ذكريات اليورو.. معجزة كروية تتوج اليونان بلقب يورو 2004
في الوقت الذي دارت فيه الاستعدادات على قدم وساق قبل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في العاصمة اليونانية أثينا 2004 وانتظر فيه اليونانيون انطلاق فعالياتها لمشاهدة أبطالهم يحصدون بعض ميداليات البطولة ظهر على الساحة الرياضية بطل ترك بصمة حقيقية على الساحة الرياضية بأوروبا وعلى تاريخ الكرة اليونانية.
وفجر المنتخب اليوناني لكرة القدم مفاجأة من العيار الثقيل تمثل واحدة من أكبر مفاجآت كرة القدم في التاريخ حيث أطاح بجميع التوقعات عرض الحائط وتحول من فريق غير مرشح للمنافسة حتى على عبور الدور الأول في البطولة إلى فريق متوج بلقب البطولة.
ونتيجة لفوز هذا الفريق بلقب البطولة ، حملت حافلة نقل الفريق شعارا يقول "اليونان القديمة كان لديها 12 إلها واليونان الحديثة لديها 11" في إشارة إلى لاعبي الفريق.
ووجد المنتخب اليوناني استقبال الأبطال لدى عودته بكأس البطولة إلى اليونان حيث كان احتفالا كبيرا في انتظار اللاعبين على استاد "باناثينايكوس" القديم الذي استضاف أول دورة أولمبية حديثة في عام 1896 .
وقدم المنتخب اليوناني بقيادة مديره الفني الألماني أوتو ريهاجل عروضا متميزة في البطولة أربكت الجميع وأدهشت خبراء اللعبة المتابعين للبطولة حيث نجح الفريق في التغلب على نظيره البرتغالي صاحب الأرض مرتين كما تغلب على المنتخبين الفرنسي حامل اللقب والتشيكي أحد المرشحين بقوة للمنافسة على اللقب.
وقبل هذه البطولة ، خلا سجل المنتخب اليوناني من أي فوز في البطولات الكبيرة وكانت المشاركة الوحيدة السابقة للفريق في البطولات الأوروبية عندما شارك في يورو 1980 .
ولفت المنتخب اليوناني الأنظار إليه مبكرا في يورو 2004 بالتغلب على نظيره البرتغالي صاحب الأرض 2 / 1 في المباراة الافتتاحية حيث سجل الهدفين اللاعبان جورجيوس كاراجونيس وأنجيلوس باسيناس من ضربة جزاء قبل أن يسجل كريستيانو رونالدو الهدف الوحيد للبرتغال.
ورغم تعادل المنتخب اليوناني 1 / 1 مع نظيره الإسباني في المباراة الثانية ثم هزيمته أمام روسيا 1 / 2 ، حجز المنتخب اليوناني مقعده في دور الثمانية باحتلال المركز الثاني في المجموعة خلف نظيره البرتغالي حيث حصد أربع نقاط وتفوق على نظيره الإسباني في عدد الأهداف التي سجلها فقط ليصعد إلى دور الثمانية.
وفي دور الثمانية ، واصل المنتخب اليوناني مفاجآته وأطاح بنظيره الفرنسي حامل اللقب من البطولة بالتغلب عليه 1 / صفر حيث سجل أنجيلوس كاريستياس هدف المباراة الوحيد بضربة رأس.
واحتاج المنتخب اليوناني إلى "الهدف الفضي" الذي سجله ترايانوس ديلاس ليطيح الفريق بنظيره التشيكي من الدور قبل النهائي للبطولة.
وطبقت في هذه البطولة قاعدة الهدف الفضي بحيث ينتهي اللقاء بنهاية الشوط الإضافي الذي يسجل فيه أي من الفريقين هدف الفوز على منافسه وذلك بدلا من قاعدة الهدف الذهبي التي تقضي بنهاية المباراة في اللحظة التي يتقدم فيها أي من الفريقين خلال الوقت الإضافي.
وفي المباراة النهائية أمام البرتغال ، سجل كاريستياس هدفا آخر برأسه في الدقيقة 57 ليكمل مغامرة المنتخب اليوناني ويقود الفريق للفوز بلقب البطولة في واحدة من كبرى مفاجآت اللعبة عبر التاريخ.
وأصبح أوتو ريهاجل أول مدرب أجنبي يقود منتخبا للفوز باللقب في أي من كأس الأمم الأوروبية أو كأس العالم.
كما أصبح أوتو ريهاجل أكبر مدرب سنا يقود فريقه للفوز باللقب حيث كان في الخامسة والستين من عمره آنذاك قبل أن يصبح الإسباني الراحل لويس أراجونيس هو أكبر مدرب سنا يفوز بالبطولة عندما قاد المنتخب الإسباني للفوز باللقب في النسخة التالية عام 2008 وكان ذلك قبل شهر واحد على احتفاله بعيد ميلاده السبعين.
ورغم نجاح الفريق في حسم اللقب لصالحه ، تعرض المنتخب اليوناني لانتقادات شديدة بسبب الأداء السلبي الذي اتسم به الفريق في البطولة.
ولكن بالنسبة لريهاجل كان الأمر ببساطة هو الأداء من خلال خطة موضوعة.
وقال ريهاجل : "الفريق يأتي فوق الجميع. اللاعبون تفهموا أن تحقيق النجاح يتطلب إتباع القواعد والتعليمات فليس لكل لاعب الحرية في أن يفعل ما يريده هو".
ودار أداء الفريق حول محور خط الوسط بقيادة تيودوروس زاجوراكيس قائد الفريق والذي اختير لجائزة أفضل لاعب في البطولة كما عزز موقف المنتخب اليوناني الأداء القوي لدفاعه الصلد بقيادة ديلاس.
ولكن العامل الأكبر في تحقيق الفوز كان قدرة ريهاجل على تغيير النظرة الموجهة للمنتخب الذي لم يحظ قبل هذه البطولة بنفس الشهرة أو المكانة التي تتمتع بها الأندية اليونانية.
في المقابل ، قدم المنتخب الألماني عروضا متواضعة مجددا ولم يحقق أي فوز في البطولة ليخرج صفر اليدين من الدور الأول مما اضطر رودي فولر المدير الفني للفريق إلى الاستقالة من تدريب الفريق عقب انتهاء البطولة مباشرة وبعد أربع سنوات قضاها في ذلك المنصب.
وحاول الاتحاد الألماني لكرة القدم إقناع ريهاجل بتولي مسئولية الفريق خلفا لفولر وذلك قبل عامين فقط من كأس العالم 2006 بألمانيا ولكنه رفض العرض.
وواصل أوتو ريهاجل عمله الجاد مع المنتخب اليوناني وقاده بجدارة إلى نهائيات يورو 2008 .