لهذه الأسباب عين السراج قادة المليشيات في مناصب قيادية
أجمع مراقبون ليبيون أن قرار رئيس حكومة الوفاق فايز السراج تعيين قادة ميليشيات على رأس مؤسسات أمنية رسمية، يستهدف تقوية جناحه العسكري لإعطاء نفسه فرصة أكبر للبقاء في السلطة، وإفشال كل المساعي الدولية التي تدفع نحو مرحلة انتقالية بسلطة جديدة في ليبيا، قد لا يكون جزءا منها.
والخميس، عزّز السراج تحالفاته مع الميليشيات المسلحة، بترقية اثنين من أبرز قادتها إلى رتب عليا بالأجهزة الأمنية الرسمية، وهما آمر ميليشيا "الأمن العام" عماد الطرابلسي الذي كلّفه بمنصب نائب رئيس جهاز المخابرات والقيادي في ميليشيا "الدعم مركزي" لطفي الحراري الذي قام بتعيينه نائبا لرئيس جهاز الأمن الداخلي، في خطوة عرّضته إلى انتقادات كبيرة لم تأت من خصومه في الشرق فقط، ولكن حتى من شركائه في الحكم وأساسا ميليشيات وقيادات تنظيم الإخوان.
وتعليقا على ذلك، اعتبر المحلل السياسي الليبي أبو يعرب البركي في حديث مع "العربية.نت"، أن هدف السراج من التعيينات الأخيرة هو "محاولته اليائسة" للبقاء ممثلا لغرب ليبيا في المجلس الرئاسي المرتقب تشكيله، لذلك فهو يقوم منذ فترة بشراء الولاءات والمواقف لزيادة عدد المدافعين من حوله، مضيفا أن الهجوم الحادّ الذي شنّه تنظيم الإخوان على السراج "جاء لإدراكهم أن سفينة الوفاق غرقت تماما"، ورغبتهم في المرور نحو الحلول بدل تأزيمها و حدوث صدامات مسلحة داخل معسكرهم، وكذلك للحصول على التمثيل الأكبر في الصفقة القادمة.
ولم يبد السراج أي ردّة فعل تجاه المفاوضات السياسية، التي جمعت مؤخرا في مدينة بوزنيقة المغربية، نوابا من البرلمان الليبي وأعضاء من المجلس الأعلى للدولة، لدراسة إعادة توزيع المناصب القيادية، أو انفتاحا إزاء مشاورات جينيف التي بحثت إعادة تشكيل مجلس رئاسي وإنشاء حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع، بل أصبح متهما بمحاولة إفشال هذه الجهود الأممية والدولية التي ترمي لإعادة بناء السلام في ليبيا.
وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي الليبي سليمان العتيري في تصريح لـ"العربية.نت"، وقال إن السراج وميليشياته ستحاول إفشال هذه الجهود ولو باستعمال القوّة، مضيفا أن السراج بدأ بتقوية جناحه العسكري لحماية نفسه وللتحضير لأي مواجهة عسكرية محتملة في صورة إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد نفسه، من خلال توزيع المناصب على قيادات مليشياوية قويّة يرى فيها "حبل النجاة" الذي سيبقيه داخل مكتبه بالمجلس الرئاسي، خاصة بعد تخلي الإخوان عن دعمه وانفتاحهم في الفترة الأخيرة على البرلمان الليبي، من أجل الحصول على النصيب الأكبر من كعكة الاتفاق القادم وضمان مشاركتهم في المرحلة المقبلة.
ولكن هل ستدفع تركيا كذلك التي ترتبط مع حكومة الوفاق باتفاقيات مهمة إلى إفشال جهود التسوية السياسية وأي محاولات توافق لتشكيل سلطة جديدة قد تطيح بأركانها في ليبيا؟
والجواب حسب البركي هو أن النظام التركي سيقبل بالطرف القادر على تمثيله في أيّ اتفاق ليبي قادم إما حلف الإخوان أو حلف السراج وبالتالي سيدفع نحو وجود أحد الطرفين في الحكومة القادمة أو الاثنين معا، لكن المهم بالنسبة إليه هو أن لا تتطور الخلافات الحالية بينهما إلى صراع مسلّح وبالتالي تذهب الأوضاع لفوضى لا يمكن التحكم فيها، مشيرا إلى أن أنقرة ستحاول أن توازن بين استمرارية وجودها والحفاظ على مصالحها من خلال توازن داخل منظومات غرب ليبيا، وتريد أي تسوية في ليبيا تحفظ لها مصالحها دون الاستمرار في محور الممانعة والتصعيد مع الأوروبيين.