حمل رجله وهتف بها تحيا مصر ... حكاية بطل أكتوبر صاحب الساق المعلقة
اللواء عادل يسرى .. جنرال من نوع فريد، أسطورة عرفتها العسكرية المصرية، بطولاته فى أرض المعركة خلدها التاريخ، فظل يحارب على الجبهة وسط جنوده وساقه مبتورة لمدة 8 ساعات، ورفض أن ينقذه أحد من جنوده، لكنه طالبهم بالانتقام له من العدو، اللواء يسرى كان قائدا للواء 112 مشاه، الذى ضم عددا من الأبطال أصحاب البطولات الخارقة خلال حرب العزة والكرامة أكتوبر 73، منهم صائد الدبابات المهندس عبدالعاطى، الذى حطم الأرقام القياسية فى تدمير دبابات العدو، وغيره الكثيرين ممن سطروا بطولاتهم فى تاريخ العزة والكرامة، وكان اللواء يسرى أول الحاصلين على وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى، ورحل فى 15 اكتوبر 2013، وكان آخر منصب مدنى تولاه هو رئاسة الشركة العامة للصوامع والتخزين .
اللواء يسرى، هو بطل معركة رأس العش الشهيرة، والتى تمكن خلالها تحرير جزيرة بيت الملاح، كما أنه كان يشغل منصب مدير البحوث بالقوات المسلحة، وشارك فى مفاوضات الهدنة، بالإضافة إلى مشاركته فى حرب ٥٦، كما أنه كان أحد ضباط الجيش الأول فى الإقليم الشمالى فى سوريا أثناء الوحدة، وتشير الروايات التاريخية والبطولية الخاصة بالبطل إلى أنه فى عام ١٩٦٩ كان اللواء يسرى، قائداً للكتيبة السابعة مشاة، وعمل فى الحرس الجمهورى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان قائدا للواء ١٢٢ مشاة ميكانيكا، خلال حرب أكتوبر، وعرفه العسكريون باسم لواء النصر، إذ استطاع أن يحقق أعمق توغل داخل أراضى سيناء، ونجح فى الاستيلاء على جزيرة الملاح الواقعة فى منتصف القطاع الشمالى من قناة السويس، ولم يستطع العدو من الاقتراب منها، كما استطاع أن يقتحم قناة السويس ويحقق الأهداف المطلوبة منه يوم ٨ أكتوبر، على الرغم من أنه كانت هناك منطقة كسيب الخير أبو وقفة، وهى معروفة بأنها أصعب منطقة فى الجبهة على الإطلاق حيث تنتشر فيها الرمال الناعمة التى تغوص فيها الأقدام، إلا أن يسرى وجنوده الأبطال الشجعان، مضوا فوقها بسلاسة وسهولة ويسر، وكانت طائرات العدو فوق رؤوسهم، والمدافع تصوب عليهم نقذائفها، وكان يسرى وقتها برتبة عقيد أركان حرب، وتقدم الصفوف على الجبهة، وبينما كانت مجموعة من دبابات العدو تحاول اختراق القوات الأمامية للواء ١١٢، وأطاحت إحدى قذائف العدو بساق يسرى، الذى ظل يكتم الجرح بالرمال وواصل قيادة قواته على الجبهة لأكثر من ٨ ساعات.
وتشير إحدى اللقاءات التليفزيونية التى تحدث فيها اللواء يسرى عن بطولته على الجبهة، حيث قال مبتسما : «الناس مقامات، طلقة صغيرة بتقتل راجل قوى، ودانة دبابة من مسافة متر ونصف المتر لم تنجح إلا فى بتر ساقى»، وحين أصابتنى القذيفة لقيت نفسى طاير فى الهواء وبعدين واقع على الأرض، اكتشفت بعد كده إن رجلى طارت فابتديت أوقف النزيف، وأسرع الضباط والعساكر اللى كانوا قريبين منى وهم يصيحون سيادة القائد عادل، فقلت لهم محدش يستنى جنبى اللى بيحبنى ياخد بتارى، فانطلقوا ، وفعلاً كانت أول إصابة بتاخد بتارى من الدبابة اللى ضربتنى، وخرج منها الضباط والجنود الإسرائيليون، وأنا معايا صورة للدبابة بعد أن صارت خردة ».
وتحدث اللواء عبد الجابر أحمد علي، قائد الكتيبة 35 مدرعات أثناء حرب أكتوبر، عن اللواء يسرى، بقوله : لا أنسى بطل تأثرت به خلال معارك أكتوبر وقبلها، بطل استطاع أن يحقق أهم البطولات وألحق بالعدو الخسائر الفادحة، وخلال إحدى المعارك بترت ساقه وسقط خارج السيارة، وأصر وقتها على رؤية ساقه المقطوعة ورفعها ووقف يهتف "تحيا مصر"، ولهذا أراه بطلاً تاريخيًا يستحق التكريم".