عداوة كمال الشناوي وأنور وجدي التي تحولت لصداقة.. الأول عاير الثاني بـ”كرشه”.. وبعد مماته أنتج فيلما عن حياته.. ودخل المحاكم بسبب ورثة صديقه

كمال الشناوي وأنور
كمال الشناوي وأنور وجدي

كثيرة هي الحكايات والقصص التي حدثت بين الفنانين بعيدا عن كاميرات البلاتوهات، ورغم أن كثيرين لا يعرفون عنها شيئًا، إلا أنها مليئة بكثير من التفاصيل المثيرة، ومنها الصداقة التي ربطت بين الفنانين الراحلين كمال الشناوي وأنور وجدي رغم أن بينهما فارق زمني حوالي 20 عاما.

وقد شجعت هذه الصداقة كمال الشناوي أن يقدم فيلم عن حياة النجم أنور وجدي بعد وفاته، وتحمس للعمل لدرجة تجمله لكافة نفقات الإنتاج بحيث يقدم للجمهور فيلمًا بعنوان "طريق الدموع" عن قصة حياة نجمه المحبوب أمام جيل لم يعاصره، ولم يرى صعوده من القاع للقمة، لكن أحلامه تحطمت على صخرة "الورثة" الذين هددوه بتحريك دعاوى قضائية ضده لو ظهر الفيلم للنور.

عداوة قديمة

والغريب أن هذه الصداقة ظهرت بعد عداوة بينهما، فقد كان أنور وجدي كان دائم الهجوم على الأجيال الأصغر سنًا، خوفًا على كيانه ونجوميته من هؤلاء، فكان في المجالس العامة وتصريحاته للصحفيين لا يمدح فيهم إلا إذا انضموا لفيلم من إنتاجه وصاروا يعملون تحت إدارته.

ويروي لنا الناقد الفني طارق الشناوي نقلًا عن احد التقارير القديمة، يقول: "كمال الشناوي كانت علاقته بأنور وجدي سيئة، فأنور لا يحب الجيل اللي بعده وعندما سئل عن الوجه الجديد كمال الشناوي فقال انه شاب صغير ووسيم بس مبيعرفش يمثل".

وتمر الأيام حتى سألت أحد الصحفيين كمال الشناوي عن رأيه فيما قال أنور وجدي ليرد بحدة قائلًا: "ازاي يعني أنور وجدي كِبر وبقى بكِرش ولُغد ولسه بيمثل جيل الشباب.. لا طبعًا هو كِبر ومينفعش يتكلم عننا ولا عن جيلنا".

وطبعا وصل الكلام لأنور وفي أحد الأيام تصادف وجود الاثنين في إحدى الحفلات ليتجه وجدي إلى كمال وينحيه جانبا ويقول له: "اشتم فيا زي مانت عايز وقول مش بعرف أمثل.. لكن إياك وكرشي.. أنا زمان كان كل اللي معايا رغيف عيش وقرص طعمية عشان مش معايا فلوس، وكنت باقسمهم على يومين، ولما بقى معايا فلوس بقيت آكل كتير علشان ابقى بكرش واحس بالغنى".

وتأثر الشناوي كثيرًا بموقف أنور وجدي، واعتذر له وبكى بين يديه خاصة مع علمه بمرضه ومن يومها أصبحا صديقين، ولعبا معا عددا من الأفلام أهمها "أمير الانتقام" للمخرج بركات عام 1951، وظلت الصداقة حتى وفاة وجدي لتشاء الصدف فيما بعد ذلك أن يجسد الشناوي قصة حياة أنور وجدي في فيلم "طريق الدموع" بمشاركة صباح وليلى فوزي.

ورثة أنور وجدي

وما إن أعلن الفنان كمال الشناوي عن مشروع فيلمه، حتى تلقى إنذارين من أسرة وورثة الفنان أنور وجدي للتوقف عن إنتاج الفيلم واعتبار المشروع منتهيا، ولكن الشناوي رفض ذلك بدعوى أن حياة الفنان الراحل ليست ملكًا لأفراد أسرته وإنما أصبحت ملكًا للتاريخ ولجمهوره الذي يحبه.

وقال أن الوسط الفني كله يعلم قصة الحديث الذي دار بين وجدي وبين الفنانة زينب صدقي، عندما كان أنور لا يزال ممثلاً مغمورًا وكانا يتحدثان عن الصحة والفلوس، فرفعت زينب يديها إلى السماء وصاحت: "الصحة ولا مليون جنيه"، فرفع أنور يديه إلى السماء وهتف بصوت عال: "اديني سرطان ومليون جنيه!!"، فذكر حادثة كهذه لن تغير رأي البعض في أنور، ثم علّق قائلاً: “وماذا فعل بالمليون جنيه؟! العبرة التي يخرج بها الإنسان من هذا الفيلم هي أنك حين تكون طموحًا فليس على حساب نفسك، ولا تحطم حياتك في سبيل جمع الفلوس.

وأضاف "الشناوي"، أن المرحوم أنور وجدي كان في حاجة إلى عملية جراحية تستغرق شهرين، ولكنه كان مشغولاً بالعمل وليس عنده وقت الفراغ لهذه العملية، وعندما ذهب إليهم كان الأوان قد فات!. ولهذا فإن الأجيال الجديدة لا بد ان تعرف ما عرفناه، فالمعرفة لا يجب حجبها عن الأخرين مهما كان المسمى.

الأبطال الحقيقيين

ولهذا لم يتوقف عن إنتاج الفيلم ولم يعبأ بتوالي الإنذارات، وكل الذي فعله بعد الاستعانة بأحد المستشارين القانونيين، أنه غيّر أسماء أبطال القصة، فأنور وجدي أصبح أشرف حمدي وليلى فوزي أصبحت فايزة وليلى مراد أصبحت سامية فؤاد وهكذا.

ودعا الفنان كمال الشناوي السيدة ليلى مراد لتؤدي دورها الحقيقي في الفيلم، ولكنها رفضت بحجة أنها كانت قد اعتزلت الفن وتفرغت لحياتها الزوجية مع المخرج فطين عبد الوهاب، ولكنها أُعجبت بالفكرة وانتقدت موقف ورثة أنور وجدي، فعرض الفكرة على الفنانة اللبنانية صباح التي رحبت وقدمت دور ليلى مراد بعد تغيير الاسم.

ودعا أيضا الفنانة ليلى فوزي لتؤدي شخصيتها الحقيقية ووافقت، كما دعى الفنان يوسف بك وهبي ليلعب دوره الحقيقي كأول من اكتشف أنور وجدي وقدمه للفن، ولكن لأن علاقته بوجدي في تلك الفترة كانت شائبة وكان يسيء معاملته، فرفض يوسف بك وهبي تاركا المجال لغيره والذي حتما سيقدموه باسم مغاير لتصبح العلاقة خيال مؤلف وليست حقيقة.

ورشحت الفنانة صباح الفنان عبد السلام النابلسي ليلعب دوره الواقعي كصديق لأنور وجدي ورفيقه أيام الفقر، ولكن الشناوي راهن على نجاح عبد المنعم ابراهيم او (السنيد الأكبر) كما كان يطلق عليه في ذلك الوقت، ودعى الفنان المطرب حامد مرسي ليقدم شخصية عزيز عثمان الزوج الأول للفنانة ليلى فوزي، والذي تغير اسمه الى عبد العزيز.

وأخرج الفيلم حلمي حليم، وكتب السيناريو والحوار السيد بدير بناء على معالجة (قصة) كتبها كمال الشناوي شخصيا.

إنذارات وتهديدات

عرض الفيلم في نوفمبر عام 1961 ولم يكن نجاحه في شباك التذاكر كما يتوقع كمال الشناوي، ولكنه انتصر في النهاية وخرجت القصة للنور رغم التحديات والانذارات والتهديدات.

ولا يزال فيلم طريق الدموع من الأفلام نادرة العرض في الفضائيات، اذ لم يعرض كثيرا في التليفزيون المصري حينما كان وسيلة الأعلام الوحيدة، وفي الفضائيات لا يعرض تقريبا الا في قناة روتانا كلاسيك على فترات متباعدة.

تم نسخ الرابط