محمد فهمي جمعة.. قصة الأخ غير الشقيق لسيد درويش الذي أنقذ السادات من مقصلة الإعدام.. وهذه حكايته مع المرضعة ”ملوك”

محمد فهمي جمعة
محمد فهمي جمعة

يحوي التاريخ قصصًا ربما لا يعلمها كثيرون، رغم أنها غيرت مسار أحداث، ومنها قصة شقيق فنان الشعب سيد درويش الذي أنقذ الرئيس الراحل محمد أنور السادات من الإعدام.. فما هي القصة؟.

محمد لطفي جمعة هو الأخ غير الشقيق لسيد درويش، وكان أحد أبرز الذين يتسمون بالتنوع في ثقافته، فهو كان رجل قانون باعتباره محاميا، وأديبا وشاعرا ولغويا، فضلا عن إجادته إلى الفرنسية والإنجليزية والهيروغليفية أيضا.

أخ في الرضاعة

ولد "جمعة" في حي كوم الدكة السكندري ولد محمد لطفي جمعة في 18 يناير عام 1886، لأسرة كانت متوسطة الحال، ويذكر في مذكراته أن الست ملوك عيد أرضعته فصار بذلك الأخ غير الشقيق لسيد درويش.

ودعت أسرة محمد لطفي جمعة جمال الإسكندرية لتجاور السيد البدوي في طنطا، فتعلم في مدرسة الأقباط ومنها إلى المدرسة الأميرية حتى عام 1900، لينتقل إلى القاهرة ويلتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية.

كان ملك الموت يحتسب ما تبقى من عمر والدته التي ربته فرحلت عن الدنيا عام 1903، فضاق بالقاهرة ليسافر إلى لبنان ويتعلم في الكلية الأمريكية الفلسفية ويظل بها عام واحد ليرجع إلى مصر ويحوز على إجازة مدرسة المعلمين العليا، ثم شهادة البكالوريا وبعدها يلتحق بمدرسة الحقوق الخديوية سنة 1908.

فصل من المدرسة

رغم أن مصطفى كامل كان معشوق الجماهير في مصر، لكن كان هناك كارهين له خاصة عملاء الإنجليز في التعليم، وأدى هذا إلى فصل محمد مختار جمعة حيث ألقى خطبة بعد مرور 40 يوما على وفاة مصطفى كامل وأدت هذه الخطبة إلى غضب جارف عليه من إدارة مدرسة الحقوق الخديوية أسفرت عن فصله فسافر إلى البلد التي ترعرع فيها الزعيم مصطفى كامل وهي باريس.

الخطبة الحماسية التي ألقاها محمد لطفي جمعة في حب مصطفى كامل كانت تأثرا بالصلة التي جمعت بين الأخ غير الشقيق لسيد درويش وزعيم الشباب والتي تعود سنة 1906، حين التقيا بصحبة محمد فريد في سويسرا سنة 1906.

وجاء هذا اللقاء في نفس عام فصله من جريدة الظاهر بسبب الخطبة التي ألقاها ضد الوفاق بين مصر والإنجليز، فضمه الزعيم مصطفى كامل إلى صحفيي جريدة اللواء براتب جنيه على كل مقال.

عمل مع مصطفى كامل في تحرير اللواء ثم أنشأ مصطفى كامل جريدة "Egyptian Standard"، وعمل محررا مع تشارلز رودي ووليام مالوني، ولم يكن يدري مصطفى كامل أن محمد لطفي جمعة هو الأخ غير الشقيق لسيد درويش الذي سيستلهم أغنية من خطبة الزعيم.

سافر محمد لطفي جمعة إلى فرنسا ليلتحق بجامعة عام 1908، وكان على معرفة بعميدها ادوارد لامبير أستاذ القانون المقارن لأنه كان يشغل قبل ذلك منصب عميد مدرسة الحقوق الخديوية حتى عام 1906، وهي التي فُصِل منها محمد لطفي جمعة بعد سنتين.

نال محمد لطفي جمعة إجازة الحقوق عام1910م ونجح في امتحان المعادلة عام 1912 وقيد بجداول المحامين ثم سافر إلى فرنسا ثانيةً للحصول على الدكتوراه من كلية الحقوق بليون في نهاية عام 1912 وعاد إلى القاهرة ليبدأ العمل محامياً.

إنقاذ السادات

عاد المحامي محمد لطفي جمعة من فرنسا عام 1912 وأسس مكتباً للمحاماة في القاهرة، وبعد سنتين تم قبوله للترافع أمام محكمة الاستئناف العليا، ثم تم تقييد اسمه بجداول المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض في عام 1935.

اكتسب المحامي محمد لطفي جمعة سمعة وشهرة واسعة جراء القضايا التي ترافع فيها ولعل أبرزها مقتل السردار لي ستاك، وقضية اغتيال أمين عثمان التي اتُهِم فيها السادات، وأنقذه من مقصلة الإعدام.

جوانب إبداعية

كان هناك جانب إبداعي في مسيرة محمد لطفي جمعة، فهو تلميذ نجيب للشيخ طنطاوي جوهري والشيخ محمد عبده، وكانت هذه التلمذة وازعا له لكي يكتب في الفلسفة وشتى علوم الدين والدنيا، فكتب عدة مؤلفات من أبرزها "تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب"، وترجمة حياة "الشيخ الصوفي محمد عبد السلام"، و"خيار الأخيار في ترجمة خلاصة الصوفية (مخطوط)".

كما كتب في السيرة النبوية "ثورة الإسلام وبطل الأنبياء أبو القاسم محمد بن عبد الله" وكتابه الشهير "الشهاب الراصد" في نقد كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين وكتب تفسيراً للقران هو "نظرات عصرية في القران الكريم"، ودون رحلته للحج في كتاب تركه مخطوطاً ثم طبع عام وهو "الأيام المبرورة في البقاع المقدسة: رحلة الحج والزيارة على عهد الملك عبد العزيز آل سعود".

وتزوج محمد لطفي جمعة في عام 1918 من نفيسة محمد فهمي الابراشي وأنجب منها عشرة أبناء 5 ذكور هم يحيى وزكريا وناجح ورابح وعبد المعين و5 إناث وهم مطيعة وأنوار ورفيعة ومعالي ومهدية؛ وجميعهم سكنوا في 4 شارع الأسيوطي بمنشية البكري حي مصر الجديدة، إلى أن مات جراء جلطة دماغية عن عمر 85 سنة، في 15 يونيو سنة 1953.

تم نسخ الرابط