قاطع أم كلثوم بسبب قصيدة وكرمه جمال عبد الناصر وأعتزل التمثيل بعد فيلم واحد.. ”الموجز” تحتفي بذكري وفاة العبقري رياض السنباطى

رياض السنباطي
رياض السنباطي

يعد واحدًا من أبرز الموسيقيين العرب، تعاون مع عدد كبير من نجوم الزمن الجميل وقدم ألحان أشهر الأغاني التي مازلت في أذهان الجميع حتي الآن وبقيت خالدة في وجدان محبي الموسيقى العربية، رحل العبقري رياض السنباطي في مثل هذا اليوم عام ١٩٨١، وترك خلفه موسوعة كبيرة من المؤلفات الموسيقية من أروع ما تحتويه مكتبة الموسيقى العربية.

ولد رياض السنباطي في ٣٠ نوفمبر عام ١٩٠٣ بمحافظة دمياط، وكان والده مقرئًا تعود علي الغناء في الموالد والأفراح والأعياد الدينية في القرى والبلدات الريفية المجاورة، ونشأ الفتى الصغير على عزف وأغاني والده، ففي إحدى الأيام ضبطه والده عند جارهم النجار هاربًا من المدرسة، يضرب على العود ويغني بصوته أغنية "الصهبجية"، لسيد درويش فأعجب بصوته.

وهو في التاسعة من عمره أصيب بمرض في عينه، مما تسبب في خروجه من المدرسة وذلك لأنه أصبح لم يستطع علي القراءة والكتابة، وهو ما دفع بوالده الي التركيز على تعليمه قواعد الموسيقي وايقاعاتها.

وبسبب عشقه للموسيقي أستجاب السنباطي لوالده بشكل كبير فأستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم "بلبل المنصورة"، وقد استمع الشيخ سيد درويش لرياض فأعجب به أعجابًا شديدًا وأراد أن يصطحبه إلى الإسكندرية لتتاح له فرصًا أفضل، ولكن والده رفض ذلك العرض بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.

قرر والده أن ينتقل إلي القاهرة بصحبة نجله في عام ١٩٢٨ وذلك حتي يفتح له أبواب أكثر في مجال الفن فهو كان يرى أنه يستحق أن يثبت ذاته في الحياة الفنية، مثله مثل أم كلثوم التي كان والدها صديقًا له، في ذلك العام بدأ السنباطي مرحلة جديدة من حياته لا يمكن وصفها بالسهولة.

فهو واجه الكثير من الصعوبات لإثبات ذاته وسط منافسة شرسة، لذلك قرر أن يتقدم بطلب لمعهد الموسيقى العربية، ليدرس به فأختبرته لجنة من جهابزة الموسيقى العربية في ذلك الوقت، إلا أن أعضائها أصيبوا بنوع من الذهول، حيث كانت قدراته أكبر من أن يكون طالبًا لذلك فقد أصدروا قرارهم بتعيينه في المعهد أستاذًا لآلة العود والأداء.

ومن هنا أنطلقت مسيرته الفنية وشارك في الكثير من ندوات وحفلات المعهد كعازف بارع، ولم تستمر مدة عمله بالمعهد إلا لثلاث سنوات، وذلك لأنه قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق شركة "أوديون" للاسطوانات التي قدمته كملحن لكبار مطربي ومطربات الشركة ومنهم عبد الغني السيد، ورجاء عبده، ونجاة علي، وصالح عبد الحي.

وبحلول منتصف الثلاثينات تعرف علي كوكب الشرق أم كلثوم، لتبدأ بينهما رحلة طويلة تعد أعظم شراكة موسيقية عربية حدثت على الإطلاق، شراكة قدما خلالها أعمالًا خلدت فى تاريخ الموسيقى والغناء العربي، كما لحن السنباطي لأم كلثوم الكثير من الأغنيات السياسية والوطنية، التي وصل عددها إلى ٣٣ أغنية، أشهرها: "قصيدة النيل، مصر تتحدث عن نفسها، وقف الخلق ينظرون، مصر التي في خاطري، نشيد بغداد، منصورة يا ثورة أحرار، قصة السد، ثوار، راجعين بقوة السلاح، حق بلادك" وغيرهم.

وعلى الرغم من قوة العلاقة التي كانت بين أم كلثوم ورياض السنباطي، إلا أن تلك العلاقة مرت بأزمة وصلت إلى القطيعة بينهما لمدة ثلاث سنوات، بسبب اعتراض أم كلثوم على فقرة بأغنية "يا طول عذابي"، وطالبت السنباطي بتغييرها بعد أن قالت له أنها تكرار للقصبجي، فغضب السنباطي ورفض تغيير المقطع، وتركها وانصرف وبدأت بينهما القطيعة التي استمرت حتى عاد التعاون بينهما من جديد في أغنيتها "فاكر لما كنت جنبي".

حيث بلغ عدد مؤلفاته الغنائية ٥٣٩ عملًا فى الأوبرا العربية والأوبريت والاسكتش والديالوج والمونولوج والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة والمواليا، وبلغ عدد مؤلفاته الموسيقية ٣٨ قطعة، وبلغ عدد شعراء الأغنية الذين لحن لهم ١٢٠ شاعرًا.

خلال مسيرته الفنية حصل السنباطي علي الكثير من الجوائز التقديرية والتكريمات منها وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ووسام الإستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات، وجائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس، وجائزة الريادة الفنية من جمعية كتاب ونقاد السينما، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون والموسيقى، والدكتوراه الفخرية لدوره الكبير في الحفاظ على الموسيقى، من أكاديمية الفنون، وجائزة اليونسكو العالمية وكان الوحيد عن العالم العربي ومن بين خمسة علماء موسيقيين من العالم نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة، كما أنه كان عضوًا لنقابة المهن الموسيقية.

لم تنحصر علاقة السنباطي بالفن في الموسيقى والتلحين فقط، فقد قدم في عام ١٩٥٢ فيلم سينمائي شاركته بطولته الفنانة هدى سلطان وكان من إخراج المخرج حلمي رفلة وعلى الرغم من نجاح الفيلم إلا أن السنباطي الذي قدم فيه مجموعة من الاغنيات التي لاقت الإستحسان لدى الجمهور، لم يفكر في تكرار التجربة من دون إفصاح عن الأسباب إلا انه قال: "لم أجد نفسي في التمثيل فاللحن هو عالمي".

تم نسخ الرابط