كيف ينفق المسلم ماله فيما يرضي الله؟.. القرآن يُجيب
قام فضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق، بتفسير قول الله عز وجل "يسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)"سورة البقرة.
وقال في حلقة مسجلة ببرنامج (مع القرآن الكريم) عبر إذاعة القرآن الكريم، إن الآيات الكريمة تضمنت بعض الواجبات التي أوجبها الله عزوجل، مثل الإنفاق والجهاد في سبيل الله ، لافتا إلى أن مما ذكره المفسرون فيسبب نزول قوله سبحانه وتعالي"يسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَاأَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"، نذكر ما قاله الآلوسى: عن ابن جريج قال: سأل المؤمنون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أين يضعون أموالهم فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله" يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ"، وعن ابن عباس قال: كان عمرو بن الجموح شيخا وعنده مال كثير فقال يا رسول الله: بماذا نتصدق، وعلى من ننفق؟ فنزلت الآية .
وتابع أن الآية الكريمة وضحت بعض من ينفق عليهم، ومنهم الوالدين وفاء لبعض حقوقهما والأقربين وفاء لحق الرحم والقرابة، لافتا إلى أن الآية الكريمة لم تتعرض لبعض أنواع مستحقي الإنفاق كالغارمين وذلك اكتفاء بذكرهم في مواضع أخرى، أو لدخولهم في عموم الخير الوارد في قوله عز وجل في آخرالآية " وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" الذي يشمل كل مصارف الخير، كما أن في قوله سبحانه وتعالي" فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" حض علي فعل الخير عندما يعلم المرء أن الله عز وجل يري عمله ويعلم به ويكافئه عليه.
وأضاف أن المولى تبارك وتعالى أرشد المؤمنين إلى ما يعينهم على دفع الأذى ودحر أعدائهم بأن يبذلوا أموالهم في طاعة الله وأن يعدوا أنفسهم للقتال في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الله عز وجل، و في الآية الثانية يقول الله عز َجل"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "، بيان بأن القتال مكروه وشاق علي النفس لأنه قد يكون فيه إزهاق للنفس، والقرآن الكريم لا ينكر على النفس البشرية كرهها لبعض الأمورلجهلها بما وراءها من خير، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو القتال وهو فيه خير لكم ، وهو إحدى الحسنين من الظفر في الدنيا بالنصر والأجر في الآخرة وإما الشهادة والجنة، وعلي الجانب الآخر عسى أن تحبوا شيئا وهو القعود عن القتال وهو شر لكم لما فيه من مذلة ووقوع تحت طائلة الأعداء.
وأوضح أن اختتام الآية الكريمة بقوله عز وجل"وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" أي أن الله عز وجل يعلم بما فيه خير وما فيه شر، فبادروا أيها المسلمون إلى ما يأمركم به الله عز وجل لأنه سبحانه وتعالى لايأمركم إلا بشيء فيه خير لكم ولا ينهاكم عن شيء إلا وفيه شر لكم، والمقصود من الآية الكريمة الترغيب فيما شرع سبحانه وتعالى سواء عرفت الحكمة من تشريعه أم لم تعرف لأن الله عز وجل هو العليم بالحكم والمصالح، مؤكدا أن في القرآن الكريم تربية النفوس على الاستجابة لأوامر الله عزوجل العليم بالآيات المطلع على العواقب الخبير بما فيه مصالح العباد.