أنقذت يونس عليه السلام.. تعرف على أفضل حالة لذكر الله
تحدث الدكتور عبد الله درويش من علماء وزارة الأوقاف، عن أثراً روى عن بن أبى الدنيا أن رجلا جاء إلى أبى الدرداء رضى الله عنه فَقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: اذْكُرِ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ يَذْكُرْكَ فِي الضَّرَّاءِ .
وقال درويش خلال برنامج ( مع الصحابة والتابعين) بإذاعة القرآن الكريم، إن هذا الأثر يحثنا على ذكر الله فى السراء حتى لا ينسانا فى الضراء وذلك لأن بعض الناس إذا كانوا فى السراء نسوا الله ،ولقد حدثنا الله عن أصناف من الناس منهم من يعرف الله فى الرخاء فقط ومنهم من يعرف الله فى الشدة فقط قال تعالى :"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" ، وهناك ناس تعرف الله فى الرخاء فقط فإذا أصابنة الشدة اعترض على قضاء الله،وهناك أناس ينسون الله فى الرخاء فإذا نزلت بهم الشدة لجأوا إلى الله عز وجل فإذا كشف الضر عنهم رجعوا إلى ما كانوا فيه من الغفلة لقوله تعالى: "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
وأوضح أن المؤمن حاله مختلف فإنه يتعرف إلى الله فى الرخاء بكثرة ذكرة وكثرة شكره ويستخدم النعمة فيما يرضى الله فإذا نزلت به الشدة والابتلاء تعرف إلى الله بالصبر على الابتلاء وهذا ما عرضه رسول الله بقوله :"عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا".
وقول رسول الله لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما : "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً" ،وقوله صلى الله عليه وسلم :"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ".
وبين الدكتور درويش أن ذكر الله لا يقتصر على ذكره باللسان ولكن ذكر الله يكون بالجوارح والعمل بمعنى أن يستخدم الإنسان عافيته فى طاعة الله وأن يستخدم المال فيما يرضى صاحبه فالله صاحب المال وأن يذكر الله بسلوكه الحسن بألا يعصى الله بنعمة، فالمسلم يتعرف على الله بكثرة شكره وكثرة الطاعة فإذا وقع فى الشدة كان الله عوناً له وقصة سيدنا يونس أبلغ دليل على ذلك لقوله تعالى :" فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ".
وفى الأثر قالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غريبة . قال : وما تدرون ما ذاكم؟ قالوا : لا يا ربنا . قال : ذاكم عبدي يونس . قالوا : الذي كنا لا نزال نرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة؟ قال : نعم، قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه عند البلاء، قال : بلى . فأمر الحوت فلفظه .