الحبيب الجفرى يرد علي التطاول المتكرر علي النبي بدعوى حرية التعبير

الحبيب علي الجفرى
الحبيب علي الجفرى

أوضح الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفرى خلال تعليقه علي تكرار التطاول على الجناب الشريف ﷺ بدعوى حرية التعبير..

وأشار عبر صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ أنه بعيدًا عن التصعيد المُسيّس الذي يحصل هذه الأيام لتداعيات تكرار جريمة التطاول على الجناب الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، وبعيدًا عن التصادم بين المتطرفين باختلاف توجهاتهم، وردًا على الأسئلة المتكررة حول الموضوع المذكور؛ ينبغي توضيح بعض النقاط:

1. الاستمرار في التطاول على المقدّسات مسلكٌ من مسالك تأجيج الكراهية، وهو يأتي من خلفية الاستعلاء الثقافي، ويتم استغلاله سياسيًا في الحملات الانتخابية، أو النزاعات بين الدول، وليس من المعنى الحقيقي لحرية التعبير في شيء.

وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أن الحديث عن الجناب الشريف ﷺ خارج إطار التناول الموضوعي هو إساءة لا تدخل في إطار حرية التعبير، بل وصفته بأنه مما قد يثير التحيز ويهدد السلام الديني، وذلك في تأييدها للحُكم الصادر من المحكمة النمساوية ضد المتطاولة على الجناب الشريف ﷺ.
2. لن يتقبّل السواد الأعظم من المسلمين التعايش مع جريمة التطاول مهما تكرّرت، ولن يَنتج عن الإصرار عليها سوى تغذية التطرف والتطرف العنيف في سائر الإتجاهات العنصرية والدينية والعلمانية.
3. إن الإصرار على اتخاذ دمج المجتمعات المسلمة في الغرب مسار الإلغاء لهويتهم وثقافتهم لهو اجتراء سافر على حقوق الإنسان، ويتناقض مع ادّعاء قبول التنوع ورفض الإقصاء، وإن تدثّر بعباءة المحافظة على الثقافة الغربية والهوية الوطنية، بل هو تصرّف يتجاوز كَبْت حرية التعبير إلى منع حرية التفكير.
4. إن من يُعطي لنفسه الحق في التطاول على المقدسات بدعوى حرية التعبير؛ ليس له أن يَسلُبَ غَيرَهُ الحق في الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية لمن يتطاول، فذلك أيضًا من حرية التعبير، ولكن إلى أين يصل بنا هذا التلاعب بقيمتَي حرية التعبير ونُصرة النبي ﷺ؟
إنّه مسارٌ مُظلم، نتائجه وخيمة، وليس فيه منتصر أو رابح.
5. ردّة الفعل المُتّسقة مع الهدي النبوي الشريف ومقاصد الشريعة المطهرة ينبغي أن تكون عبر البيان والتوضيح، والاحتجاج المناسب، وفتح أبواب الحوار والتعاون مع عقلاء المجتمعات الغربية الرافضين لسلوك التطاول المشين، وهم كثر ولنا تجربة ناجحة مع العديد منهم إبّان أزمة الدانمارك، ولا تكون المعالجة عبر ارتكاب الجرائم، ولا بردود الأفعال التي تقوّي شوكة القوميين العنصريين، واليمين المتطرف، والنازيين الجدد، ومتعصبي العلمانية اللائكية المتطرفة.
6. الانتهازية السياسية التي تستغل أمثال هذه الجرائم وتوظّفها في السباقات الانتخابية، أو الصراع بين الدول جريمة أخرى تفضي إلى عرقلة مسار الدعوة إلى الله، وتضر بعدالة هذه القضية، وهو أمر متكرر في تناول قضايانا وفي الإضرار بها، ومثلها الاستغلال المتكرر لقضية الحق الفلسطيني.
7. التعامل مع المراكز الإسلامية والمساجد والمدارس الدينية ينبغي أن يتجاوز كُلًا من التنافس الانتخابي الداخلي والصراع الخارجي، وليس من المقبول أن تتحول هذه المؤسسات إلى مراكز نفوذ للتنظيمات، أو وسائل ضغط لدول أخرى على الوطن الذي تُقام فيه هذه المؤسسات وينعم روّادها بخيراته، وتجب حماية هذه المؤسسات من الغلو والتطرف الفكري، والانتماءات الحزبية والتنظيمية المغايرة للمهامّ التي تأسست لأدائها، من عبادة وتعليم وعمل خيري واجتماعي وثقافي.
8. إن واجب المسلمين الأول في غَيْرتِهم على النبي ﷺ ونُصرَتِهم لجنابه الشريف هو أن يكونوا مسلمين بحق، في أحوالهم القلبية وأخلاقهم وتعاملاتهم، وأن يقوموا بمُهمّة التعريف بالجناب النبوي الشريف ﷺ بألسنة أحوالهم قبل أقوالهم، فإنّ الكثير من الرواج الذي تناله التطاولات مبنيٌّ على واقع سلوكيات تصدر عن مسلمين، مما يجعل أكاذيب المتطاولين تبدو وكأنها حقائق تترجمها تلك السلوكيات الشائنة، وإن كان هذا لا يُبرّر تطاول المُتطاولين، ولكنه يُفسِّر جهل الجاهلين.

وأكد أنّ هذا العالم المضّطرِب لهو أحوج ما يكون إلى أن تُشرق عليه شمس جمال الحقيقة الأحمدية، وإلى أن يرتوي من معين الرحمة المحمدية ﷺ، وهي الرسالة النورانية التي ينبغي أن لا تُشتتنا عن أدائها متواليات الحوادث، مهما أطبقت ظُلُماتُها، واشتدّت ظُلَاماتُها، فإنّ قبسًا من أنوار هذه الحقيقة، ورشفةً من زُلال ذلك المعين؛ لكفيلةٌ بإنقاذ هذا العالم الذي أشقاه أهله بجهالات نُفوسٍ أغفل أصحابُها تزكيتها، فحجبت حظوظُها عنه شهود الجمال، ومعرفة الكمال.
قال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

تم نسخ الرابط