منجم الذهب الإثيوبي والكيني يثير حيرة العالم

منجم الذهب الإثيوبي
منجم الذهب الإثيوبي والكيني

ما هي الأسرار وراء أفضل عدائي العالم للمسافات الطويلة ؟ ربما تكون الإجابة غير ممكنة ، ولكنها توجد في منطقة آرسي بإثيوبيا ومقاطعة ريفت فالي في كينيا.

وبعيدا عن مواقع القمة في عالم السياسة الدولية ، ورغم انغماسهما في نزاعات داخلية حادة ومعاناة من الفقر وضعف الاقتصاد الوطني لفترات طويلة ، تمتلك إثيوبيا وكينيا كل أربع سنوات فرصة ذهبية للسطوع عالميا من خلال الهيمنة الواضحة على سباقات المسافات الطويلة ضمن منافسات ألعاب القوى في دورات الألعاب الأولمبية.

وأفرز البلدان الواقعان في شرق القارة الأفريقية العديد من نجوم سباقات المسافات الطويلة ليبهرا العالم برياضييهم الذين يتفوقون في هذا النوع من سباقات العدو.

وعلى خطى عدائين بارزين سابقين من البلدين مثل كينينيسا بيكيلي وكيبتشوج كينو وأبيبي بيكيلا وهايلي جبريسلاسي ، يأمل رياضيو البلدين الصعود لمنصات التتويج مجددا من خلال الهيمنة على الميداليات المختلفة في سباقات المسافات الطويلة بأولمبياد طوكيو من أجل رفع علم بلديهما عاليا في سماء اليابان.

وفي ظل امتداد الهيمنة الواضحة لعدائي البلدين على سباقات المسافات الطويلة لعقود طويلة ، والتي لم يكسرها سوى العداء البريطاني مو فرح ، يظل السر وراء هذا التفوق غامضا.

بوكوجي: مدينة العدائين

في بلد يبلغ تعداده أكثر من 110 ملايين نسمة ، يبلغ تعداد مدينة بوكوجي الواقعة على هضاب وسط إثيويبا نحو 20 ألف نسمة فحسب. ورغم هذا ، أنجبت هذه المدينة العديد من أفضل العدائين في التاريخ.

وحصدت هذه المنطقة ، التي تتغاضى عنها العديد من الخرائط عشر ميداليات ذهبية في هذه السباقات عن طريق نجوم مثل ديرارتو تولو وفاتوما روبا وكينينيسا بيكيلي وتيرونيش ديبابا وتيكي جيليانا. وفي هذه المنطقة ، كيف يبزغ هذا العدد الكبير من النجوم من هذه المدينة الصغيرة ؟!

وفي هذه المنطقة ، عاشت عائلة العداء الإثيوبي الشهير كينينيسا بيكيلي ، الفائز بثلاث ميداليات ذهبية أولمبية وحامل الرقم القياسي العالمي والأولمبي لكل من سباقي 5000 متر وعشرة آلاف متر ، تعيش هناك في منزل متواضع للغاية.

ولم يخض بيكيلي فعاليات أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 وكذلك لن يشارك في أي من السباقين بأولمبياد طوكيو ، لكنه سيظل موجودا في سجلات التاريخ.

وقال تاريكو شقيق بيكيلي : "السر الكبير هو الحليب الذي نشربه والذي يأتي مباشرة من الأبقار. إنها منطقة لرعاة الماشية وليس بها مكملات غذائية مثلما هو الحال في المدن الكبيرة".

وفاز تاريكو نفسه بميدالية برونزية في سباق عشرة آلاف متر في أولمبياد لندن 2012 .

وارتبط تفوق عدائي منطقة آرسي على ساحة ألعاب القوى العالمية بالعديد من العوامل ، ولكن دون تفسير واضح.

ربما يكون الطعام أحد هذه العوامل إلى جانب العوامل الجينية وكفاءة الأيض والتدريبات خلال فترة الطفولة أو لوقوع هذه المدينة على ارتفاع 2810 أمتار فوق مستوى سطح البحر وهو ما يمثل دعما لسعة الرئة لدى الرياضيين. الحقيقة أنه لا توجد دراسة حاسمة أو تحليل قاطع لهذا الأمر.

ويقول المواطنون في هذه المدينة : "اعتاد كينينيسا وتيرونيش على الركض هنا عندما كانا في مرحلة الشباب".

ولا يبدو مضمار الركض أكثر من مسار أو طريق موحل. ورغم هذا ، أفرزت هذه المسارات الموحلة عدائين بارزين حصدوا 16 ميدالية أولمبية و34 لقبا عالميا تحت إشراف سينتايهو إيشيتو الكشاف والمدرب الإثيوبي الرائع.

وقال إيشيتو في عام 2012 : "لا أمارس السحر... إنه الطقس كما أن كل شيء هنا يساعد على هذا". كما أضاف عنصرا إضافيا إلى "غموض بوكوجي".

وأوضح إيشيتو : "هذا إلى جانب أنهم يأكلون بالكاد. كثيرا ما يأكلون بالكاد".

ومهما كان السبب ، ما زال أمرا مدهشا أن تفوز مدينة لا يزيد تعدادها على 20 ألف نسمة كما يوجد بها أقل من 100 سيارة بعدد من الميداليات الذهبية الأولمبية يزيد عن الرصيد الذي حصدته الهند على مدار تاريخها.

كالينجين : الذهب الكيني

في مدينة كيريتشو بالجنوب الكيني ، هناك رجل يزرع الشاي ويقول إنه سيتم تناوله في قصر باكنجهام في لندن.

وقال الرجل قبل سنوات : "لو نالت قبيلة كالينجين استقلالها عن كينيا ، لم تكن كينيا لتفوز بأي ميداليات ذهبية".

وبعيدا عن الأحقاد العرقية ، توضح الحقائق أنه على درجة هائلة من الصواب.

وطبقا لأحدث تعداد في كينيا ، والذي أوضح أن تعداد هذا البلد يبلغ نحو 55 مليون نسمة ، يبلغ تعداد كالينجين (ثالث أكبر مجموعة عرقية بعد كيكويو ولوهيا) نحو 4ر6 مليون نسمة.

ورغم هذا ، تتزايد نسبتهم المئوية عندما يتعلق الأمر بالإنجازات الدولية في سباقات المسافات الطويلة.

وقال الصحفي ديفيد إيبشتاين في أغسطس 2013 ، لدى نشر كتابه "الجينات الرياضية" ، : "هناك 17 أمريكيا فقط في التاريخ قطعوا مسافة سباق الماراثون في زمن أقل من ساعتين وعشر دقائق ، بينما وصل عدد من حققوا هذا من كالينجين في (تشرين أول)أكتوبر 2011 إلى 32 عداءا".

ويحظى أبناء كالينجين ، مثل العدائين التاريخيين كيبتشوج كيينو وآموس بيووت وويلسون كيبروجوت وجوليوس كورير وجوزيف كيتير والعدائين الذين جاءوا بعدهم مثل برنارد لاجات وباميلا جيليمو وإيزيكي كيمبوي وآسبيل كيبروتو كيبروب وبريمين كيبروب كيبروتو ، بشهرة هائلة في تاريخ ألعاب القوى العالمية.

ولوثت فضائح المنشطات صورة ألعاب القوى الكينية، ولكن المواد المنشطة المحظورة لا يمكنها تفسير قوة عدائي هذا البلد. ومن بين الأسباب العديدة التي طرحت لتفسير هيمنة كالينجين على سباقات المسافات الطويلة ، كان هناك الارتفاع عن مستوى سطح البحر ونقاء الهواء في "ريفت فالي".

وهناك نظرية تشير إلى التاريخ الجيني. وأنهت القبيلة هجرتها من السودان إلى غرب كينيا في القرن السابع عشر. ولذا ، فإن "ذاكرتها الجينية" الحديثة ترتبط بالسهول بينما تأقلمت السعة الرئوية مع الأراضي المرتفعة.

ومثلما هو الحال مع عدائي إثيوبيا ، لدى محاولة فهم الأسباب وراء نجاح كالينجين ، يذكر البعض النظام الغذائي والعادات والقوة الذهنية. ويقول آخرون إن تعلم كالينجين الركض بأقدام عارية ساهم في هذا النجاح أيضا.

تم نسخ الرابط