القذافي ساعد في القبض عليها.. القصة الحقيقية لبطلة فيلم «الصعود إلى الهاوية».. ولهذا السبب رفض السادات طلب أمريكا بالعفو عنها

هبة سليم
هبة سليم

يعتبر فيلم «الصعود إلى الهاوية» أحد أشهر أفلام الجاسوسية التي رصدت إحدى عمليات التخابر الإسرائيلية ضد مصر، من خلال فتاة تم الإيقاع بها في حبال المخابرات المصرية، لكن ما لا يعلمه كثيرون أن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت عن طريق وزير خارجيتها هنري كسينجر لإعدام هذه الفتاة، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الرئيس الراحل أنور السادات.

ويروي اللواء كمال حسن علي رئيس جهاز المخابرات المصرية في الفترة من 1975 – 1978، في مذكراته التي حملت عنوان «مشاوير العمر»، أنه قرأ بنفسه سيناريو فيلم «الصعود إلى الهاوية» على مدى مساء ثلاثة أيام، ثم دوّن عليه ملاحظاته وأعاده مرة ثانية إلى اللجنة المكلفة به، مشيراً إلى أن اللجنة لم تتمكن من الانتهاء منه إلا بعد ستة أشهر أخرى من العمل المتواصل، إلى أن ظهر بالصورة التى استمتع بها الجمهور فى الفيلم.

ويؤكد أنه بعد أن تولى رئاسة الجهاز وضع خطة خمسية اعتمدها من الرئيس السادات يوم 19 يناير 1976، وكان من بينها إنتاج فيلم سينمائى لزيادة وعى الجماهير بالنسبة لأمن الوطن والمواطن، من واقع قصة حقيقية للجاسوسية، ووقع الاختيار على «الصعود إلى الهاوية»، حيث كلف الكاتب القصصى صالح مرسى بكتابة القصة، وكان لابد من اشتراك عناصر من الجهاز لمراجعة القصة والسيناريو، وانتهى إنتاج الفيلم فى سبتمبر عام 1978، وتقرر افتتاح أول عرض له يوم 3 أكتوبر فى سينما مترو بالقاهرة، وحضرت بنفسى عرض الفيلم.

وفى منتصف الفيلم أخطرنى مدير مكتبى بأن نائب الرئيس محمد حسنى مبارك يطلب اتصالى به تليفونيًا لأمر مهم، وفى الحال تركت السينما وتوجهت إلى سيارتى واتصلت تليفونيا بنائب الرئيس، وإذا به يخطرنى أنه قد تم تعيينى وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربى وقائدًا عامًا للقوات المسلحة.

عملية معقدة

جاءت هذه العملية ضمن المواجهات العظيمة من جهاز المخابرات المصرية لإسرائيل، وكانت «معقدة ومحيرة» بوصف أحد أبطال الجهاز، الضابط رفعت جبريل الذى قام بالقبض على الجاسوسة «هبة سليم» التى قامت الفنانة مديحة كامل بدورها فى الفيلم، وكذلك القبض على فاروق الفقى، الضابط الذى خان بلده وأمدها بالمعلومات، فكانت تمدها هى بدورها إلى إسرائيل.

ويكشف «جبريل»، فى حوار سابق له، جانب التعقيد والحيرة فى القصة، مشيرًا إلى قيام إسرائيل باستهداف حائط صد الصواريخ الذى كانت تشيده قواتنا المسلحة، ما أوقع فى صفوفنا شهداء من المتخصصين والجنود، وعلى أثر ذلك «ركزنا العمل حول بعض الأشخاص من كل الرتب، وتوصلنا إلى الخيط الأول، المقدم مهندس فاروق الفقى، وثارت الشكوك فيه بعد معرفة معلومة بأنه قام بتركيب جهاز «إيريال» راديو جديد للإرسال فوق منزله، وكان يرسل عبر هذا «الإيريال» المعلومات للموساد، ويقول: «بعد أن تأكدنا من أنه جاسوس قمنا بمتابعة خطاباته التى كان يرسلها بالحبر السرى، وبعد التأكد قررنا القبض عليه».

فى التحقيقات كشف «الفقى» أن «هبة سليم» هى التى جندته، ويقول «جبريل»: «كان يحبها جدًا، لكنها لم تكن تبادله الحب، وعندما تم تجنيدها طلبوا منها تجنيده على الفور، وحضرت إليه بالفعل رحب سريعًا لحبه لها، واستأجرا شقة فى المعادى وعلمته داخلها كيفية الكتابة بالحبر السرى».

فرنسا وليبيا

كانت «هبة» من فتيات نادى الجزيرة، وسافرت إلى فرنسا للتعليم هناك، وفى باريس تم تجنيدها، وأصبحت باريس مركز عملياتها، وبعد القبض على «الفقى» بقيت مهمة القبض عليها.

ويذكر «جبريل»: «كان والدها يعمل مدرسًا فى ليبيا، فسافرت ومعى وفد إلى هناك، وبالتنسيق مع السلطات الليبية، قلت لأبيها إن ابنتك تورطت فى عملية فدائية قامت بها منظمات فلسطينية، وهى مطلوبة من إسرائيل، والأفضل أن نستدعيها إلى طرابلس بدعوى أنك مريض، ووافق، ثم أدخلناه المستشفى فعليًا، وقام بالاتصال بابنته أكثر من مرة إلى أن اقتنعت، وركبت الطائرة قادمة إلى ليبيا».

وتحسبًا لاحتمال أن يكون الموساد يراقبها، أقنع «جبريل» أحد معارفها، وكان يعمل فى السفارة المصرية بأن يكون فى استقبالها بالمطار، وإذا كان أحد من الموساد يراقبها فسيدرك أنها بين أهلها ومعارفها، ويقول «جبريل»: «هبطت الطائرة واحتضنها الدبلوماسى صديقها، وما هى إلا دقائق حتى تم تغيير خط مسارها إلى القاهرة»، وتم ذلك بالصعود إلى الطائرة المصرية المتجهة من طرابلس إلى القاهرة، وكانت أكملت تجهيزاتها للإقلاع وأنوارها مطفأة.

ويؤكد «جبريل»: «ساعدنا نظام القذافى كثيرًا فى هذه القضية، أما المشرف على تجنيدها وإدارتها من رجال الموساد فى إسرائيل فكان مرشحًا لتولى رئاسة الجهاز، لكنه ضرب نفسه بالرصاص فى اليوم التالى لإعادتها لمصر».

وقضت المحكمة بإعدام «الفقى»، ويؤكد «جبريل» أن إسرائيل ضغطت على السادات عن طريق وزير الخارجية الأمريكية، هنرى كيسنجر، لوقف تنفيذ إعدامها، وفى يوم أن فاتحه «كيسنجر»، رد عليه بأنه «للأسف تم إعدامها اليوم»، ولم تكن أعدمت، ونفذ الإعدام فورًا.

تم نسخ الرابط