أرخص من السيارت والجمال.. وقضى عليها «عفريت السكة الحديد».. كل ما تريد معرفته عن «طائفة الحمارة»

طائفة الحمارة
طائفة الحمارة

ماذا تعرف عن «طائفة الحمارة»؟.. هى طائفة مصرية ظهرت في مطلع ثمانينات القرن التاسع عشر وحتى نهاية تسعينات نفس القرن، وكانت أكثر الطوائف تعدادًا في مصر.

بلغ عدد العاملية بـ«الحمارة»، أكثر من 1739 شخصًا، كانت أهميتها كانت لا تقل أهمية عن أي أكثر وسائل المواصلات أهمية في وقتنا الحالي، وكان الحمار بالفعل أهم وسيلة مواصلات؛ إذ كانت الحمير تملأ كل شوارع القاهرة وامتازت بأنها وسيلة مواصلات رخيصة؛ أرخص من السيارت والجمال على الأقل.

المثير للدهشة أن الحمير في ذلك الوقت كانت تمتاز بالقوة والقدرة على قطع مسافات طويلة في وقتٍ قصير والتوغل بين الحواري والأزقة والأماكن النائية بسهولة، وكان عدد كبير من المصريين يمتلكون الحمير ويستخدمونها كوسيلة للتنقل، بينما كان من لا يمتلك حمارًا يستأجره من رجل اسمه «المكاري».

ولمن لا يعرفه.. المكاري هو رجل كان يمتلك مجموعة من الحمير و يربيها من أجل بيعها أو تأجيرها للركاب مقابل مبلغ من المال، لفظ مكاري هو اللفظ الذي اشتقت منه لفظ «كارو».

علمًا أن العربة الكارو هي التي يجرها حصان أو حمار على عجلتين أو أربع، ومازالت موجودة حتى وقتنا وتستخدم لنقل البضائع أو القمامة أيضًا، حسب كتاب طوائف الحرف في مدينة القاهرة.

وكان المكاري يزين حماره باستمرار وينظفه؛ كي يحصل الراكب على خدمة جيدة ويعود للتعامل معه مرة أخرى، فيضع على ظهر الحمار برذعة محشوة للحصول على مقعد لين، ويغطي مقدمها بالجلد الأحمر ومقعدها بشرائط صوفية ناعمة؛ للحصول على مظهر جميل ويكون الراكب على مستوى أعلى؛ فيرى الطريق بوضوح.

اللافت للنظر أنه لم يكن هناك آلة تنبيه لتجنب الحوادث أو إشارات ضوئية ليعرف الناس في أي اتجاه سيسير الحمار، ولكن استعان المكاري بصبي صغير يقوم بدور آلات التنبيه، وكان هذا الصغير يصاحب الراكب سيرًا على قدميه، وهو ينادي على المارة مطالبًا بأن يفسحوا الطريق للحمار وراكبه، وكانت هذه الطريقة بالفعل ناجحة جدًا في تقليل حوادث الطرق.

امتازت النساء اللاتي تنتمين إلى الطبقة العليا والوسطى بركوب الحمير ، حيث كانت تركبن على برذعة مغطاة بسجادة مرتفعة وعريضة عن البرذعة العادية، ويسير بجانبهن رجل أو اثنين للحماية، بينما كان يركب الأغنياء من التجار وكبار العلماء، البغال، وكانت سرج البغال تُغطى أيضًا بسجادة عريضة.

ولكن سرعان ما تحول الأمر فنتيحة لحوادث عديدة أصبح الجميع يخضع لقانون مرور؛ إذ كان هناك ما يعرف بـ «نصوص لائحة الحمارة» ويحتوي على 16 مادة، نستعرض معكم بعضهم فقط:

فمنها كان العامل بمهنة الحمارة يضع علي ذراعه صفيحة بها نمرة رخصة حماره المرقمة وكذلك الحمار تعلق برقبته أو جبهته واحدة أخرى.

كما أنه لا يجوز أن يكون سن العاملين بهذه المهنة أقل من 14 سنة ويجب أن يكونوا أصحاء، لا يعانون المرض، وبالطبع كذلك الحمار يكون سليمًا لا يعاني المرض.

هذا بالإضافة إلى أنه كان هناك خط سير محدد للحمير وأماكن مخصصة للسير والانتظار أيضًا، بحيث لا يسمح لأي منهم أن يخترق النظام والصف ويسير بشكل عشوائي كما يريد، وكان من يرفض تأجير حماره دون سبب مقنع، يتعرض للعقوبة؛ لأنه مخالف، وبشأن التعريفة فكانت كانت تحددها الحكومة، وتختلف من محافظة لأخرى وعلى حسب المسافة.

على سبيل المثال كانت الأجرة في محافظة الشرقية 25 مليمًا بالنهار و35 مليمًا في الليل عن الساعة الواحدة، وكان هناك زيادة 5 ملاليم كمقابل عن كل ربع ساعة تزيد عن المدة المحددة.

كما نلاحظ أن أعلى أجرة في القاهرة المحروسة، كانت 60 مليمًا وأقل أجرة كانت 5 ملاليم، وكان من يضرب الحمار بقسوة أو يهمله يُعقاب أيضًا، وممنوع نقل الجثث على ظهر الحمير إلا لو كان بطلب حكومي.

وليس هذا فحسب بل إنه كان من يخالف كل هذه النصوص السابقة يعرض نفسه لدفع غرامة لا تتجاوز 25 قرشًا، وتكرار المخالفة يؤدي لسحب الرخصة من قبل الحكومة، سواء كان السحب بشكل مؤقت أو دائم.

وبالفعل ظلت مهنة الحمارة مهنة لها بريقها وأهميتها حتى ظهر الترام أو كما أسماه المصريون في البداية العفريت وقضى على هذه الطائفة بضربة تلو الأخرى وكان يعرف وقتها بـ «عفريت السكة الحديد».

تم نسخ الرابط