”المدفعجي” يحتفل بعيد ميلاده وسط صراع مع الزهايمر
عندما كان لا يزال لاعبا ، كان طول قامته لا يتجاوز 1.76 متر ، ولكن جيرد مولر كان الملك المتوج في منطقة الجزاء.
وعندما كانت الكرة تصل إلى قدمه بالقرب من المرمى ، فإنها كانت تنتهي عادة بمعانقة الشباك.
وبدون أهداف الأسطورة مولر ، الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ75 غدا الثلاثاء ، لم يكن بايرن ميونخ ليحظى بالشهرة الطاغية التي يحظى بها الآن.
ولكن الأسطورة مولر سيحتفل غدا بعيد ميلاده وهو يكافح مرضا خطيرا يحزن ألمانيا ، حيث يعاني من مرض الزهايمر.
وما من مهاجم آخر قبل أو بعد مولر ، المعروف بلقب "مدفعجي الأمة" ، استطاع مضاهاته.
ولم يستطع أي مهاجم ألماني آخر مضاهاة سجله التهديفي ، حيث كان مولر يهز الشباك في كل مباراة تقريبا وبكل الطرق والأشكال ؛ سواء بالقدم اليمنى أو اليسرى أو بالرأس ، وربما بشكل سريع بعد أن يستدير أو خلال سقوطه أرضا أو وهو يستلقي على الأرض.
وكانت منطقة جزاء المنافس هي المملكة الخاصة لمولر.
وسبق ليواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني (مانشافت) أن قال قبل خمس سنوات خلال احتفال مولر بعيد ميلاده السبعين : "جيرد مولر كان أعظم مهاجم أنجبته ألمانيا".
وما زالت هذه العبارة صحيحة وفعالة رغم مرور خمس سنوات على قولها.
ولن يكون احتفال مولر بعيد ميلاده الـ75 وسط احتفالات ومهرجانات كبيرة ؛ حيث يعاني مولر من الزهايمر.
ورغم مرور نحو أربعة عقود على اعتزاله اللعب ، لا يزال مولر هو الهداف التاريخي للدوري الألماني (بوندسليجا) حيث سجل 365 هدفا في 427 مباراة.
وإضافة لإنجازاته مع بايرن ، توج مولر مع المانشافت بلقبي كأس أمم أوروبا (يورو 1972) وكأس العالم 1974 .
ومنذ سنوات ، يلزم مولر منزله للعلاج ومكافحة مرض الزهايمر الذي ذهب بذاكرته.
ولدى الكشف عن معاناته من الزهايمر في 2015 ، قال هيرمان جيرلاند المدرب المساعد لفريق بايرن ميونخ : "لقد تعرف علي في آخر مرة التقيته. استمتعت بهذا. أبلغته بأن اللاعبين يرسلون إليه بالتحية وخاصة توماس مولر وباستيان شفاينشتيجر وديفيد ألابا. ثم بكى مولر".
وعمل جيرلاند ومولر لسنوات في بايرن وجمعت بينهما صداقة وطيدة لفترة طويلة. واستفاد النادي من كليهما.
وكان جيرلاند هو من ألقى الضوء على لاعبين مثل توماس مولر وفيليب لام وشفاينشتيجر وألابا وعمل على تطوير مستواهم خلال عمله مدربا لفريق الشباب بنادي بايرن حيث كان هؤلاء اللاعبين لا يزالون في مرحلة الشباب.
وقال توماس مولر قبل أيام قليلة : "بدون أهدافه (جيرد مولر) وثباته وحنكته داخل منطقة الجزاء ، ربما لم يكن بايرن ميونخ سيبقى".
وأعرب مولر عن حزنه لعدم حصوله على فرصة مشاهدة الأسطورة مولر خلال مسيرته الكروية حيث ولد توماس مولر بعد اعتزال الأسطورة مولر بنحو سبع سنوات.
ولكن توماس مولر أكد أنه "تعلم الكثير" عندما تدرب تحت قيادته في فريق بايرن للشباب (تحت 23 عاما) .
ورغم الجهود الرائعة لرموز آخرين مثل فرانز بيكنباور وأولي هونيس وبول برايتنر ، يدين بايرن بالكثير لأهداف مولر التي ترجمت جهود الفريق في منتصف السبعينيات من القرن الماضي إلى عدة ألقاب محلية إضافة لثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا بين عامي 1974 و1976 .
وقال الأسطورة فرانز بيكنباور : "من وجهة نظري ، إنه اللاعب الأهم في تاريخ بايرن".
ولكن مولر ربما كان سيخسر كل شيء أيضا بدون بايرن.
وبعد اعتزاله اللعب في 1982 ، أدمن مولر الكحوليات. ولكن زملاءه السابقين في الفريق البافاري هم من أقنعوه بضرورة العلاج .
وبمجرد تعافيه من إدمان الكحوليات ، قدم إليه بايرن مهمة تدريب فريق الشباب (تحت 23 عاما) بالنادي.
وربما كان انتصاره على إدمان الكحوليات هو الخطوة الأهم في حياته. وقال جيرد مولر عندما كان مساعدا لجيرلاند في 2007 : "تعافيت من إدمان الكحوليات في غضون أربعة أسابيع. النجاح في هذا في غضون هذه الفترة القصيرة كان إنجازا".
وجاء الهدف التاريخي في مسيرة مولر الكروية في نهاية مسيرته الدولية ، التي انتهت قبل الأوان.
وعلى الاستاد الأولمبي في ميونخ ، سجل مولر هدف الفوز على نظيره الهولندي ليمنح المنتخب الألماني لقب كأس العالم 1974 .
وقال مولر : "سجلت أهداف أكثر جمالا ، ولكن الهدف الأهم كان هدف الفوز بكأس العالم".
وكان مولر نجما مميزا ، ولكنه لم يكن من النجوم المتشوقين للبريق والظهور في الاحتفالات على البساط الأحمر. ولم يحصل الصحفيون على عنوان رئيسي من المقابلات الإعلامية معه. ولم يسبق له أن حسد بيكنباور أبدا على مكانه في دائرة الضوء حيث واصل المدافع السابق (بيكنباور) السفر حول العالم بعد مسيرته الكروية.
وقال مولر قبل أن يحكم المرض قبضته : "لست من النوع الذي يحب الابتعاد عن المنزل".
وأعلن نادي بايرن ميونخ أن مجموعة صغيرة ستكرمه يوم الثلاثاء في متحف بايرن بملعب "أليانز آرينا" ، لكن المدفعجي نفسه "للأسف ، لن يكون حاضرا".