هل يجوز الرجوع في الهدية واستردادها؟..الشيخ عطية صقر يُجيب
"أهدى رجل بنته حليا من الذهب ثم أعطته له ليحفظه أمانة يردها عند الطلب، فلما طلبته رفض، فهل الحلى من حق الأب أو من حق البنت؟".. سؤال أجاب عنه الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الأسبق رحمه الله.
وقال "صقر" إن الهبة فى الشرع هى تمليك الإنسان شيئا من ماله لغيره فى حياته بلا عوض، فإذا كان التمليك بعد الوفاة كان وصية، وإذا كان بعوض كان هدية أو بيعا.
وتابع: الهبة فى الحياة بدون عوض مشروعة بل مندوبة لما فيها من تأليف القلوب، وقد جاء فى الحديث الحسن "تهادوا تحابوا" وكما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تقديمها حث على قبولها، ففى حديث أحمد "من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف -أى تطلع- ولا مسألة فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه " وكان عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية، فقد جاء فى رواية أحمد "لو أهدى إلىَّ كراع لقبلت" والكراع من عظام الأطراف.
وأضاف"صقر" الهبة تستحق للموهوب له بمجرد العقد حتى لو لم يقبضها، كما قال مالك وأحمد، لكن أبا حنيفة والشافعى شرطا القبض حتى تكون لازمة، والرجوع فى الهبة حرام عند جمهور العلماء، إلا إذا كانت من الوالد لولده، فإن له أن يرجع فيها، لما رواه أصحاب السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل لرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطى ولده" وحكم الوالد حكم الوالدة، ويستوى فى الولد أن يكون كبيرا أو صغيرا، ذكرا أو أنثى.
وقال أبو حنيفة: ليس له الرجوع فيما وهب لابنه ولكل ذى رحم من الأرحام، وهو رأى غير قوى لمعارضته للحديث. وجاء فى النهى عن الرجوع فى الهبة حديث الترمذى وغيره وهو حسن صحيح "مثل الذى يعطى العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل،فإذا شبع قاء ثم عاد فى قيئه" وفى إحدى الروايات "ليس لنا مثل السوء، الذى يعود فى هبته كالكلب يرجع فى قيئه".
واختتم "صقر" قائلاً: إن هذا الحلى صار من حق البنت عندما قبضته من والدها، لكن يجوز لوالدها أن يرجع فى هذه الهبة، ويصير الحلى من حقه بناء على رأى جمهور الفقهاء المستند إلى الحديث، وأبو حنيفة يقول إنه من حقها هى، وإن كان رأى الجمهور، أقوى لكنى أقول للوالد: إن كنت محتاجا إلى هذا الحلى فهو حلال لك، وإن كنت غير محتاج فأولى أن تكرم به بنتك يعطيك الله على ذلك ثوابا عظيما، اللهم إلا إذا كانت هناك ظروف يقدرها الوالد لمصلحة البنت، والأعمال بالنيات.