حكايات ملحمة أكتوبر لا تنتهى ... سر الشفرات النوبية التى استخدمت فى الحرب وعجز اليهود عن فكها

الصول إدريس
الصول إدريس

لقنت مصر إسرائيل درسا فى فنون الحرب لن تنساه على مر التاريخ ، ضربتها بقبضة قوية فأطاحت بأحلامها، وسجل التاريخ تلك الضربة بكلمة " انتصار" ، ورفعت الأعلام المصرية على سيناء الحبيبة التى ارتوت بدماء أطهر جنود الارض، وستظل الأجيال تتذكر هذه الحرب التى دفع الكثير من أبناء الشعب المصرى أرواحهم من أجل العبور واسترداد أراضيها من يد مغتصببها، فلا أحد ينكر أن جيشنا المصرى هو حامى الحمى، وأنه الجيش الوطنى المترابط المتسلح بالعزيمة والإيمان، فقد استخدم القوة والحيلة فى إدارة حربه ضد إسرائيل وكانت شفرة اللغة النوبية واحدة من هذه الحيل التى وقف اليهود عاجزون على فكها أو فهمها، السطور التالية تستعرض جزء من تلك الملحمة العظيمة التى تحدث عنها العالم وسيظل يذكرها التاريخ .

القصة يرويها الصول "أحمد إدريس" أحد جنود الجيش المصرى وصاحب فكرة شفرة اللغة النوبية التي حيرت اليهود في حرب أكتوبر المجيدة، تلك الكلمات التى لم يستطع أحد معرفة مصدرها كانت كلمات "ستياكي بوجومرو ، ساع آوي باجد ، اشوريا ، اوسكو" تقع على مسامع اليهود وكأنها طلاسم تحتاج معاجم لتفسيرها بل تحتاج إلى معجزة حتى يتم فهمها .

وكشف الصول أحمد إدريس أنه أول من فكر فى استخدام اللغة النوبية في حرب أكتوبر، عندما وردت إلى مسامعه أخبار تشير إلى أن الرئيس أنور السادات يبحث عن آلية للتغلب على أزمة فك الشفرات خلال الحرب ، فقام بعرض الفكرة على أحد قاداته حيث أن اللغة النوبية يتحدث بها أهل النوبة فقط ، كما أنها لا تكتب و ليس لها وجود في القواميس، و لهذا لم تستطع إسرائيل فكها أو معرفة فحوى كلماتها، وبهذا فلن تستطع التقاط أي إشارات أو رسائل لقادة الجيش المصري .

واستطرد الصول إدريس قائلا : "أبلغ قادتي الفكرة لرئيس الأركان الذي بدوره عرضها على الرئيس أنور السادات، ووافق على الفور و فوجئت باستدعاء الرئيس الراحل لي" وقال :
"وصلت لمقر أمني لمقابلة الرئيس السادات وانتظرت الرئيس بمكتبة حتي ينتهي من اجتماعه مع القادة ، وعندما رأيته كنت أرتجف نظراً لأنها كانت المرة الأولى التي أري بها رئيسا لمصر ، و عندما قابلني و شعر بما ينتابني من خوف و قلق اتجه نحوي و وضع يده على كتفي ثم جلس على مكتبة و تبسم لي و قال : فكرتك ممتازة ، لكن كيف ننفذها ؟ فقلت له : لابد من جنود يتحدثون النوبية و هؤلاء موجودون في النوبة و عليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة و ليس بنوبيي 1964، و هم الذين نزحوا بعد البدء في بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة ، و أضاف الصول ادريس قائلاً : "هم متوفرون بقوات حرس الحدود" ، فابتسم السادات و قال : "بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود و أعرف أنهم كانوا جنوداً بهذا السلاح"، وأكمل إدريس قائلاً إن السادات طالبه بعدم الإفصاح عن هذا السر العسكري ، و هدده بالإعدام لو أخبر به أحدا ًً.

أضاف إدريس أنه بعد عودته إلى مقر خدمته العسكرية كان عدد المجندين 35 فرداً ، و علم أنه تم الاتفاق على استخدام اللغة النوبية ، كشفرة وأنهم قرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين و الذين بلغ عددهم حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات ، و تم تدريب الجميع ، و ذهبوا جميعاً وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 و حتى حرب 1973 .

وأوضح إدريس أن كلمة :كانت "أوشريا" كانت تعتبر الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر ، ومعناها العربي "اضرب"، وجملة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية"، و بتلقي كافة الوحدات كلمة "أوشريا" و كلمة "ساع آوي"، بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع كل في تخصصه يقهرون المستحيل ويحققون الانتصار، مضيفا أن هذه الشفرة استمرت متداولة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات .

وقال إدريس أن القيادات قامت بمد فترة خدمته الي أربعة سنوات وقال ' كانوا رافضين خروجي من الجيش ولكني اضطررت نظرا لظروف مرضية'.

وكشف الصول إدريس أنه عندما علمت اسرائيل بمعرفة اللغة التي كانت تستخدم كشفرة فى الحرب وعجزوا عن ترجمتها، قاموا بمحاولة دراسة اللغة النوبية .

تم نسخ الرابط