كيف يرضى الله عن عباده؟
وردت إلي برنامج (بريد الإسلام) الذي يذاع يومياً عبر إذاعة القرآن الكريم، رسالة من مستمع يقول فيها ما معنى قول الله عز وجل " رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"، وهل هذا الرضا يتحقق في الدنيا أم في الآخرة، َو َما معنى رضا العبد عن الله عز وجل؟
أجاب الدكتور محسن محمد أحمد علي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة الفيوم قائلا إن قول الله عز وجل " رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" جملة قرآنية مباركة تكررت في أربعة مواضع في القرآن الكريم ، الأولي في الآية التاسعة عشر بعد المائة من سورة المائدة حيث يقول الله عز وجل "قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)"، وفي الآية الثانية والعشرين من سورة المجادلة في قول الله عز وجل" لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) "، وفي الآية الثامنة من سورة البينة في قول الله عز وجل" جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)"، وفي هذه الآيات الثلاث نجد الحديث عن رضا الله سبحانه وتعالى عن عباده المومنين ورضاهم عنه سبحانه وتعالى في الآخرة، فهم يكونون في سعادة و رضا لما وجدوا من نعيم أنعم الله عز وجل به عليهم .
وتابع أن هذه الجملة القرآنية المباركة وردت في موضع رابع في الآية المائة في سورة التوبة بمعنى أن الرضا يكون في الحياة الدنيا، في قول الله عز وجل "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)"، في هذه الآية الكريمة بيان لارتفاع مكانة المؤمنين الذين رضي الله عز وجل عنهم ورضوا عنه حيث أن الله سبحانه وتعالي جعلهم اهلا لعبادته ومناجاته فتقبل أعمالهم ورفع درجاتهم ، وهذا الاختيار فضل عظيم من الله عز وجل تفضل به عليهم.
وأضاف أن رضا العبد عن الله عز وجل في الدنيا يعني الرضا والتسليم بكل ما قسمه الله عز وجل لهم في الحياة الدنيا، وأن يرضى العبد عن الله عز وجل في جميع الأحوال من خير أو او صحة أو مرض أو عطاء او منع، وهو راض في كل الأحوال، فهو يعيش مطمئنا راضيا تحيطه رعاية الله سبحانه وتعالى ورضوانه ورحمته.