وصفها بالعار..الأمين العام للبحوث الإسلامية يرصد الفضائح الأخلاقية للعالم في عصر الوباء
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عيّاد في فعاليات المنتدى الإسلامي الدولي السادس عشر والذي ناقشت جلساته مجموعة من المحاور حول "ثقافة اللقاء: الأخلاق الدينية في عصر الوباء"، والذي نظمته الأمانة العامة للمنتدى الإسلامي الدولي والهيئة الدينية لمسلمي الاتحاد الروسي عبر منصة زووم.
وقال الأمين العام خلال كلمته، إن عنوان هذا المنتدى جاء معبرًا عن الواقع ومتجاوبًا مع الظروف والأحداث ومعبرًا عن الآلام والآمال، حيث ثمّن رسالة الملتقى البادية من خلال الهدف المنشود منه الذي يدور عن كيفية لقاء الإنسان بأخيه الإنسان وذلك من خلال البحث عن القيم الأخلاقية والمشتركات الإنسانية، حيث يسهم في دعم التماسك الاجتماعي المعاصر والمشاركة في عملية العمران والإسهام في الحضارة الإنسانية المعاصرة، وكل ذلك يتم من خلال الوقوف على معرفة الأبعاد الأخلاقية ومدى تأثرها بالجوائح والنوازل والأحداث وتأثيرها عليها، مؤكدًا على ما يمكن أن تسهم به الأخلاق الدينية في إصلاح الواقع وعلاج أمراضه وتشخيص علله ووضع أدويته خصوصًا وأنه لا يخفى على أحد أن أحد أهم أسباب هذه الجائحة هو غياب الجانب الأخلاقي وتلاشي معالمه.
أضاف عيّاد أن أوقات الجوائح خصوصًا شدة يدوم أثرها أكثر منها وتنعطف بالبشرية إلى مرحلة جديدة بقيم جديدة ومفاهيم جديدة تتزامن مع صعود قوى جديدة واختفاء قوى أخرى، فما كادت جائحة كورونا تلقي بظلالها على المجتمع الدولي إلا وتباينت ردود الأفعال وتعددت المعالجات الفكرية والرؤى الأيدولوجية تجاه هذا الفيروس القاتل الذي ملأ العالم رعبًا وفزعًا، وبدأت تطغى على العالم مجموعة القيم المتضاربة التي نتج عنها اختلال الموازين وتعارض المصالح وتغير في الأوضاع والعلاقات، كذلك كشفت جائحة كورونا ذئبية الإنسان تجاه أخيه الإنسان.
أوضح الأمين العام أن فيروس كورونا على الرغم مما أحدثه في العالم إلا أنه في نفس الوقت يمكن أن يقال عنه بأنه قد جاء لرأب الصدع الإنساني الذي نتج عن الصراعات القومية والدوافع العنصرية والاتجاهات الشعوبية مؤكدًا على المصير الإنساني المشترك، وليفضح أخلاقه الأنانية الموسومة بالعار، كما يكشف زيف الاختلافات الواضحة والطائفية والدينية، وليتأكد للجميع على ضرورة التخلي عن كل هذه الأمور لأن المصير الإنساني واحد، وأن كل ما يقال عن النزاعات والاختلافات ما هو إلا جدل لا يراد منه إلا القضاء على الإنسان بيد أخيه الإنسان، حيث تأتي الرسالة الأخلاقية التي أوجدها هذا الفيروس وبعث بها إلى العالم بضرورة التمسك بمزيد من القيم الأخلاقية التي تجعل من الحوار بابًا لحل الخلافات، والقضاء على النزاعات والعمل على مستقبل أفضل وغد مشرق.
أشار عياد إلى أنه تتجلى عظمة المنهج الأخلاقي الإسلامي الذي يظهره في مثل هذه الأمور من خلال تأكيده على المسؤولية الملقاة على كل أطراف العالم (الدول – الأفراد – الجماعات) كل في فلكه وفي إطاره المنوط وبدون ذلك يعد الأمر تخليًا عن المسؤولية وفرارًا من الواجب، الأمر الذي يوقع في الحرج الشرعي والواجب الأخلاقي، والمسؤولية الإنسانية، حيث لخّص الأزهر الشريف بقطاعاته المختلفة هذا الأمر من خلال بيانات وإصدارات مجمع البحوث الإسلامية، والمركز العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وهيئة كبار العلماء من خلال الإصدارات والبيانات التي كُشف فيها على أنه ينبغي احترام الموتى وتطبيق أحكام الشريعة على الموتى بسبب هذا المرض كغيرهم مع الالتزام بالإجراءات المحددة من قبل المختصين.
وختم عيّاد كلمته بالتأكيد على أن تعامل الإسلام مع الأوبئة مختلف عن باقي الأنظمة والتشريعات الأخرى، ذلك أن فلسفة الإسلام في التعامل مع الأمراض والأوبئة تقوم على أسس متعددة عقدية وشرعية وعرفية وأخلاقية، وقد سبقت هذه الفلسفة في تطبيق النشرة الوقائية والعلاجية كل الفلسفات والنظم، ففي الوقت الذي كان يرى البعض أو يعتقد بأن هذه الأوبئة تحدث لتدخل قوى شريرة أو أرواح شريرة، جاء الإسلام داعيًا إلى صدق اللجوء إلى الله والأخذ بالأسباب الدنيوية المشروعة، والالتزام بالجوانب الأخلاقية، واحترام القيم الإنسانية.