربية بشكل عام على خلفية حرب غزة، والذي أدى هذا الاستقطاب إلى خلق حالة من الغضب لدى الشعب السعودي، والذي وجد في أزمة ثمانية القشة التي قصمت ظهر البعير.

استغل المغردون السعوديون هذه الفرصة لصب غضبهم على الفلسطينيين، مما أدى إلى تصاعد الأزمة وانتشارها على نطاق واسع.

كما أدت سياسات السعودة إلى خلق حالة من التوتر بين الشباب السعودي والعاملين والموظفين من المهاجرين وغير السعوديين، واستغل المغردون هذه التوترات للهجوم على رموز إعلامية شبابية كحاتم النجار وأسيل باعبد الله باعتبارهما غير سعوديين يحظون بفرص وظيفية كبيرة يستحقها السعوديين.

واستغل المغردون العلاقة بين بعض رموز المنصة وبين بعض الرموز الإخوانية والدعاة من المعتقلين مثل سلمان العودة، من أجل استخدامها كأوراق هجومية ضد المنصة وسياساتها الإعلامية والتشكيك فيها.

فيما رجح خبراء كون الأزمة نتيجة حملة ممنهجة من قبل منافسين لشركة ثمانية، وذلك على وقع إعلان أرباح المنصة وتطبيق هوية جديدة وتوسعة نشاطاتهم. نشبت الحملة ضد رموز المنصة بعد يوم واحد فقط من ذلك الإعلان، مما يشير إلى أنها حملة ممنهجة تمت عن قصد ثم ما لبثت أن توسعت وزادت حدتها بعدما ارتفع التفاعل معها من طيف واسع من المغردين.

انتقادات منصة ثمانية السعودية

يتساءل الكثيرون عن السبب وراء توظيف العديد من الأشخاص الغير سعوديين في قناة ثمانية وفي مراكز إدارتها، مما أثار انتقادات حادة تجاه استخدامها لكوادر أجنبية بدلاً من الكوادر المحلية.

ويُعد تقديم أفكار لا تتناسب مع قيم المجتمع السعودي وتخدم أجندات خارجية من بين الانتقادات الرئيسية لثمانية، حيث يرى البعض أنها تسعى لترويج لأفكار تتعارض مع الهوية الثقافية السعودية.

ويعتبر الاستضافة المتكررة لرموز إخوانية ومعارضين لسياسات المملكة جدلاً، حيث يروج البعض أن هذا يُشوّش على الرأي العام ويثير الجدل داخل المجتمع السعودي.

كما يُعد توظيف أفراد يظهرون تجاهلاً أو استهتارًا تجاه القيادات السعودية ولهم تاريخ من الانتقادات المعادية للمملكة مصدر قلق، حيث يطرح البعض تساؤلات حول الولاء والانتماء الوطني لهؤلاء الموظفين.

ويرى البعض أن عدم تعبير قناة ثمانية عن الهوية السعودية بشكل واضح، مثل عدم ارتداء الزي السعودي، يُعزّز الانتقادات بشأن عدم التزامها بالقيم والتقاليد المحلية.

وأخيرًا، يشكل الصمت المستمر وعدم اتخاذ أي رد فعل من قبل إدارة ثمانية تجاه قضايا حساسة، مثل قضية النجار وباعبدالله، مصدر انتقادات حادة من قبل الجمهور الذي يتوقع من القناة توضيح مواقفها واتخاذ مواقف واضحة.

تأثير أزمة منصة ثمانية

  1. أثرت الأزمة بشكل كبير على أسهم المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، حيث انخفضت الأسهم بشكل ملحوظ في 14 يناير، ثم عاودت الارتفاع في الأيام التالية، ولكن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية محتملة.

  2. وصلت الأزمة إلى مرحلة حاسمة، ويجب التعامل معها بحذر واحترافية حفاظًا على مستقبل المنصة.

  3. يعود جزء كبير من الغضب تجاه ثمانية إلى الغضب تجاه غير السعوديين، وبالأخص الفلسطينيين واليمنيين، نتيجة مشهد جيوسياسي أكبر.

  4. مازالت ردود الأفعال مستمرة، وإن بزخم أقل قليلاً من يومي 14 و15 يناير.

  5. تزداد حدة الهجوم ضد المنصة ومالكيها والعاملين فيها بمرور الوقت في ظل صمت إدارتها.

تم نسخ الرابط