دير السلطان.. القصة الكاملة لمؤامرة أثيوبيا ضد الكنيسة المصرية
قالت مصادر في الكنيسة المصرية إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية "تترقب الأحداث بعد قيام الرهبان الإثيوبيين برفع علم بلادهم على الخيمة التي نصبوها داخل دير السلطان المملوك للكنيسة بالقدس، مع إبلاغ الجهات الرسمية بالواقعة".
وأضافت المصادر حسبما ذكرت وكالة سكاي نيوز في تقرير لها أن الثابت تاريخياً هو "أن هذا الدير مصري، وهناك محاولات مستمرة من الرهبان الإثيوبيين للسيطرة عليه، لكننا نرفض ذلك ونواجهه بالطرق الرسمية".
وبيّنت المصادر أن الكنيسة المصرية تمتلك كافة الوثائق التي تؤكد أحقيتها في هذا الدير التاريخي، خاصة أن الرهبنة القبطية لم تنقطع على الإطلاق إلى الأراضي المقدسة، ولم يحدث أن خلا الدير من الرهبان المصريين.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن رهبانًا إثيوبيين قاموا بنصب خيمة ورفع علم بلادهم داخل دير السلطان المملوك للكنيسة المصرية للأقباط الأرثوذكس، والذي يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، الأمر الذي أثار غضب الرهبان المصريين.
وتجمع الرهبان المصريون بالدير قبل يومين لإزالة الخيمة والعلم الإثيوبي، وسط تدخل من أفراد الشرطة، فيما جرى إبلاغ الكنيسة المصرية بكافة التفاصيل للتدخل وتهدئة الموقف.
وعلى إثر هذه الأحداث، نظم مطران القدس الأنبا أنطونيوس، وقفة احتجاجية بمشاركة الرهبان المصريين؛ احتجاجا على هجوم الرهبان الإثيوبيين عليهم، وسط تواجد لأفراد شرطة حاولوا تهدئة الموقف.
خلاف مستمر
بدوره، قال المفكر القبطي كمال زاخر، إن محاولة الرهبان الإثيوبيين رفع علم بلادهم على الخيمة التي نصبوها داخل دير السلطان، يمثل حلقة جديدة من خلاف قديم يتجدد كل فترة، ويحتاج لتدخل سياسي وكنسي حاسم.
وأضاف زاخر أنه لا يجوز أن يكون هذا الخلاف قائمًا في هذا المكان بين كنيستين تربط بينهما علاقات تاريخية مهمة.
وشدد على أن أهمية هذا الدير تكمن في كونه أحد أهم المداخل التاريخية لكنيسة القيامة، وهو جزء من الممتلكات التاريخية للكنيسة المصرية في الأراضي المقدسة.
وطالما أكدت الكنيسة المصرية ملكيتها التاريخية لدير السلطان بالقدس، من جراء محاولات الرهبان الأحباش السيطرة عليه بعد أن استضافتهم الكنيسة، ولجؤوا إلى المحكمة العليا في إسرائيل، والتي حكمت لصالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غير أن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
يعد الدير أحد أهم الأماكن العربية المقدسة الواقعة في مدينة القدس الشرقية، وتحديدًا في حارة النصارى بجوار كنيسة الملكة هيلانة للأقباط الأرثوذكس، والممر الواصل إلى سور كنيسة القيامة.
ويرجع تاريخ دير السلطان في القدس، حسب بيانات الكنيسة المصرية، إلى عهد السلطان عبد الملك بن مروان "684- 705م"، والذي وهبه للأقباط، فسمي دير السلطان، وتم التأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للدير، في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر.
وفي النصف الأخير من القرن السابع عشر، لجأ الأحباش للكنيسة القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقتًا للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى أماكنهم التي انتقلت في عام 1654، إلى كنيستي الروم والأرمن بسبب عدم قدرة الكنيسة الإثيوبية على دفع الضرائب، فاستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف في بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة.
وفى عام 1820، قامت الكنيسة القبطية بأعمال ترميم بدير السلطان مما استدعى إخلاء الدير من كل قاطنيه؛ الأقباط والأحباش، يوم 17 أكتوبر 1820، وسمح لهم بالعودة كضيوف بالدير في عام 1840م باعتبارهم من أبناء الكنيسة القبطية، فيما قام بعض أصحاب المصالح من الحكومات الخارجية ببث بذور انشقاق بين الأقباط والأحباش وحفزوا الرهبان الأحباش على القيام بمحاولات متكررة للاستيلاء على الدير.
وطلب الرهبان الأحباش، عام 1906، القيام بترميم الدير كخطوة أولية في محاولة الاستيلاء عليه ولذلك أسرعت الكنيسة القبطية بتقديم طلب للقيام بالترميم والذي وافقت عليه السلطات الرسمية آنذاك، لتؤكد بذلك أحقية الأقباط كأصحاب الشأن والتصرف في دير السلطان.
وفى 25 أبريل من عام 1970، وأثناء إقامة قداس عيد القيامة بكنيسة القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية لتمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان، وسلموا المفاتيح الجديدة للإثيوبيين وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا هرعوا إلى دير السلطان لاستعادة ممتلكاتهم ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان.
وإزاء ذلك، تقدم مطران الأقباط بدعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية والتي أقرت بالإجماع بإعادة مفاتيح الكنيستين وأبواب الممر لأيدي الأقباط في 16 مارس 1971، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة العليا حتى الآن، على الرغم من الدعاوى العديدة التي قدمت إليها