حمدى أحمد .. حكايات فى حياة فنان رفع شعار ”طظ” للانتصار على متاعب الحياة
تصادف اليوم ذكرى ميلاد الفنان الكبير حمدى أحمد الذي ترك ورائه أرث فني لا ينسي وأشهر أعماله هو دور "محجوب عبد الدايم" في فيلم "القاهرة 30" والذي أشتهر من خلاله بكلمة "طظ" ضاربا بكل المبادي عرض الحائط ليحقق ما يرغب فيه، أعتقله الأنجليز بسبب أشتراكه فى المظاهرات، وكان له أراء سياسية مختلفة، وأصبح نائب من نواب مجلس الشعب ومن خلال هذا التقرير نستعرض أهم محطات فى حياته.
ولد حمدي أحمد محمد خليفة في صعيد مصر وبالتحديد في مدينة المنشاة بمحافظة سوهاج، في 9 نوفمبر 1933، وتخرج من معهد الفنون المسرحية عام 1961، وكان يدرس بكلية التجارة و معهد الفنون المسرحية، ولكنه ترك كلية التجارة واستمر بمعهد الفنون المسرحية.
تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية ليلتحق بعد ذلك للعمل في مسرح التليفزيون، ليبدأ مسيرته الفنية التي حقق بها نجاحا كبيرا .
بدأت معرفة الجمهور بالفنان حمدي أحمد في السينما من خلال فيلم "القاهرة 30" في عام 1966، والفيلم مأخوذ عن رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ ومن إخراج صلاح أبو سيف، وجسد حمدي أحمد في الفيلم شخصية الموظف المكافح "محجوب عبدالدايم" أمام سعاد حسني، وأشتهر بكلمة "طظ".
تعاون مع المخرج العالمي يوسف شاهين في العديد من الأفلام الهامة، كان بدايتها فيلم "الأرض" في عام 1970 وجسد شخصية "محمد أفندي" و في عام 1974 بفيلم "العصفور" وقدم شخصية "عوف"، ليأتي بعد ذلك مشاركته لتأكيد موهبته الحقيقية في فيلم "اليوم السادس" عام 1986 أمام داليدا.
عام 1999 شارك حمدي أحمد بدور صغير في رائعة رضوان الكاشف "عرق البلح" وأدى شخصية "الجد الأخرس"، ليأتي في العام التالي بمشهد واحد في فيلم "سوق المتعة" أمام محمود عبدالعزيز ليؤكد أنه فنان أستثنائي، وقدم أيضا فيلم أبناء الصمت، وفجر الإسلام، ومسلسل "الوسية"، وكان آخر أعماله فيلم " صرخة نملة" مع الفنان عمرو عبدالجليل.
مرت حياة حمدي أحمد بعدة مواقف ومحطات ليس فقط في الفن بل أيضا في السياسة فقد أعتقلت قوات الاحتلال البريطاني الفنان حمدي أحمد عام 1949 لمشاركته في المظاهرات الاحتجاجية ضد الاحتلال البريطاني لمصر، وكان عمره حينها 16 عامًا.
وكان إلى جانب عمله في الفن، كاتبًا سياسياً في عدد من الصحف المصرية، ومارس العمل السياسي، وشارك في المظاهرات، واُنتخب عضوًا عن دائرة بولاق أبوالعلا في انتخابات مجلس الشعب آنذاك، وفاز بغالبية الأصوات عام 1979.
بالاضافة لخلافه القوي مع الرئيس الراحل أنور السادات والذي تم تضييق الخناق عليه فنياً في عهده، بسبب رفضه التام لتهجير أهالي بولاق أبو العلا، الذي يمثلها في مجلس الشعب حينها، وهذا ما كان يرغب به السادات فوجه الحديث للرئيس السادات، بلهجة حادة.
وبعد اتفاقية كامب ديفيد شعر حمدي أحمد أنه سيقبض عليه، فسافر وعاد بعد اغتيال السادات، وتصور أن مبارك سوف يصحح الأوضاع لكنه فوجئ بأنه أسوأ من سلفه، ولذلك اختار أن ينضم لحزب العمل الاشتراكي المعارض، لكنه فوجئ أن الحزب يتسلل له الإخوان، وتم عقد صفقة معهم، فقدم استقالته.
المقربون ابلغوه أن صفوت الشريف وزير الإعلام يحذره اذا لم يكف عن هجومه على نظام مبارك سيمنع من دخول التليفزيون والعمل بالتمثيل، ولم يتصور أن تهديد الشريف سينفذ، لكن هذا ماحدث، فقد صدرت تعليمات بحصاره ومحاربته في رزقه، وهنا قرر السفر والعمل في دول الخليج ولبنان.
وفي ثورة 25يناير 2011 نزل رغم مرضه ميدان التحرير وخطب في الميدان وتحدث عن الظلم الذي تعرض له وعاد يكتب مقالات نارية وعندما استولى الإخوان على الحكم رفض أن يذهب مع الفنانين لمقابلة مرسي، وكتب أن عصابة الإخوان ستدمر مصر، لأنهم لايؤمنون بالوطن، وكان معارضا شرسا لهم حتى وصله تهديدات بالقتل ولم يتراجع .
وفي 30 يونيو وعندما جاء السيسي قال أشم فيه رائحة عبد الناصر، هذا هو المخلص، الآن يمكن أن أموت مستريحاً ومطمئناً على أحفادي.
وكشف الفنان حمدي أحمد، عن تلقيه اتصالا هاتفيا مفاجئا من الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء مرضه.
وقال "أحمد" في حوار له «كنت في البيت، فبنتي بتقولي فيه اتصال من رئاسة الجمهورية، فبقولها مين يعني هيكلمنا من الرئاسة، فبكلمه بقول ألو، قالي أيوة يا استاذ حمدي، حمد لله على سلامتك، فبقوله مين قالي أنا السيسي».
وأضاف: «لا واسطة ولا أي حاجة أبدا، الراجل اتصل بيا، واعتذرلي مرتين المرة الأولى لأنه لم يأتي إلى المستشفى، والمرة الثانية قالي (بعتذرلك مرة ثانية لأني سألت عليك متأخر)».
ووصف حمدي أحمد «اتصال السيسي» بـ«الأخلاق العالية»، مضيفا: «الرئيس السيسي خلال الاتصال مقالش يا حمدي، إنما كان بيقولي يا استاذ حمدي، شيء راقي جدا».
وتابع: «اتصال الرئيس بي، رسالة لكل من قدموا فن راقي، بيقولهم بقدركم، وأنا زعلان من الفن غير النظيف».
أما أقوي خلاف فني شهده حمدي فكان من خلال مسرحية "ريا وسكينة" التي لعبت بطولتها الفنانة شادية في العمل المسرحي الوحيد لها، وشاركتها البطولة الفنانة سهير البابلي، حيث كان الفنان حمدي أحمد يؤدي بها دور الشاويش عبدالعال، الدور الذي ظهر للشاشة بالفنان أحمد بدير، ووفقًا لرواية سمير خفاجي منتج المسرحية، فإنه أثناء عرض المسرحية في الكويت قام الجمهور الكويتي بالتصفيق الحاد للفنانة"شادية" ما اوقف عرض المسرحية لدقائق مما أغضب حمدي فقال لها"علي أيه كل ده يا ست" وهو الامر الذي أعضب شادية وطلبت تغيره، فحل مكانه الفنان أحمد بدير.
اما السبب السياسي والذي منعه من أستكمال المسرحية، أنه كان عضوا بالبرلمان، وكان عبد المنعم مدبولي يلقي عليه بعض الافيهات أي النكات الساخرة، وقد طلب حمدي من مدبولي حذفها أكثر من مرة لأنه نائب الشعب، وعيب أن يسخر منه على المسرح، وهنا تدخلت شادية وقالت له أنت هنا ممثل فقال لها ومدبولي بيقول نكت بايخة ولو مابطلش هارد عليه، وفي خبث اتفق مدبولي مع شادية على الإكثار من الافيهات، وفوجئ حمدي أحمد بمدبولي يقول له على المسرح أنت مابتضكش ليه، فقال له لأنك بايخ، فقال له مدبولي وأنت طويل وأهبل، وضحك الجمهور، فخرج حمدي أحمد من العرض وقال للمخرج حسين كمال شوف ممثل غيري.
تزوج الراحل حمدي أحمد من السيدة فريال عاشور، ولديه منها بنتان وولد هما شرويت وميريت ومحمود الذي يعمل وكيلا للنيابة”، ومن أبرز أعماله السينمائية: "أبناء الصمت، المتمردون، لقاء مع الماضي، الأرض، فجر الإسلام، سوق المتعة، أنف وثلاثة عيون"، وكان آخرها "صرخة نملة" في 2011.
رحل عن عالمنا عمدة الممثلين كما لقبه صناع الفن في 8 يناير عام 2016 عن عمر ناهز 82 عاما، بعدما قدم ما تجاوز الـ150 عملا فنيا، ما بين مسرح وسينما ودراما تليفزيونية التي حفرت اسمه في تاريخ الفن المصري والعربي.