التفاصيل مثيرة.. أمريكا على أبواب الحرب الأهلية بسبب انتخابات الرئاسة
لم ينقسم المجتمع الأمريكي على نفسه في أي انتخابات رئاسية سابقة بقدر ما ينقسم الآن، وذلك بفعل التجاذبات الانتخابية، وحالة تبادل الاتهامات والشتائم بين المرشحين دونالد ترامب وجو بايدن، ما دعا كثيرًا من الخبراء والمتابعين إلى تبني توقعات بمزيد من الانقسامات قد تفصح عنها نتيجة الانتخابات.
انتهت الحملة الانتخابية، ويتوجه الناخبون الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع اليوم في أهم انتخابات بالتاريخ الأمريكي، وبسبب جائحة كورونا، صوّت ما يقرب من 100 مليون أمريكي قبل اليوم، سواء بالبريد أو بالتصويت المبكر شخصيًا، ويمثل هذا العدد حوالي 75% من مجموع الناخبين في عام 2016.
ومن المتوقع أن تكون المشاركة في هذه الانتخابات هي الأكبر في التاريخ الأمريكي، حيث لعبت جائحة كورونا دوراً حاسماً في حظ كل من الرئيس ترامب ومنافسه جوزيف بايدن، في استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم جوزيف بايدن بفارق 10% على المستوى القومي، وفي معظم الولايات المتأرجحة مثل ميتشيغان وويسكنسن وبنسلفانيا وفلوريدا وشمال كارولاينا، ولكن بنسب أقل، حيث حمّل جوزيف بايدن، الرئيس ترامب مسؤولية موت ربع مليون أمريكي قضت عليهم جائحة كورونا بسبب بطء الرئيس ترامب في التعامل مع الجائحة، ثم تسرعه في إعادة فتح السوق الأمريكية بهدف خفض معدلات البطالة التي وصلت إلى 14.7%، حيث خسر عشرون مليون أمريكي وظائفهم.
ويجمع المراقبون على أن المجتمع الأمريكي منقسم لدرجة غير مسبوقة، وتساعد تصريحات الرئيس ترامب على زيادة هذا الانقسام، لأنه يشكك باستمرار في سلامة ومصداقية العملية الانتخابية، فهو يؤكد أنه لا يمكن أن يخسر إلا إذا كانت الانتخابات مزورة، كما أنه طالب مؤيديه بأن يكونوا مراقبين في لجان الاقتراع حتى يمنعوا أي تزوير، ويقوموا بالتصوير، وكل هذه التعليمات غير قانونية، كما أن ترامب رفض التعهد بتسليم السلطة سلميًا.
كل هذه التطورات تخيف المراقبين من أن هناك إمكانية أن يحدث بعض الشغب في بعض اللجان، وأن عمليات التصويت والفرز قد تتعطل، خاصة أن أتباع ترامب أثناء الحملة الانتخابية خرجوا مسلحين في بعض المظاهرات، وهددوا بأنهم لن يسمحوا للديمقراطيين بسرقة الانتخابات.
توجد إشكالية حالياً تتعلق بالفترة المسموح فيها بقبول بطاقات الاقتراع التي تصل بالبريد إلى لجان الفرز في ولاية بنسلفانيا.
ترامب طالب برفض أي بطاقة تصل بعد يوم التصويت، والديمقراطيون عارضوا ذلك لأن نصف المسجلين في قوائم الاقتراع صوتوا بالبريد بالفعل، وبسبب الأعداد الفلكية غير المسبوقة التي صوتت بالبريد بسبب الكورونا يعني أن هناك ضغوطًا ستؤخر عمل هيئة البريد ويجب أخذ ذلك في الاعتبار.
عرض الأمر على القضاء ووصل حتى المحكمة الدستورية العليا بالولاية بالفعل، وحكمت بأن البطاقات التي عليها ختم البريد في يوم التصويت، أي سلمت للبريد في يوم التصويت، يجب أن تحسب حتى بعد 3 أيام من يوم التصويت.
وفي هذا السياق، غيّر ترامب، رئيس هيئة البريد منذ شهرين بشخصية تبرعت بسخاء لحملته من قبل، وقام هذا المسؤول بإعادة تنظيم عمل الهيئة ككل وتخفيض عدد العاملين، وذلك في وقت يقاوم فيه ترامب يوميًا فكرة التصويت بالبريد بدعوى أنها ستوفر فرصًا للتزوير.
إن رفض ترامب للتصويت بالبريد، ثم ادعائه بأن ذلك سيؤدى إلى التزوير، ثم تعيين أحد الداعمين له كرئيس جديد لهيئة البريد، ثم رفع قضية للمطالبة بتجاهل أي بطاقة تصويت تصل إلى لجان الانتخابات بعد يوم التصويت! يقود إلى الاعتقاد بأن أحد أوجه خطة ترامب للفوز هو تعمد خلق اختناقات في بعض مراكز البريد لإعاقة وصول بطاقات التصويت في وقت عادى ومناسب لعد هذه الأصوات.
في هذه الانتخابات وبسبب الكورونا فإن عدد المصوتين بالبريد وصل إلى أرقام فلكية، وبعض الولايات مثل بنسلفانيا رفضت أن يبدأ عد الأصوات التي وصلت بالبريد إلا في يوم التصويت، لأن برلمان هذه الولاية تحت سيطرة الجمهوريين، وبالمقابل كثير من الولايات سمحت بفرز وعد الأصوات التي وصلت بالبريد أسبوعًا أو أكثر قبل يوم الانتخابات حتى تتجنب اختناقات لا داعي لها يوم التصويت.
الاحتمال الأكبر أن لا تعلن النتائج النهائية في نفس اليوم، وقد يتأخر ذلك عدة أيام بسبب انتظار بعض الولايات لعد وفرز البطاقات التي وصلت بالبريد، وموقف ترامب أن عمليات التزوير ستحدث في هذا الوقت، ولذلك هو شكك في العملية الانتخابية من كل زاوية ممكنة.
فصرح الرئيس ترامب، مساء الإثنين، بأنه يرفض حكم المحكمة الدستورية العليا في بنسلفانيا، وأن فريق محاميه سوف يتوجه إلى لجان الفرز بالولاية لوقف عمليات الفرز بعد انتهاء عدد الأصوات التي صوتت يوم الانتخابات، كما أنه صرح قبل ذلك بأنه سيعلن انتصاره في الانتخابات إذا أوضحت استطلاعات رأي الناخبين عند خروجهم من لجان الاقتراع أنه فاز بهذه الولاية، وذلك قبل انتهاء فرز باقي الأصوات التي صوتت بالبريد.
ويجمع المراقبون على أن ولاية بنسلفانيا ستكون محورية وأساسية في فوز الرئيس ترامب، وخسارته لها سيعني خروجه من البيت الأبيض، فهذه الولاية تاريخياً تصوت للديمقراطيين ولكن ترامب انتزع الفوز بها في عام 2016 بـ 44.000 صوت فقط، وتشير استطلاعات الرأي بتقدم المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن فيها هذه المرة.
ولكن لن تكون هناك أي أهمية لبنسلفانيا إذا خسر الرئيس ترامب الولايات الجنوبية مثل فلوريد أو نورث كارولاينا وجورجيا ولذلك من المبكر الحكم على ما سيجرى اليوم.
ومن غير المؤكد أن النتائج النهائية للعملية الانتخابية ستعلن في ليلة الثلاثاء وكما هو معتاد، لأن عمليات الفرز ستمدد لثلاثة أيام في بنسلفانيا.