هبوط الليرة التركية يجبر أردوغان على اتخاذ قرارات ضد سياساته
مع تصاعد الضغوط على الليرة التركية وهبوطها إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حذرت مجموعة من بيوت الأبحاث العالمية صناع السياسة النقدية من التدخل المستمر في سوق العملة لدعم الليرة المتهاوية أمام الدولار ما تسبب في نزيف حاد بالاحتياطيات الأجنبية منوهة أن الأمر الوحيد الذي قد يدعم الليرة خلال الفترة المقبلة هو تغيير تلك السياسة ورفع أسعار الفائدة لتجنب عمليات الدولة المستمرة بالسوق.
وقالت مذكرة بحثية صادرة عن باركليز، نقلت شبكة CNBC الأمريكية مقتطفات منها، إن البنك المركزي التركي سيتعين عليه الاستمرار في سياسة رفع الفائدة وهو أمر يتعارض مع رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي وصف أسعار الفائدة المرتفعة في أكثر مناسبة بـ"الشر" مطالبا صناع السياسة النقدية في بلاده بخفضها.
وأضافت المذكرة " الخيار الوحيد يبدو أنه المزيد من رفع أسعار الفائدة لوقف نزيف العملة، وهو أمر قد لا يظل كافيا لدعم الليرة ولكنها الخطوة التي يجب اتخاذها على الفور".
ويجتمع البنك المركزي التركي في 22 أكتوبر الجاري لتحديد قرار الفائدة بعد رفعها في الاجتماع الماضي بنحو 150 نقطة أساس إلى مستويات 11.5٪ وهي الخطوة التي فشلت في انتشال الليرة من الهبوط الحاد أمام الدولار مع اقترابها من تسجيل مستويات 8 ليرات للدولار الواحد وهو مستوى قياسي لم يتم تسجيله من قبل.
وقال محللون للشبكة الأمريكية إن أحد أهم أسباب هبوط الليرة هو التدخل المستمر من قبل أردوغان في قرارات المركزي والتي تسببت على نحو كبير في موجة الهبوط منذ مطلع العام إذ يعتقد المستثمرون أن البنك المركزي التركي لا يملك حرية اتخاذ قراره وهو ما أدى إلى موجة نزوح لأموال المستثمرين الأجانب منذ مطلع العام مع فقد الليرة أكثر من ثلث قيمتها أمام العملة الخضراء.
وقالت كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية حديثة "لقد كانت الليرة التركية أحد أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة منذ مطلع العام الجاري أمام الدولار الأمريكي بالتزامن مع الانهيار الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا... ومع حقيقة أن تركيا مستورد صافي للطاقة وفي الوقت الذي كانت فيه عملات الأسواق الناشئة تظهر بعض علامات التعافي من الجائحة كانت الليرة التركية تواصل اتجاها الهبوطي أمام الدولار الأميركي".
وبعد موجة بيع عنيفة على الليرة التركية في صيف 2018، نجح المركزي التركي في حينها في إعادة الاستقرار إلى سوق العملة من خلال رفع حاد لمعدلات الفائدة ما أكسب الليرة الضعيفة في حينه جاذبية لدى المستثمرين، بيد أن الأمر لم يعجب الرئيس التركي رجب أردوغان الذي كان يطالب البنك على الدوام بخفض معدلات الفائدة لتشجيع الاستثمار.
ولكن محافظ البنك حينها مراد جتينقايا لم يرضخ لطلب أردوغان حتى أقاله الرئيس التركي في يوليو تموز من العام الماضي وعين بدلا منه مراد قايا المحافظ الحالي والذي خفض معدلات الفائدة خلال 10 أشهر من مستويات بلغت نحو 24٪ إلى نحو 8.75٪ حتى نهاية مايو الماضي قبل أن يعاود رفعها تدريجيا من جديد للمستوى الحالي مع تضائل الخيارات المتاحة أمامه لوقف تراجع الليرة أمام الدولار واستنزاف الاحتياطيات الأجنبية المتهاوية بالأساس.
ويئن الاقتصاد التركي في خضم جائحة كورونا مع توقف شبه تام لحركة السياحة وارتفاع مطرد في معدلات البطالة وصلت في الوقت الحالي إلى نحو 14٪ وقفزة في معدلات التضخم إلى نحو 11٪ مع تراجع القوة الشرائية للعملة.