نص كلمة وزير الأوقاف فى الإحتفال بالمولد النبوي ومفاجآته للأئمة

د. محمد مختار جمعة
د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الوطن تاج على رؤوس الوطنيين الشرفاء، مشددًا على أن المشردين لا يقيمون دينًا ولا دولة، والعصابات لا تبني دولة ولا تفهم معناها، ولن يُقدر العالم ديننا إلا إذا أحسنا فهم ديننا وتفوقنا في أمور دنيانا.

ووجه «جمعة»، خلال كلمته باحتفال المولد النبوي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلًا: «سيادة الرئيس لن ننسى يوم أن قلت: الرصاص الذي يتوجه إلى صدور المصريين سنتلقاه نحن بصدورنا، سيادة الرئيس نحن معك في معركة بناء الوعي وبناء الوطن، وعلى الجبهة متى لزم الأمر، سيادة الرئيس لقد أعانك الله فوفيت بما وعدت وتحقق لنا الأمن».

وننشر فيما يلي نص كلمة وزير الأوقاف
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.
سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية
معالي الدكتور / مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء
فضيلة الإمام الأكبر أ. د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر
الحضور الكريم:

يطيب لي أن أهنئ حضراتكم جميعًا بذكرى المولد النبوي الشريف , سائلًا الله (عز وجل) أن يعيده علينا وعليكم وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.
لزمت بـــــــــاب أمير الأنبيــــاء ومن
يُمسك بمفتاح باب الله يغتنـــــــــــم
علّقــت مــن حبـــه حبـــلًا أعـــزّ بــــه
في يوم لا عزّ بالأنساب واللّحـــــــــم
محمدٌ صفــــــــــــوة الباري ورحمته
وسيد الخلق من عرب ومن عجــــم
يـا أَفصـحَ النـاطقين الضـادَ قاطبـةً
حديثُك الشّـهدُ عنـد الـذائقِ الفهِـم
مديحُـنا فيـك حـبٌّ خـالصٌ وهـوًى
وصـادقُ الحـبِّ يُمـلي صـادقَ الكلمِ
البــــــــــدرُ دونـكَ فـي عز وفي شَرفٍ
والبــحـرُ دونـك فـي فضل وفي كرم
* * *
والله مـــــــــــا حملت أنثى ولا وضعت
أبــــــرّ وأوفى ذِمـّــــــــــــــــة من محمدٍ
ومــــــــا في بقـــــاع الأرض حيًّا وميّتًا
ولا بين أرضٍ والسمــــــــا كــَــــمُحمدٍ
صلــــــوا عليـــــه وسلمـــــــــوا تسليمًا

وبعد:
فقد بُعِثَ نبينا -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، وبما أن الترجمة الحقيقية لحبه -صلى الله عليه وسلم- هي اتباع سنته وحسنُ الاقتداء به، فلنضرب أنموذجًا بواحد من مكارم أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- وهو خلق الوفاء ورد الجميل، فحين خرج نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف ولقى من أهلها أشدّ مما لقى من أهل مكة عاد إلى مكة مرة أخرى فدخلها في جوار -أي أمان- رجل مشرك وهو المُطْعِم بن عَدِيّ , فلما كان يومُ بدر وكلموا النبي -صلى الله عليه وسلم- في إطلاق الأسرى قال: "لو كان المُطْعِم بن عَدِيّ حيا فكلمني فيهم لأطلقتهم له"، أي لأطلقت سراحهم إكرامًا له وردًا لجميله.

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول عن سيدنا أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ»، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كافأناهُ بها مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئهِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من أسدى إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «من أُولي معروفًا، فليذكره، فمن ذكره فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره» أي جحده ولم يؤد حقه.

ونحن يا سيادة الرئيس لم ننس ولن ننسى يوم أن وقفت موقفًا وطنيًّا عظيمًا مشهودًا وقلت في وقت عصيب جد عصيب: إن الرصاص الذي يُوجه إلى صدور المصريين سنتلقاه نحن بصدورنا، وإنه لا يمكن لأحد أن يروع المصريين ونحن على قيد الحياة، وقد أعانك الله فوفيت بما وعدت، وتحقق لنا الأمن الذي عملت على تحقيقه، وكأنك سيادة الرئيس من عناه المتنبي بقوله:

وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ
كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ

سيادة الرئيس لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لسيدنا موسى -عليه السلام-: اذهب أنت وربك فقاتلا إننا ها هنا قاعدون، لكن نقول: نحن معك عن يمينك وعن شمالك ومن خلفك مقاتلون.

وإن هذه النخبة المخلصة من علماء الأزهر والأوقاف مع سيادتك في معركة بناء الوعي وبناء الوطن وعلى الجبهة متى لزم الأمر، فالحمد لله الذي جعل لنا وطنا آمنا , فالوطن تاج على رءوس الوطنين الشرفاء، والمشردون لا يقيمون دينا ولا دولة، والعصابات لا تفهم معنى الدولة، وهي أحد أهم وسائل حروب الجيل الرابع لهدم الدول.

ولله در شوقي حيث يقول:
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ
وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سالت الأَرواحُ فيهِ
بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا
وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
وفيك نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا
وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا
ويقول أحمد محرم :

لَيسَ الكَريمُ بِمَن يَرى أَوطانَهُ
نَهبَ العَوادي ثُمَّ لا يَحميها
فتَوَدُّ جاهِدَةً بِهِ دَفعَ الأَذى
عَن نَفسِها وَهوَ الَّذي يُؤذيها
يا آلَ مِصرَ وَما يُؤَدّي حَقَّها
إِلّا فَتىً يَكفي الَّذي يَعنيها
هي أمُّكُم لا كانَ مِن أَبنائِها
مَن لا يُواسيها وَلا يُرضيها

وإذا كان ديننا ونبينا قد علمانا أن نذكر الفضل لأهل الفضل فإنني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن جميع العاملين بالأوقاف نذكر لسيادتكم سيادة الرئيس مواقفكم النبيلة التي تذكر فتشكر، كما نشكر لسيادتكم اهتمامكم البالغ بتحسين الأحوال العلمية والمادية للأئمة، حيث وجهتم في عام 2015م بزيادة قدرها ألفُ جنيه في بدل صعود المنبر لجميع الأئمة، ثم وجهتم العام الماضي بزيادة أخرى قدرها ستمائة جنيه لحملة الليسانس وثمانمائة جنيه لحملة الماجستير وألفُ جنيه لحملة الدكتوراه إضافة إلى توفير الزي الأزهري لجميع الأئمة، وتشجيعًا على البحث العلمي وصقل مواهب الأئمة علميًّا وجهتم سيادة الرئيس بصرف مكافأة تميز علمي لكل من حصل أو يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه، ودفعًا لمزيد من التميز وعدم التوقف في العلم عند حد معين وجهتم سيادتكم بتكرار المكافأة كلما حصل الإمام أو غيره من العاملين بالأوقاف على درجة علمية جديدة , وأصدر معالي رئيس مجلس الوزراء القرار التنفيذي لذلك بصرف مكافأة تميز علمي قدرها خمسمائة جنيه شهريًّا للحاصلين على الدكتوراه، وثلاثمائة جنيه للحاصلين على الماجستير, ومائة جنيه للحاصلين على دبلوم الدراسات العليا ، وسيبدأ الصرف من أول يناير 2021م بإذن الله تعالى.

وتشجيعًا للأئمة والعاملين بالأوقاف على البحث العلمي والتميز العلمي أعلنا في وزارة الأوقاف عن توفير ألف منحة ماجستير مجانية تمول من الموارد الذاتية للوزارة للجادين من العاملين بالأوقاف في مواصلة البحث العلمي،وأعلنا عام 2021م بوزارة الأوقاف عامًا للتثقيف والوعي، إيمانا منا بأهمية قضية الوعي التي تعني الإدراك والفهم للصورة الكلية ومفرداتها الجزئية، بما يعني فهم التحديات العامة وتحديات كل قضية جزئية على حدة، سبيلنا في ذلك الجد، ثم الجد، والعمل ثم العمل , موقنين أن العالم لن يقدر ديننا ولا دنيانا إلا إذا أحسنا فهم ديننا وتفوقنا في أمور دنيانا، فإن أحسنا فهم ديننا وتفوقنا في أمور دنيانا احترم العالم أجمع ديننا ودنيانا، فلنعمل، ثم نعمل، ثم نعمل، حيث يقول شوقي:

وقفتم بين موتٍ أو حياة ... فإن رُمْتُم نعيم الدهر فاشقوا

ويشرفني بهذه المناسبة الكريمة أن أقدم لسيادتكم هدية وزارة الأوقاف المصرية، كتابين من إصدارات وزارة الأوقاف هما: «الأدب مع سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» و«السيرة النبوية .. قراءة عصرية».

تم نسخ الرابط