رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة : أنفقنا 23 مليون دولار على المنح الدراسية العام الماضى ونسعى لزيادتها
الدكتور أحمد دلاٌل رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة
- سأعمل على زيادة المنح الدراسية لاستقطاب الطلاب المتفوقين
- الجامعة أنفقت 23 مليون دولار على المنح العام الماضى وأسعى لزيادتها
- لا تراجع عن قرار عودة الدراسة ومتحفظون فى تطبيق الاجراءات الإحترازية
- مفهوم التعليم الليبرالي يجب أن يتغير لكن ليس من حيث المبدأ
- الجامعة الأمريكية لاتجبر الأساتذة على آراء معينة ولكنها تضعهم داخل أطر لا يحيدون عنها
- إنشاء كلية طب بالجامعة الأمريكية مسألة معقدة ومكلفة جداً
- التعليم فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة مكلف لكن ليس له منافس
أعلن مجلس أوصياء الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ بضع أسابيع اختيار الدكتور أحمد دلّال الرئيس الثالث عشر للجامعة الأمريكية بالقاهرة كأول أكاديمي عربي يتولى هذا المنصب.
ويعد دلّال أكاديمياً بارعاً وباحثاً متميزاً يتمتع بخبرة في مجال التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم العربي حيث كان يشغل منصب عميد جامعة جورج تاون في قطر وشغل سابقاً منصب الرئيس الأكاديمي للجامعة الأمريكية في بيروت من عام 2009 إلى 2015.
جدير بالذكر أن دلّال عالماً أمريكياً بارزاً قام بالتدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة ستانفورد وجامعة ييل وكلية سميث وجامعة جورج تاون حيث شغل منصب رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية.
وتمتد خبرته إلى عدة عقود من التدريس والبحث والقيادة في أفضل الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية فهو خبير متمرس في الجامعات التي تقدم تعليماً ليبرالياً أمريكياً وكيفية عملها بالإضافة إلى ذلك فإن لديه خبرة واسعة في الشرق الأوسط في كل من الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة جورج تاون في قطر.
وللدكتور أحمد دلاًل العديد من المؤلفات والمقالات وفصول الكتب والإصدارات بالإضافة إلى العديد من الكتب منها كتاب رد إسلامي على علم الفلك اليوناني: كتاب تعديل هيئة الأفلاك لصدر الشريعة ((1995 وكتاب الإسلام والعلم وتحديات التاريخ ((2012 والعقيدة السياسية لتنظيم داعش: الأنبياء والمخلصون ومحو المنطقة الرمادية ((2017 ومؤخرا صدر له كتاب بعنوان الإسلام بدون أوروبا – تقاليد الإصلاح في الفكر الإسلامي في القرن الثامن عشر (2018)
وحول منصبه الجديد وخطته المستقبلية للجامعة الأمريكية بالقاهرة كان لنا
معه هذا الحوار
- بداية .. حدثنا عن منصبك الجديد وشعورك كونك أول عربي يتولاه؟
شرفت كثيراً بانضمامي إلى مجتمع نابض بالحياة وغني فكرياً بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فالجامعة تقوم بمهمة عظيمة في لحظة فارقة من التاريخ وفي دولة ومنطقة تلعب دوراً حاسماً على المسرح العالمي خاصة وأننى من المؤمنين بأن التعليم هو قاطرة تقدم المجتمعات وأن المؤسسات مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة تعمل كأداة للربط في عالم يتشابك فيه مستقبلنا كما شاهدنا جميعاً بأنفسنا من خلال وباء فيروس كورونا.
- من المهم أن يتعرف الناس على الخلفية الثقافية للرئيس الجديد للجامعة الأمريكية بالقاهرة .. فهل من الممكن أن تحدثنا عنها ؟
بالطبع .. ومن المفارقة أنني لم أكن متخصصاً فى الدراسات الإسلامية فى بداية حياتى الأكاديمية ولكننى حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من الجامعة الأمريكية في بيروت وعملت في بداية حياتي المهنية في صناعة الطيران قبل أن أحصل على الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة كولومبيا وهو التخصص الذي قمت فيما بعد بنشر الكثير من مؤلفاتي عنه منها مؤلفات حول التعلم في المجتمعات الإسلامية في العصور الوسطى ومطلع العصر الحديث وتطور العلوم الإسلامية التقليدية والتطبيقية والفكر الإسلامي في العصور الوسطى ونشوء وتطور الصحوة الإسلامية والحركات الثقافية في مطلع العصر الحديث والشريعة الإسلامية وأسباب وعواقب هجمات 11سبتمبر 2001.
- مع بداية توليك لرئاستها ماهي خطتك التعليمية للجامعة الأمريكية ؟
لم أتى بخطة نهائية ولكننى لدي تجربة أكاديمية مسبقة أما الخطط فسيتم بناءها مع مجتمع الجامعة وأساتذتها فعلينا أن نعمل سوياً على تطوير هذه الخطط وبدون شك أننى لدى عدد من الأفكار ولكن علينا أن نطور هذه الأفكار إلى خطط لدعم الجامعة والمجتمع من خلال العمل المشترك
- تقدم الجامعة الأمريكية عدداً من المنح الدراسية للطلاب .. هل برأيك هى كافية أم ستسعى لزيادتها؟
بدون شك يجب أن نعمل بشكل منهجي لفتح باب الالتحاق بالجامعة للطلاب المتفوقين بغض النظر عن قدراتهم المادية فى القاهرة وخارجها من المحافظات التى يوجد بها العديد من الطلاب المميزين وعلينا أن نعمل على مراجعة نظام المنح بالجامعة فالجامعة لديها من ميزانيتها جزء مخصص لدعم الطلاب المتفوقين سواء بناءً على احتياجاتهم المالية أو على تفوقهم الأكاديميي وهى تقدم بشكل منهجي فرص للحصول على منح من مؤسسات خارجية ونتواصل مع مؤسسات دولية لزيادة المنح والميزانية المخصصة لها وعلينا أن نعمل على زيادة عدد هذه المنح من أجل استقطاب الطلاب المميزين علميا بغض النظر عن قدراتهم المالية فهناك شريحة من الطبقة الوسطي لا تستطيع أن تقدم تكلفة التعليم فى الجامعة ولكن علينا أن نقدم منح ودعم اكبر من مؤسسات خارجية لطلاب من المحافظات من المدارس الرسمية حيث أن عدد المنح التى كانت تقدم من قبل محدود وآمل أن يزيد والأرقام تقول أن 43% من الطلاب بالجامعة الأمريكية تلقوا دعم مادى والجامعة صرفت 23 مليون دولار فى المنح والدعم المادي خلال العام الدراسي الماضي فقط 2020/2021
- يشهد التعليم العالي الآن فى مصر طفرة وتسعى الجامعات المصرية إلى تطوير مناهجها فهل من الممكن أن يحدث ذلك فى الجامعة الأمريكية فى عهدك؟
نعم .. علينا أن نعمل على تطوير المناهج الأكاديمية أيضاً وهذه المسألة ليست خاصة بالجامعة الأمريكية فقط وإنما تخص العالم كله فكل الجامعات فى العالم تعيد النظر فى برامجها لأن هناك تغيرات كثيرة وقعت فى كل الدول وعلى المناهج أن تناقشها وتوجد حلولا لمشكلاتها والجامعة الأمريكية بالقاهرة لعبت دوراً تاريخياً فى مجال تطوير المناهج ومازالت تتمتع بهذا الدور خاصة فى تطوير الدراسات العليا والبرامج التى تتعرض لحاجات المجتمع وعلى سبيل المثال البرامج المتعلقة بالذكاء الإصطناعي وعلوم البيانات ولكن ليست هناك برامج أكاديمية توظف هذه العلوم بشكل منهجي في خدمة المجتمع
- دائماً ماكانت الجامعة الأمريكية بالقاهرة تسعى للتميز .. كيف ستحقق ذلك فى عهدك؟
الجامعة الأمريكية بالقاهرة جامعة صغيرة لكنها من أولى الجامعات على مستوى العالم العربي فهى كانت من الرعيل الأول من الجامعات عندما كان العالم العربي كله به 50 جامعة وعمرها مائة عام والأن هناك أكثر من 300 جامعة بالعالم العربي وجميعهم لهم دور وهذا مؤشر على أهمية دور التعليم العالي فى المنطقة فى إنشاء مجتمع معرفي متميز ولكن الجامعة الأمريكية لعبت دور تاريخي واستمرت فى ظل تغيرات سياسية واجتماعية وأنظمة سياسية وتعليمية مختلفة فالجامعة الأمريكية بدون شك مميزة ولديها دور مميز وأيضاً بالتصنيفات الدولية تعتبر من أهم الجامعات الموجودة بالمنطقة ومن التميز أيضاً الذى سنسعى إليه هو قدرتنا على استقطاب أهم وأفضل الأساتذة ونحن نفخر أن الجامعة الأمريكية أيضاً أنتجت أهم الأساتذة فى تخصصات مختلفة ولدينا 10 من الأساتذة بالجامعة من أفضل 2% من الأساتذة بالعالم لكننا في النهاية جامعة صغيرة ولكن لن نقدر على عمل كل شيئ فنحن جزء من جامعات أخرى بمصر تاريخية وقوية أيضاً مثل جامعات القاهرة والأسكندرية وعين شمس وهى جامعات عريقة ولها دور مختلف ولكن نحن لدينا دور محدود نلعبه ولا مانع من التواصل مع تلك الجامعات لتقديم برامج مشتركة لكي يكون لنا تأثير مشترك فى خدمة المجتمع
- كيف ستتعامل الجامعة مع تبعيات انتشار متحور فيروس كورونا الجديد فى ظل اتخاذ قرار عودة الدراسة ؟
لا شك فى أن الموجة الجديدة للوباء شديدة جدا ولكن شأننا فى ذلك شأن الدولة المصرية ومنظمة الصحة العالمية ونحن نتابع إرشاداتهم وكذلك كل دول العالم والجامعات فى كل العالم التى اتخذت قراراً بالعودة التدريجية للدراسة فلم يعد مجدياً أن نؤجل عودة الحياة الطبيعية وكنا سباقين فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى اشتراط العودة للدراسة بالحصول على اللقاح وفى توفير اللقاح أيضاً وهذا لم يتم إلا بالتعاون مع الدولة المصرية ووزارة الصحة كما أننا لدينا شروط نستوفيها داخل الجامعة فى هذا الأمر لكن عودة الحياة الطبيعية أمر ضرورى ففى بداية انتشار الفيروس ظن العالم كله أنه سينتهي بمجرد تطبيق الحظر وغلق الجامعات لكنه لم ينتهي ولا رجوع عن قرار العودة للحياة الطبيعية كما أن الجامعة شكل لجنة علمية لمتابعة تطورات الوضع .. وفى العالم هناك نوعين من الجامعات الأول يمنع ارتداء الكمامات ولا يفرض الحصول على اللقاح ولكننا فى الجامعة الأمريكية من النوع الثاني الذي يتحفظ ويلتزم بالإجراءات الاحترازية
- إذن هل ترى أن نظام التعليم عن بعد فى الجامعات أثبت فشله؟
التعليم عن بعد جزء من كل شخص فينا وهو علمنا استخدام تقنيات لم نكن نستخدمها من قبل لكنها ليست متاحة لدى الدارسين فى جميع البلاد فنحن فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتوفر الانترنت والكهرباء والكبيوتر على عكس بلاد أخرى لا تملك تقديم هذه الأمور لمجتمع التعليم بالإضافة لذلك فإن دراسات عالمية أكدت أن قدرة الطالب على التعلم وإكتساب المعرفة مرتبطة بوجوده فى مجتمع المعرفة لذلك فإن عدم التواصل المباشر بين الطلاب وزملائهم وأساتذتهم أمر غير طبيعي كما أن مستوى التعليم بدون اتصال اجتماعي يكون منخفض ليس معنى هذا أن التعليم عن بعد أمر غير جيد لكن الأدوات الخاصة به والتى اعتدنا استعمالها فيه يجب أن نستمر فى استعمالها كما أن قرار العودة هو ليس قرار الجامعة الأمريكية فقط ولكنه قرار جميع الدول والجامعات فى العالم واظن أن هذا القرار لارجوع عنه
- هل من المتوقع أن نجد شراكات جديدة للجامعة الأمريكية مع جامعات مصرية أخرى خاصة فى البحث العلمي؟
التواصل مع الجامعات الأخرى مسألة أساسية وأنا شخصيا سأتواصل مع جامعات أخرى وسأخفز هذا النوع من التعاون فقدرتنا على خدمة حاجات المجتمع تتضاعف عندما نتعاون ولدينا بالفعل تعاون مع جامعات مصرية مثل جامعة الإسكندرية فى هذا الشأن وهناك دراسات لها علاقة بالمجتمع المصري فمثلا هناك بحوث فى مرض التوحد ومعالجة الماء ولدينا نماذج فى مصر لدراسات عالمية وهناك ابحاث مهمة جدا وخلاقة
- ماهي قائمة أولوياتك بعد رئاسة الجامعة؟
لم أتى بأجندة أولويات محددة لكننى منخرط فى مجتمع موجود وله خبرات ولكن لدى افكار وسأعمل مع مجتمعنا لتحديد الحقول للمساهمة فيها وكل الجامعات فى العالم تواجه تحدي التحول وتغيير برامجها لذلك يجب أن نعيد النظر فيما نفعله لنتأكد أنه يتناسب مع مجتمعاتنا ولكن لن نتمكن من تغطية كل الامور فنحن نقطة فى بحر ولكن يجب أن نفكر فى حقول جديدة
- هل يجب أن يتغير مفهوم التعليم الليبرالي الذى تقدمه جامعات مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة؟
لا يوجد منطقة اخري فى العالم العربي أسهمت فى بناء الحضارة مثل مصر وآمل أن نعيد النظر فيما يعنيه مفهوم التعليم الليبرالي بناء على قدرتنا على التطوير فى التعليم العالي فى موضوعات محددة يكون لها أهمية فى المجتمع فالتعليم الليبرالي يعد واحدة من الصفات التى تميز الجامعة الأمريكية فى القاهرة بما يقدمه من قيمة علمية مع ارتفاع تكلفته المادية إلى حد ما ولكن يجب ألا يكون التغيير في المبدأ لأن التعليم الليبرالي يعنى إضافة للتخصص فى حقل مهني واكساب الطالب مهارات تفيده فى عمله بعد التخرج ومعظم المؤسسات فى المنطقة تعلم الطلاب الجانب الدراسي فقط كدراسة الطب أو الهندسة أو التجارة أو العلوم دون الإهتمام بمهارات الطالب فى المجالات الحياتية الأخرى على عكس مانتبعه فى نظام التعليم الليبرالي بالجامعة الأمريكية فنحن نعمل على تنمية مهارات الطالب فى مختلف المجالات ونتواصل مع القطاع العام لمعرفة المجالات التى يمكننا العمل على المساعدة فى حل بعض مشكلاتها بشكل منهجي
- تعتبر كلية الطب من أهم كليات الجامعة الأمريكية فى بيروت هل من المتوقع أن يتم بحث إنشاء كلية طب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ؟
إنشاء كلية طب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة مسألة مكلفة مادياً وتحتاج إلى تفكير وكلية طب الجامعة الأمريكية فى بيروت أنشأت مع بداية الجامعة هناك حيث لم يكن يوجد تنافس فى هذا المجال أما الآن فالوضع مختلف ومعظم كليات الطب تؤسس من الجامعات الوطنية فهناك جانب كبير يتعلق بدور الجامعات الوطنية فى هذا المجال وقدرتنا على المنافسة فيه لكن هذه المسألة معقدة جداً لأن هذا النظام مقنن وهو مسؤولية الدولة ولا يتوقف فقط على القدرة على إنشاء مركز طبي أكاديمي فقط ولكنه أيضاً يتعلق بتوفير الكثير من المال
- من المعروف عن أساتذة الجامعة الأمريكية أن لهم آرائهم الحرة والتى تواجه بالرفض من المجتمع أحيانا فكيف ستواجه هذه المشكلة ؟
لا يمكننا فى الجامعة الأمريكية أن نجبر الأساتذة على تدريس شئ ولكننا نضعهم فى أطر معينة يسيرون عليها ولدينا فى الجامعة توزيع عادل لأعضاء هيئة التدريس فلكل 10 طلاب أستاذ كما أننا لدينا برامج لتأهيل الأساتذة لاعطائهم إمكانيات فى التعبير تختلف عن الإمكانيات التقليدية.
- برأيك لماذا يذهب الطلاب المصريون للخارج للدراسة في ظل وجود الجامعة الأمريكية؟
الدراسة فى الجامعة الأمريكية لها تنافس حقيقي مع بعض الجامعات الكندية والإنجليزية فى بعض البرامج الدراسية لكن علينا أن نوضح للطلاب ما هى أهمية الدراسة فى جامعتنا كما أن التنافس شئ جيد لأنه يجعلنا نحسن من أدائنا.